مجرمون ملطّخة أياديهم بدماء أبرياء يعبثون بالمغرب الأقصى
حذّر كتّاب وإعلاميّون مغاربة وفي العالم العربي من مساعي المخزن لمنح الجنسية لأبناء وأحفاد اليهود «المغاربة» لأنّ الهدف منه هو «صهينة» المملكة وتوطين الصّهاينة في المغرب، داعين الشعب للوقوف ضد هذا المخطط.عبّر الكاتب المغربي المقيم بايطاليا، أمين بوشعيب، عن «مخاوفه الكبيرة» من هذا الملتمس التشريعي (مقترح) الخاص بتجنيس أبناء وأحفاد اليهود «المغاربة»، والذي تنوي الحكومة المخزنية تمريره، لأن المراد منه «توطين الصهاينة بالبلاد».
وفي مقال له، أوضح بوشعيب أنّ ما لا يعرفه الكثيرون أنّ مؤسّسي الحركة الصهيونية اقترحوا في 1903 خطة باسم «خطة المغرب» من أجل توطين جزء من اليهود في غرب المغرب، غير أن هذه الخطة «أرشفت» مع العديد من الخطط الأخرى التي قدّمت لليهود من أجل إيجاد «وطن» لهم، حسب ما ذكرته العديد من المصادر.
وأكّد الكاتب أنّ الكثير من المغاربة تفاجأوا الأيام الأخيرة بإعلان الوزارة المغربية المكلفة بالعلاقات مع البرلمان تلقّيها ملتمسا تشريعيا يطالب أصحابه بـ «منح الجنسية المغربية لجميع أبناء وأحفاد اليهود المغاربة»، والذي يهدف إلى «تمتيع أبناء وأحفاد اليهود المغاربة بحقوقهم الدستورية والسياسية والدينية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها»، إلى جانب «إدماجهم في المجتمع».
وحسب المتحدّث، فإنّ هذا الملتمس «مثير للشّبهة» لأنّ الوزارة المعنية لم تكشف عن هويّة أصحاب المقترح، مشيرا إلى أنّه إذا كانت الحكومة قد أعلنت عن أنّها ستقوم بتبليغ أصحاب الملتمس بقرار قبوله أو رفضه في أجل أقصاه 15 يوما، فالشّعب المغربي قال كلمته في حينه، وهي الرفض القاطع للملتمس لأنّ تمريره يؤدّي إلى تجنيس وتوطين قتلة متورّطين في جرائم إبادة للشّعب الفلسطيني.
ولا يستبعد بوشعيب أن يكون المقترح التشريعي الذي تنوي حكومة أخنوش تمريره «بداية لتنفيذ مخطط خطة المغرب»، وهو ما يجعل اليهود يعتلون أعلى المناصب في الدولة»، قائلا: «قد نتفاجأ في يوم من الأيام أن يتربّع أحد مجرمي الحرب الصهاينة منصبا من المناصب العليا في الدولة، كمنصب رئيس الحكومة المغربية وعبر صناديق الاقتراع».
وفي السياق يتساءل: «لا أدري إن كانت هذه الحكومة على علم بأن القانون المغربي يجرد كل من أعلن عن تخليه عن الجنسية المغربية منها أو الذي يؤدي مهمة أو يشغل وظيفة في مصلحة عمومية لدولة أجنبية أو في جيش أجنبي إذا كان شغل هذه المهمة أو الوظيفة يتعارض مع المصلحة الوطنية».
وهو ما ينطبق - بحسب الكاتب - «على اليهود المغاربة الذين تخلّوا عن جنسيتهم المغربية عندما هاجروا إلى فلسطين لاحتلالها، وأصبحوا بعد ذلك يؤدون مهاما في جيش الاحتلال الصهيوني»، مستطردا بالقول: «ومهما يكن - سواء أكانت تدري حكومتنا أم لا تدري - فالشعب المغربي لن يقبل بتمرير هذا الملتمس المكشوف الذي يهدف إلى صهينة المغرب عبر منح الجنسية المغربية لصهاينة مشاركين في الجرائم المرتكبة في غزة ولبنان».
وشدّد على أنّه «مثل ما انتفض المغاربة ضد التطبيع، فإنّهم سينتفضون أيضا لإسقاط هذا الملتمس المشبوه»، مستدلا بالمسيرات الاحتجاجية عبر مختلف مدن البلاد الداعمة للشعب الفلسطيني والمساندة للمقاومة والمصرّة على رفض التطبيع المشؤوم.
وخلص بوشعيب إلى التأكيد على أن «المغاربة لن يتنازلوا ولن يسمحوا لأي كان - مهما علا منصبه - أن يدنّس تاريخ أجدادهم الذين قدّموا أرواحهم فداء للقدس، سواء بتطبيع العلاقات مع الصهاينة المجرمين أو من خلال تمرير ملتمس تجنيس اليهود المغاربة وأبنائهم وأحفادهم».
