في خطوة تترجم إصرارها على التمسك بحقوق الشعب الصحراوي كاملة، أعلنت جبهة البوليساريو بشكل قاطع رفضها التام لأي مقترحات تسعى للالتفاف على الإطار القانوني المعترف به دوليًا لقضية الصحراء الغربية، مؤكدةً أن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير هو حجر الزاوية الذي لا يمكن تجاوزه في أي عملية سلام.
جاء هذا الموقف خلال اجتماع للمكتب الدائم للأمانة الوطنية لجبهة، برئاسة الأمين العام إبراهيم غالي، حيث شددت البوليساريو على أن الشعب الصحراوي لن يقبل بأقل من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.
وأوضحت الجبهة، في بيانها، أن أي محاولة لتقديم مقترحات بديلة أو حلول منقوصة، بما في ذلك خيار التقسيم، لن تجد سوى الرفض المطلق، مشيرةً إلى أن الالتزام بمبادئ القانون الدولي، وأنه يمثل الطريق الوحيد لتحقيق تسوية عادلة ودائمة.
وأضافت البوليساريو أن موقفها هذا يأتي في سياق التصدي المستمر لمحاولات المغرب الالتفاف على الحقوق المشروعة للشعب الصحراوي، التي تعود جذورها إلى الغزو العسكري للصحراء الغربية في عام 1975، والذي شكّل انتهاكًا سافرًا للقوانين الدولية وقرارات الشرعية الأممية، وذكّرت بأن دولة الاحتلال المغربية، وبعد غزوها العسكري للصحراء الغربية في 31 أكتوبر 1975، قامت بتقسيم إقليم الصحراء الغربية مع موريتانيا في 14 أفريل 1976، في انتهاك صارخ لمبادئ القانون الدولي وللوضع الدولي والسلامة الإقليمية للصحراء الغربية كإقليم خاضع لتصفية الاستعمار.
أي محاولة للمساومة مصيرها الفشل
وأشارت الجبهة إلى أن المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا قد أُحيط علمًا خلال لقائه بقيادة البوليساريو في 3 أكتوبر، بأن أي محاولات للمساومة أو التنازل عن الحقوق الصحراوية المشروعة ستكون مصيرها الفشل، كما شددت على أن الشعب الصحراوي، الذي قدم التضحيات الجسام في سبيل نيل حريته، لن يتراجع عن مسيرة الكفاح والنضال حتى تحقيق استقلاله التام.
وإذ تذّكر بالوضع الدولي للصحراء الغربية كإقليم خاضع لتصفية الاستعمار، المدعم بترسانة قانونية، على مستوى الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وغيرهما من المنظمات الدولية، والتي كان آخر حكم محكمة العدل الأوروبية الصادر مطلع الشهر، فإن جبهة البوليساريو تؤكد وبقوة على رفض الطرف الصحراوي التام والقاطع لأي “مقترحات” أو “مبادرات”، أياً كان مصدرها، لا تكرس وتضمن بالكامل حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف ولا للمساومة ولا للتقادم في تقرير المصير والاستقلال ولا تحترم السلامة الإقليمية للصحراء الغربية.
و كان مبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية “ستافان دي ميستورا “ فاجأ مجلس الأمن الدولي خلال جلسة مغلقة مساء الأربعاء بطرح مشروع “لتقسيم” الصحراء الغربية بين طرفي النزاع.
وردا على ذلك، قال ممثل جبهة بوليساريو لدى الأمم المتحدة سيدي عمر على موقع إكس، إن الحركة “تؤكد بقوة رفضها التام والقاطع لأي مقترحات أو مبادرات”.
وفي قراره الأخير الصادر في أكتوبر 2023، دعا مجلس الأمن الدولي أطراف النزاع إلى استئناف المفاوضات بهدف التوصل إلى “حلّ سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين يسمح لشعب الصحراء الغربية بتقرير مصيره”.
تمديـد “المينورسـو”
هذا، وعقد مجلس الأمن الدولي، الأربعاء بنيويورك، جلسة مشاورات مغلقة حول بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو).
واستمع المجلس برئاسة سويسرا إلى إحاطة من قبل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية، ستافان دي ميستورا الذي قدم عرضا عن نتائج جهوده وأنشطته خلال الأشهر الماضية بما في ذلك زيارته للطرف الصحراوي يوم 3 أكتوبر الجاري.
كما قدم ألكسندر إيفانكو، الممثل الخاص للأمين العام ورئيس “المينورسو”، عرضا عن التطورات الميدانية في منطقة عمل البعثة الأممية.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد أصدر تقريره عن الحالة فيما يتعلق بالصحراء الغربية، حيث أكد أن التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول لقضية الصحراء الغربية يسمح بتقرير المصير للشعب الصحراوي، أصبح “أكثر إلحاحا من أي وقت مضى”، وذلك وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، موصيا الأخير بتمديد ولاية “المينورسو” عاما واحدا.
وعشية انعقاد جلسة مجلس الأمن، بعث الرئيس الصحراوي، ابراهيم غالي، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ضمّنها موقف الطرف الصحراوي من بعض العناصر الواردة في تقرير أنطونيو غوتيريش عن الحالة فيما يتعلق بالصحراء الغربية.
وذكرت الرسالة بأن الصحراء الغربية هي قضية معترف بها من قبل الأمم المتحدة كقضية تصفية استعمار التي ينطبق عليها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 1514 (د-15) حول إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة. وبالتالي، فإن أي حل لإنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية يجب أن يحترم بشكل كامل ويكفل حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.