سنة على اختطاف بوكو حرام لـ200 فتاة بنيجيريا

الرئيس محمد بوهاري أمام 4 تحديات

حمزة محصول

تمر، اليوم، سنة كاملة على اختطاف جماعة بوكو حرام الإرهابية لـ200 فتاة من ثانوية بمدينة شيبوك شمال نيجيريا، دون معرفة أدنى معلومة عن مكان احتجازهن أو مصيرهن لحد الآن.
بالمقابل، يستعد الرئيس محمد بوهاري، لتولي رئاسة الدولة ومجابهة أربعة تحديات كبرى.

يستذكر العالم مع نيجيريا، مأساة اختطاف الطالبات النيجيريات، في 14 أفريل 2014، إلى وجهة مجهولة من قبل بوكو حرام. وينتظر أن تتجدد المطالبة بإطلاق سراحهن وحث المجتمع الدولي على المساهمة في إنهاء محنة عائلاتهن.
365 يوم مرت، ولم تَفِ السلطات النيجيرية بوعدها حين طمأنت مواطنيها، بعملها على تخليص المختطفات من قبضة التنظيم الدموي في أقرب وقت ممكن. ومع تصاعد حدة التوتر والحرب شمال البلاد، بدأ اليأس يتسرب إلى نفوس ذويهن، فمنهم من يعتقد ببيع الفتيات أو مقتلهن، خاصة بعد العجز عن تحديد مكان الاحتجاز لغاية الآن.
قيام بوكو حرام بخطف 200 فتاة دفعة واحد واقتيادهن إلى وجهة مجهولة، أدى إلى تدويل الأزمة في نيجيريا، حيث أدركت معظم البلدان أن ما يمثله هذا التنظيم من خطر يفوق الجماعات الإرهابية الناشطة في الساحل الإفريقي، فهو يقتل ويحرق وينكل بالأبرياء ويستغل الأطفال في سن 14 سنة في التفجيرات الانتحارية، علما أن نشاطه الإجرامي تصاعد منذ عام 2009 وقضى على 13000 ألف شخص ونزوح مليون ونصف.
كان أول ما أعقب الحادثة وحملة التضامن الدولية الواسعة، انعقاد قمة باريس المصغرة، التي حضرها 7 رؤساء من غرب إفريقيا رفقة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وتوجت بقرار إعلان “حرب شاملة على التنظيم مع تبادل التنسيق والمعلومات ودعم ومساندة فرنسا”، هذه الأخيرة أنهت عملية “سيرفال” بمالي وأعلنت بدلها مهمّة “برخان”، قوامها 3000 جندي ومقاتلات حربية، وتواجد عسكري من جنوب ليبيا إلى المحيط الأطلسي.
لكن الحرب الشاملة الموعودة، لم تحدث بالشكل الذي أرادته نيجيريا، بل حدث العكس، حيث وسعت جماعة بوكو حرام من هجماتها إلى شمال الكاميرون وألحقت خسائر بالجيش النيجيري، قبل أن تتدخل تشاد مكملة القوة الثلاثية، لتعيد التوازن وتخلص عديد المدن والقرى من قبضة التنظيم الإرهابي.
ومع مجازر بوكو حرام، تدني أسعار النفط، فضائح الفساد وانتخابات رئاسية في ظروف حرجة، قطعت نيجيريا أحد أسوإ الأعوام في تاريخها منذ استقلالها العام 1960 عن المستعمر الإنجليزي.
لكن مع انتخاب الرئيس الجديد محمد بوهاري، مطلع الشهر الجاري، بات يحق لها أن تتطلع إلى تجاوز الوضع الراهن، عبر الشروع في تنفيذ ما وعد به الجنرال المتقاعد في حملته الانتخابية.
ما ينتظره الشعب النيجيري، من رئيسه بوهاري، كبيرا جدا، بدءاً من استعادة الأمن وتحقيق الاندماج الاقتصادي، وصولا إلى القضاء على الفساد، وانتهاء بإعادة اللحمة للنسيج الاجتماعي.
كافة الخبراء في شأن القوى الاقتصادية الأولى بإفريقيا، رغم الظروف العسيرة التي تعرفها، يجمعون على أن البؤس الاجتماعي في الشمال سبب تنامي التطرف وقدرة تنظيم جماعة بوكو حرام على استقطاب الشباب البطال، في ظل إحصائيات تتحدث عن 40 مليون شاب بطال في نيجيريا، و60 من المائة من الشعب يعيشون تحت خط الفقر.
ويرون أن الخلل في توزيع الثروة بين جنوب غني تتواجد به الصناعة البترولية، وشمال لا يأخذ حقه من التنمية، جعل الصراع يأخذ توجها إثنيا، بين مسلمي الشمال ومسيحيي الجنوب.
ومع رئيس مسلم ينحدر من الشمال، يعد بتحقيق المساواة بين الجميع وتكريس الديمقراطية، بناء على معرفته الدقيق بموطن الخلل، يمكن للنيجيريين التفاؤل بتجاوز عقبة الاختلاف.
ووضع بوهاري، تطهير البلد من الإرهاب بالقول، “بوكو حرام ستقيم بسرعة إرادتنا وعزيمتنا على تخليص الوطن من الرعب” أولية له بعد إعلان فوزه مباشرة، إلى جانب محو الفساد. وللنجاح في التحدي الأول، يدرك بوهاري، أن إعادة هيكلة الجيش وتكوينه ومنحه ما يستحق من عدة وعتاد وتحفيز، مفتاح الحل.
فبصفته جنرالا متقاعدا، وسبق أن تقلد الحكم من 1983 إلى 1985 بانقلاب وغادره بانقلاب آخر، أن الجيش الذي يفر من المدن ويترك وراءه الأسلحة والثكنات والبنوك، فرارا من عناصر بوكو حرام، ليس بمقدروه الدفاع عن البلد، ويعلم أيضا أن الخلل يكمن في الفساد وتحويل الأموال المخصصة له.
وسيكون تطبيق شعار “المكنسة”، الذي خاض به بوهاري الانتخابات، أمام امتحان صعب، “فكنس الفساد من الإدارة، سواء على مستوى مؤسسة الجيش أو الصناعة البترولية، “معركة لا تقل حدة عن الحرب ضد بوكو حرام.
في الميدان الاقتصادي، وإضافة إلى تحقيق العدل في اقتسام الثروة والحق في التنمية بين مختلف مناطق البلاد، يفكر محمد بوهاري مليّا في بناء اقتصاد قوي خارج قطاع المحروقات التي تمثل مداخيلها 70 من المائة من الموارد المالية للدولة، خاصة بعد تهاوي أسعار النفط.  فإيجاد البديل وتوفير الشغل للشباب مطلب شعبي وحتمية لبقاء البلاد في ريادة اقتصاد القارة.
نيجيريا ليست أية دولة في إفريقيا، فهي الأكثر كثافة سكانية بتعداد 177 مليون نسمة، وتعتبر مكسبا اقتصاديا مهما للبلدان المجاورة لها، وعاملا رئيسيا في بسط الاستقرار في منطقة غرب إفريقيا، وتاريخ انطلاقتها الجديدة ستكون يوم 29 ماي 2015، حين ينصب بوهاري رئيسا جديدا للبلاد.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024