حذّر ممثل مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أجيث سونغاي، من أن الآلية المدعومة أمريكيا ويشرف عليها الاحتلال الصهيوني لتوزيع مساعدات إنسانية في قطاع غزة “غير مستدامة” وتنطوي على “إذلال” يفاقم معاناة الفلسطينيين الذين يتعرضون لـحرب إبادة متواصلة منذ أكثر من 20 شهراً.
وخلال مقابلة إعلامية في جنيف، تحدّث سونغاي عن مخاطر هذه الآلية، مشيراً إلى أنها تحمل “إذلالاً” يضاعف من المعاناة الإنسانية التي يعيشها سكان قطاع غزة، و«تفتقد للإنصاف والحياد والاستقلالية”، كما أنها “غير مستدامة”.
وأضاف: “الوضع في غزة مأساوي لدرجة يصعب وصفه بالكلمات؛ هناك مجاعة واضحة، وسكان يعانون من سوء تغذية ظاهر للعيان في ظل قصفٍ مستمر، وفي خضم هذه المعاناة نجد خطة توزيع مساعدات بها مشاكل جوهرية، بدءاً من مبدأ الحياد، مروراً بالاستقلالية والإنصاف، وانتهاء بمخاطرها العملية”.
ومنذ أيام، بدأت “مؤسسة غزة الإنسانية” التي يشرف عليها الاحتلال الصهيوني والمدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية المرفوضة أممياً، بتوزيع مساعدات شحيحة جداً في مناطق في جنوب ووسط قطاع غزة، وذلك لإجبار الفلسطينيين على الجلاء من الشمال وتفريغه.
واقــع مرير لا يمكـن قبولــــه
وعليه، جدد المسؤول الأممي المطالبة بضرورة وصول المساعدات إلى حيث يوجد الناس “لا أن يُجبروا على المخاطرة بحياتهم للوصول إليها”. وأشار المسؤول الأممي إلى أنّ المشاهد الصادمة التي وثقتها عدسات المصورين وتظهر تزاحم المدنيين خلف الأسلاك الشائكة في طوابير مذلة للحصول على الطعام الذي توزعه تلك المؤسسة المدعومة أمريكياً ويشرف عليها الكيان الصهيوني المحتل “تعكس واقعاً مريراً لا يمكن قبوله”.من ناحية أخرى، أكد سونغاي أنّ الأمم المتحدة، بما في ذلك المفوض السامي فولكر تورك “دقّا ناقوس الخطر مراراً بشأن استخدام التجويع سلاحاً جماعياً”. وناشد قائلاً: “تجويع المدنيين، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن، هو انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني ويجب أن يتوقف فوراً”.
وبسياسة متعمدة تمهد لتهجير قسري، وفق الأمم المتحدة، مارس الكيان الصهيوني المحتل تجويعاً بحق 2.4 مليون فلسطيني في غزة، عبر إغلاق المعابر منذ 2 مارس الماضي بوجه المساعدات الإنسانية لاسيما الغذاء، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع.
وشدّد سونغاي على أنّ المجتمع الدولي “مطالب بالتحرّك فوراً” لوقف هذه الكارثة. وأردف: “تحدثنا مراراً عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في غزة، وحان الوقت لكي تتحمل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مسؤولياتها. يجب أن نتحرك الآن، وإلا سنرى المزيد من القتلى والمزيد من المعاناة. هذه الحرب يجب أن تتوقف”.
لا تتناسب مع حجم المأساة الإنسانية
وبدوره أكد المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” فيليب لازاريني، أن حجم المساعدات المرسلة إلى غزة لا يتناسب مع حجم المأساة الإنسانية التي يشهدها القطاع.
وأضاف لازاريني في تصريح صحفي أمس السبت، أن “المجاعة في غزة يمكن وقفها إذا توافرت الإرادة السياسية، وما نطلبه ليس مستحيلا”، داعيا إلى تمكين الأمم المتحدة من أداء دورها في تقديم المساعدات للسكان المحتاجين وحماية كرامتهم”. وكان أعلن، عن أن 900 شاحنة مساعدات دخلت غزة خلال الأسبوعين الماضيين، ما يمثل 10% فقط من الاحتياجات اليومية لسكان القطاع، مضيفا أن إيقاف المجاعة الحالية في غزة يتطلب إرادة سياسية. وطالب لازاريني بالسماح لوكالات الأمم المتحدة والمنظمات العاملة في المجال الإنساني، باستئناف عملهم في غزة، بعد إيقاف دخول شاحنات المساعدات منذ الثاني من مارس الماضي. وأوضح المسؤول الأممي أنه خلال وقف إطلاق النار السابق نجحت “الأونروا” ومنظمات أخرى في إدخال من 600 - 800 شاحنة مساعدات يوميا.