من جهته، ناشد الكاتب والإعلامي العربي عبد الباري عطوان في مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، الشعب المغربي الذي خرج في مئات المظاهرات الداعمة لفلسطين والرافضة للتطبيع، للوقوف ضد هذا الملتمس التشريعي، ورفض عودة الصهاينة المجرمين إلى المغرب.
وأوضح أنّ «الصّهاينة الآن يخطّطون لمرحلة ما بعد الانهيار والهروب من فلسطين، وأنه يحوز على معلومات دقيقة مفادها أن أكثر من مليون وربع مليون صهيوني فرّوا من فلسطين المحتلة نحو الدول الغربية، خاصة أوروبا، بسبب ظروف الحرب».
وأضاف أنّ اليهود المغاربة لا يمكنهم الذهاب نحو أوروبا لأنهم لا يملكون جوازات سفر أوروبية وليس لهم مكان يذهبون إليه غير المغرب، لذا جاء الملتمس التشريعي لمنح الجنسية المغربية لأبناء وأحفاد اليهود المغاربة تمهيدا لعودتهم، مشدّدا على أنّه «لا مكان لهؤلاء المجرمين الملطّخة أيديهم بدماء الأبرياء على أي أرض عربية بل يجب أن يحاكموا على جميع جرائمهم بحق المدنيّين الأبرياء في فلسطين ولبنان».
تعميــم واستمــرار الفساد
على صعيد آخر، حذّر رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد الغلوسي، من استمرار الفساد والرشوة ونهب المال العام والإثراء غير المشروع، وإجهاض أحلام المغاربة في التنمية والعدالة والكرامة، مؤكّدا أنّه «توجّه خطير يهدد الدولة والمجتمع، ويفتح أبواب البلد على مستقبل مجهول».
وفي منشور له على مواقع التواصل الاجتماعي، انتقد الغلوسي بشدة استشراء الفساد في مفاصل الدولة المخزنية الذي وصل إلى مستويات قياسية»، مضيفا أن «الذين يستفيدون من الفساد والنهب ويراكمون الثروة عن طريق استغلال مواقع المسؤولية والتلاعب في الصفقات العمومية يفضلون اللعب على الكلمات والتسميات...».
وشدّد الحقوقي المغربي على أنّ «لوبي الفساد والريع لا يهمه أن نصبح مثل البلدان المتطورة، ونتقدم في مؤشرات التنمية ومكافحة الفساد ومناخ الأعمال والاستثمار بل ما يهمه أكثر هو الاجتهاد والمناورة في مقاومة وعرقلة كل الإصلاحات (...) بغاية تعميم وضمان استمرار واقع الفساد والرشوة والريع، ونهب المال العام والإثراء غير المشروع».
كما شدّد المتحدّث على أنّ «الفساد وصل إلى مستويات خطيرة، حيث يقوم بعض المسؤولين بتأسيس شركات بأسماء أقاربهم لنهب الثروات والصفقات العمومية بطرق غير مشروعة»، مجدّدا التأكيد أن «الفساد المستشري يعمّق مشاعر الظلم ويفقد المواطنين ثقتهم في مؤسسات الدولة، ممّا يهدّد استقرار المجتمع وأمنه».
وفي تصريحات سابقة، أكّد الغلوسي أنّ «المجتمع المغربي لا يزال يؤدي فاتورة تكلفة الفساد بالبلاد، وأنّ أشخاصا استغلوا الوظيفة والسلطة والقرار العمومي، واستفادوا من امتيازات لا حصر لها ليراكموا ثروات ضخمة».
وأضاف: «هؤلاء أصبحوا يشكّلون خطرا على مؤسسات الدولة والمجتمع، وتحوّلوا إلى شبكات مافيا خطيرة تهدد التماسك والسلم الاجتماعيين عبر السعي بمختلف الأساليب إلى تقويض القانون والعدالة، مستغلين غياب ربط المسؤولية بالمحاسبة ووجود بيئة مشجعة على الفساد والرشوة».
وأكّد المتحدّث ذاته، أنّ الحقيقة الثابتة اليوم هي أنّ «الحيتان المستفيدة من واقع الفساد والرشوة والريع ونهب الأموال العمومية والإثراء غير المشروع قد تحوّلت إلى غول كبير وشبكات معقّدة من المصالح (...)».
وكانت تقارير إعلامية مغربية قد كشفت أن عدة مؤسسات رقابية تلقت شكاوى تفيد بتورط شركات تابعة لشخصيات نافذة في ارتكاب جرائم اقتصادية ومالية خطيرة تشمل اختلاس الأموال العامة بطرق احتيالية، مبرزة بأنّ هذه الأموال كانت مخصصة لتحسين الأمن الغذائي والاقتصادي للبلاد.
