لا تزال لوبيات الفساد تحكم قبضتها على مفاصل الدولة المغربية، مستغلة نفوذها في صياغة قوانين تحمي مصالحها وتكرس الإفلات من العقاب، بينما تتوالى الأزمات على المواطن دون حلول تذكر.
أكّد محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي، أن “هذه الشبكات تستمر في تعزيز سيطرتها عبر تكميم الأفواه وتمرير قرارات تضرب الحقوق الأساسية في الصميم، فيما تقف الحكومة موقف العاجز، متفرّجة على تغوّل الفساد وفشل السياسات العامة”.
وهذه الشّبكات المستفيدة من الفساد، يضيف الغلوسي، “تعمل على تهيئة كل الشروط القانونية لتكريس واقع من الخوف وتكميم الأفواه، حيث يسعى هذا اللوبي إلى تمرير قوانين جائرة مثل القانون التنظيمي الذي يجرم حق الإضراب، وهي الوسيلة الوحيدة التي تبقى للطبقة العاملة للدفاع عن حقوقها ضد تغول الشركات الكبرى والإدارة”.
واستغرب الغلوسي من سكوت الأحزاب الديمقراطية، الممثلة في البرلمان وغير الممثلة، على هذا التوجه “الخطير” الذي يدفع في اتجاه “تأجيج عوامل الغضب والاحتقان”، على حد قوله. وشدّد رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، على أن “الفساد في المغرب يعد أداة خطيرة تستخدم لتقويض مؤسسات الدولة وإضعاف المجتمع، فاللوبيات المستفيدة من هذا الوضع تتلاعب بالقوانين، وتحول المرافق العامة إلى مصادر للثراء غير المشروع، حيث أصبحت قطاعات حيوية كالتعليم والصحة رهينة شبكات المصالح، التي تهدر المال العام دون رقيب أو محاسبة، تاركة المواطن يعاني من خدمات متردية وبنية تحتية متآكلة وموارد شحيحة لا تكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية”.
وتابع قائلا: “المثير للاستغراب أنّ الفساد لا يستشري في الخفاء فقط، بل يتم بمباركة ضمنية أو صريحة من بعض الجهات الرسمية التي تغض الطرف عن الجرائم الاقتصادية وتسهل استنزاف ثروات الشعب، مشاريع تنموية تتوقف، وخطط إصلاح تدفن قبل أن ترى النور والنتيجة هي تعطيل عجلة التنمية وتعميق الفجوة بين فئة صغيرة تستفيد من الثروات وفئات واسعة تعاني من الفقر والتهميش”.
وفي ظل هذا الوضع، يضيف الغلوسي، “يفقد المواطن ثقته في المؤسّسات، حيث يرى أن القضاء على الفساد ليس أولوية لدى الحكومة، بل أنّ بعض القوانين المقترحة تسعى إلى تضييق الخناق على محاولات فضح الفساد وكشف المتورّطين”.