”أونـروا”: شمـال غــزة يعيــش كارثــة إنسانيـة حقيقيـة
يمعن جيش الاحتلال الصهيوني في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية وشن غاراته الجوية والمدفعية، ونسف المنازل، والتهجير القسري، واستهداف المدارس ومراكز الإيواء والمستشفيات في شمال قطاع غزة، وذلك لليوم الـ19 على التوالي، وسط حصار مشدّد، ما خلف المئات من الشهداء والجرحى.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، أمس الأربعاء، بأن المواطنين يعانون ظروفا غاية في الصعوبة، في ظل القصف المستمر والعنيف من قبل طائرات الاحتلال ومدفعيته، حيث تواجه المستشفيات حصارا مشددا، ومنع الدخول والخروج منها، مشيرة إلى أن شهود عيان يروون تفاصيل مرعبة عن جرائم الاحتلال ووحشيته في الشمال، وحتى الأطفال ضاعوا عن أمهاتهم خلال النزوح القسري، عدا عن المصير المجهول للمئات منهم، ناهيك عن عدم توفر أكفان لستر أجساد الشهداء.
وأفرغ جيش الاحتلال الصهيوني اليوم مدرسة “الفاخورة” في مخيم جباليا من النازحين، وجرد عددا من النازحين من ملابسهم، وأمرهم بالتوجه إلى نقطة تفتيش قرب المستشفى الإندونيسي، فيما اضطر النازحون لدفن جثامين شهداءهم في الطرقات العامة دون تكفين، بعد نفاد الأكفان جراء الحصار المطبق والقصف المكثف الذي يشنه جيش الاحتلال على المنطقة منذ 19 يوما.
كما تفاقمت حالة المجاعة وأزمة العطش بشكل كبير جدا في شمال القطاع، مع رفض الاحتلال إدخال أي شاحنات تحمل مواد غذائية أو مساعدات.
تصعيـد خطــير..
وشنّ الاحتلال الصهيوني، فجر أمس الأربعاء، عدوانا عسكريا خطيرا على شمال قطاع غزة، حيث شنّت الطائرات الحربية أكثر من 20 غارة على مناطق متفرقة من القطاع.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، نقلا عن مصادر طبية، باستشهاد وإصابة العشرات، بينهم نساء وأطفال إثر استهداف منازل المدنيين، حيث استهدفت غارة صهيونية منزلا غرب جباليا البلد، شمالي القطاع، ما أدى إلى استشهاد وإصابة العديد من المواطنين.
وأكدت مصادر محلية سماع دوي انفجارات قوية في منطقة الصفطاوي، وسط إطلاق نار مكثف من آليات الاحتلال.
كما استهدفت طائرات الاحتلال مخيم جباليا مستخدمة القنابل الثقيلة، بالإضافة إلى ضربات في منطقة التوام، شمال غربي مدينة غزة، ومحيط بركة الشيخ رضوان.
وفي قصف سابق، استهدف الاحتلال الصهيوني مدرسة زيد بن حارثة في بيت لاهيا، والتي كانت تؤوي نازحين، مخلفا استشهاد سبعة مواطنين.
قوافـل الشهـداء تتـوالى..
استشهد ثمانية مواطنين وأصيب آخرون بجروح مختلفة، فجر أمس الأربعاء، في قصف طائرات الاحتلال الصهيوني أنحاء متفرقة في قطاع غزة، وأفادت مصادر طبية باستشهاد أربعة مواطنين وإصابة آخرين في قصف طائرات الاحتلال شرق حي التفاح.
واستشهد مواطنان في استهداف الاحتلال مركبة مدنية على شارع صلاح الدين، قرب مفترق أبو هولي جنوب دير البلح، وسط القطاع.
عـدوان بالضفة الغربيـة
اعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني، فجر أمس، عددا من المواطنين عقب اقتحامها مدينة قلقيلية، وأفادت مصادر فلسطينية محلية بأن قوات الاحتلال اقتحمت المدينة، وتحديدا حي القرعان، واعتقلت عددا من المواطنين، عقب مداهمة منازلهم وتفتيشها.