وأكدت هذه التقارير أنّ الشكاوى مدعمة بوثائق رسمية، منها أحكام قضائية تميط اللثام عن «خروقات وتلاعبات مالية خطيرة أضرت بمشاريع حيوية بالمملكة»، مشيرة إلى أنّ رجال أعمال ومسؤولين كبار متورطين في هذه الجرائم، وأن حجم الفساد والتلاعب في الأموال العمومية كبير، ما أدّى إلى عرقلة تنفيذ العديد من المشاريع التنموية في القطاع الزراعي والصناعات التحويلية، والصيد البحري.
وحسب المصادر، من أبرز الأساليب المستخدمة في نهب المال العام، «تقديم الشركات تقارير مزوّرة تدّعي فيها إتلاف كميات كبيرة من المنتجات غير الصالحة للاستهلاك، بينما يتم في الحقيقة بيع هذه المنتجات في السوق المحلي بأسعار مرتفعة بعد الحصول على الدعم».
هزيمـة ذريعـة للمغــرب
تأتي هذه التّطوّرات في ضوء الهزائم المتتالية لنظام المخزن على المستوى الدبلوماسي، حيث أكّد ممثل جبهة البوليساريو بالمملكة المتحدة، سيدي أبريكة، أنّ القرارات الصادرة مؤخرا عن محكمة العدل الأوروبية تشكل انتصارا عظيما للشعب الصحراوي وهزيمة ذريعة للمغرب وكل أنصاره في الإتحاد الأوروبي الذين حاولوا بكل الطرق تقويض القانون والشرعية الدوليين من خلال القفز على حق الشعب الصحراوي ومواصلة نهب ثرواته.
وجاء التصريح خلال ندوة نظّمها البرلمان البريطاني، مؤخرا، حول الصحراء الغربية، على ضوء الأحكام الأخيرة لمحكمة العدل الأوروبية التي تقضي ببطلان اتفاقيتين تجاريتين بين الإتحاد الأوروبي والمغرب.
وشدّد الدبلوماسي الصحراوي، حسب ما ذكرته وكالة الأنباء الصحراوية «وأص»، على أنّ هذا الحكم سيشكّل «قاعدة أساسية تضاف إلى ترسانة الأحكام والقوانين التي يتسلح بها الشعب الصحراوي وجبهة البوليساريو في كفاحهما العادل».
وقال إنّ الجمعيات والبرلمانيّين الذين حضروا هذه الندوة ساهموا في نجاح المهمة، ويبقي الاستمرار على نفس النهج وتضافر الجهود، كون المعركة من أجل انتزاع حقوق الشعب الصحراوي مستمرّة، ولا تتوقف حتى تحقيق تقرير المصير والاستقلال.وأضاف أبريكة: «نثمّن عاليا المجهودات الجبّارة التي قامت بها حركة التضامن مع قضيتنا العادلة منذ نهاية السبعينات، وبالخصوص عندما قرّرت جبهة البوليساريو التصعيد في المعركة القانونية».
من جهته، استعرض الناشط الحقوقي المحفوظ محمد لمين بشري، خلال مداخلته، أهمية هذا الحكم باعتباره نهائيا وغير قابل للطعن، مؤكّدا على المرجعية القانونية للقضية الصحراوية باعتبارها قضية تصفية استعمار، مبرزا تأكيد المحكمة على مبدأ موافقة الشعب الصحراوي على أي اتفاقية تشمل ثرواته الطبيعية. هذه الموافقة - يضيف المتحدّث - التي لا يمكن أن تتم إلا عن طريق ممثله الشرعي والمعترف به دوليا، جبهة البوليساريو.كما تطرّق المشاركون في اللقاء إلى واقع حقوق الإنسان في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية، حيث تمّ استعراض أبرز الانتهاكات الموثقة في التقرير الأخير لمجموعة العمل الخاصة بحقوق الإنسان في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية.
واختتمت الندوة بالتأكيد على ضرورة مواصلة النضال بكافة الطرق والوسائل، خاصة في المملكة المتحدة التي عرفت بموقفها المبدئي في دعم مبدأ تقرير المصير لصالح الشعب الصحراوي كأساس لأي حل أممي، وهو الموقف الذي طالب المشاركون الحكومة الجديدة بالمحافظة عليه، وتعزيزه من خلال الضغط على المغرب للانصياع للشرعية الدولية، ومطالبته بإنهاء احتلاله اللاّشرعي لأراضي الجمهورية الصحراوية، والوقف الفوري لانتهاكات حقوق الإنسان ونهب الثروات.
يشار إلى أنّ الندوة التي شهدت تقديم عرض مفصّل عن أبرز النقاط التي تضمّنتها أحكام محكمة العدل الأوروبية الصادرة في 4 من أكتوبر الجاري، حضرها النائب المستقل جيريمي كوربين ورؤساء الجمعيات المنظمة، وأعضاء من السلك الدبلوماسي وصحافيّون وطلبة وعديد منظمات المجتمع المدني في المملكة المتحدة، إلى جانب جمع من المتضامنين والجالية الصّحراوية في المملكة المتحدة.