يبدو بأنّ المغرب لا يكترث بالوضع المعيشي الكارثي لشعبه، ولا يعير اهتماما للاحتقان الاجتماعي الذي يهدّد استقراره، مفضّلا تركيز اهتمامه وتوجيه أمواله لاقتناء مزيد من الأسلحة، حيث أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أمس الأول أن وزارة الخارجية وافقت على إمكانية بيع صواريخ “إف.آي.إم-92.كيه ستينجر” للمغرب بقيمة 825 مليون دولار.
يأتي الاهتمام المخزني بالتسليح، في وقت تفشل الحكومة المغربية مرة تلو الأخرى في تلبية الحد الأدنى من تطلعات المواطنين وتتمادى في سياساتها اللاشعبية التي أفضت إلى تعميق معاناة الطبقات الوسطى والفقيرة وسط تصاعد مؤشرات الغلاء، وتدهور القدرة الشرائية وغياب أي إرادة حقيقية للإصلاح.
وقد وجّهت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في بيان لها انتقادا صارما لحكومة المخزن، محذّرة من خطورة الاستمرار في ضرب القدرة الشرائية للمغاربة بسبب الارتفاع المهول لأسعار المواد الأساسية والمحروقات، وهو ما انعكس سلبا على معيشة الأسر وأجّج الاحتقان الاجتماعي.
وطالبت المركزية النقابية بضرورة الزيادة العامة في الأجور والمخصّصات التقاعدية وتفعيل السلم المتحرك بين الأجور والأسعار، محمّلة الحكومة مسؤولية ما وصفته بـ “الإخلال الصريح بالتزاماتها الاجتماعية”، واعتمادها منطق الانتقائية في الحوار وفق أجندة “الباطرونا” ومصالح رأس المال.
كما نبّهت الكونفدرالية في بيانها إلى تصاعد مظاهر الامتيازات غير المستحقة والفساد الإداري والمالي، وتفاقم التهميش الاجتماعي والإقصاء واستفحال البطالة، إلى جانب تمركز الثروة في يد أقلية فاحشة الثراء، ممّا يهدّد الأمن الغذائي والطاقوي ويعمق الهوة بين الجهات والمجالات، نتيجة تفاقم نسب التضخم وعجز المخططات الحكومية عن تحقيق العدالة الاجتماعية.
واستنكرت أيضا التضييق الممنهج على الحريات النقابية، وعلى رأسها حرية التنظيم ومنح وصولات الإيداع للمكاتب النقابية، مطالبة في السياق ذاته بإطلاق سراح معتقلي الحراك الاجتماعي والمدونين، ونشطاء القضية الفلسطينية كخطوة ضرورية لانفراج سياسي واجتماعي حقيقي.
وجدّدت الكونفدرالية رفضها القاطع للقانون التنظيمي للإضراب، واصفة إياه بـ “القانون الفاقد للشرعية”، مطالبة بإعادته الى طاولة الحوار الاجتماعي لصياغته بتوافق تام بين مختلف الأطراف. كما حذّرت من خطورة تمرير مشاريع قوانين تمس بالحقوق الاجتماعية التي تستهدف مكتسبات العمال.
من جهته، انتقد فريق حزب العدالة والتنمية بشدة الأداء “الفاشل” لحكومة المخزن، معتبرا أنّ رئيسها عزيز أخنوش غارق في العجز السياسي، وغير قادر على مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تثقل كاهل المواطنين، وتقوّض شروط العيش الكريم.
واتّهم الحزب أخنوش بتجسيد نموذج المسؤول الغائب على رأس الحكومة، حيث تتراكم الملفات وتتفاقم الأزمات في ظل صمت رسمي يعبّر عن استخفاف واضح بمطالب الشعب ومصالحه.
واعتبر الحزب أنّ استمرار هذا النهج القائم على العشوائية وغياب الرؤية سيعمق الفوارق الاجتماعية، ويجهز على ما تبقى من ثقة المواطنين في المؤسسات، مشدّدا على أنّ النقابات باختلافها والأحزاب جلها وحتى المجالس المنتخبة أجمعت على فشل الحكومة في إدارة الشأن العام وتعميق الفجوة بينها وبين الشعب، في وقت يتطلّب فيه الوضع انفراجا حقيقيا لا شعارات زائفة ولا وعودا جوفاء.