وأضافت المصادر أن قوات الاحتلال أفرجت عن بعص المعتقلين في وقت لاحق بعد إجراء تحقيقات ميدانية معهم، كما اقتحمت قوات الاحتلال، بلدة إذنا، غرب الخليل، ونصبت حاجزا عسكريا في منطقة خلة اللبيد وأوقفت المواطنين ودققت في بطاقاتهم.
واقتحمت عدة آليات عسكرية صهيونية بلدة حلحول شمال الخليل، وتجولت في عدة أحياء وشوارع أين اندلعت مواجهات بين قوات الاحتلال والمواطنين، دون أن يبلغ عن إصابات أو اعتقالات.
وتواصل قوات الاحتلال منذ نحو شهرين اقتحامها للبلدة بشكل يومي، ولا تزال تغلق مدخلها الرئيس، وتمنع الأهالي من الخروج منها عبر الطرق الترابية الفرعية.
محذورات أونـروا.. تتحقّـق
وتسبب قطع الاحتلال الصهيوني للاتصالات والإنترنت عن المنطقة قبل عدة أيام، في شح الفيديوهات والصور التي توثق ما يحدث للنازحين، فضلا عن صعوبة التواصل مع الأهالي.
وفي هذا السياق، أكدت القائمة بأعمال المكتب الإعلامي لمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” بغزة، إيناس حمدان، في تصريح صحفي، أن مستوى الأمن الغذائي بقطاع غزة “في خطر”، خاصة في مناطق الشمال التي تشهد كارثة إنسانية، “ومن الضروري السماح بدخول الإمدادات الإغاثية الحيوية، وهي مقومات الحياة من غذاء، وماء، ووقود، ودواء”.
وقالت حمدان إن هذا الوضع “هو ما حذرت منه الأونروا ومؤسسات أممية أخرى منذ أشهر، فالمشاهد في الشمال صادمة ومرعبة والعائلات محاصرة منذ أكثر من أسبوعين، ويتم قصف المنازل، والبنى التحتية، وحتى منشآت وكالة الغوث في تلك المناطق، في ظل عدم السماح بإدخال ما يكفي من الإمدادات والمساعدات الإغاثية للسكان”.
وأوضحت، أنه وفقا للتقارير، فإن “معظم المواد الغذائية نفدت، ولا توجد كميات كافية من المياه الصالحة للشرب، ويسقط عدد كبير من الضحايا إلى جانب الجثامين الملقاة في الشوارع، في ظل عدم إمكانية الوصول إلى الخدمات والرعاية الطبية اللازمة.
والمستشفيات الثلاثة الأساسية التي تعمل هناك تعمل بطاقة استيعابية غير كاملة، وتعرض مستشفيين منهما للقصف المباشر منذ أيام”.
وكان المفوض العام لـ«أونروا” فيليب لازاريني، قد صرّح، الثلاثاء، “أن الناس في شمال غزة ينتظرون الموت فقط، فرائحة الموت في كل مكان، حيث تترك الجثامين ملقاة على الطرق، أو تحت الأنقاض، ويتم رفض البعثات لإزالتها، أو تقديم المساعدة الإنسانية”.
الصهاينة يستكلمـون حرب الإبادة
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى إن “ما يحصل في شمال قطاع غزة وفي جباليا منذ أكثر من أسبوعين هو استكمال لجريمة الإبادة الصهيونية في أبشع صورها وفصولها، من تهجير وتجويع ونسف المربعات السكنية على رؤوس ساكنيها، وحصار المستشفيات وتجمعات النازحين وإجبارهم على النزوح باتجاه الجنوب بالقوة”.
وأشار أن “الحكومة وبتوجيهات الرئيس محمود عباس مستمرة في جهودها واتصالاتها الدولية لوقف هذه الحرب الظالمة”، وطالب مصطفى المنظومة الدولية “بضرورة التحرك لوقف المجازر البشعة، وتنفيذ الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية والقاضي بإنهاء الاحتلال وإزالة آثاره”.
ويواصل جيش الاحتلال الصهيوني عدوانه على قطاع غزة، برا وبحرا وجوا، منذ السابع من أكتوبر 2023، ما أسفر عن استشهاد 42718 فلسطينيا وإصابة 100282 آخرين، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، في حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف المفقودين تحت الأنقاض.