أكد النائب الأول لرئيس تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان بالصحراء الغربية (كوديسا)، هيباتو الطالب عمار، أن الاحتلال المغربي ضاعف، منذ خرقه لاتفاق وقف إطلاق النار في 13 نوفمبر 2020، من سياسته القمعية بحق المدنيين الصحراويين بالجزء المحتل من الصحراء الغربية.
جاء ذلك في مداخلة للحقوقي الصحراوي خلال أشغال الاجتماع السنوي للجنة الأممية الرابعة، بمقر الأمم المتحدة بنيويورك، حول “المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار”، والتي شرعت منذ الثلاثاء في الاستماع إلى مقدمي الالتماسات بخصوص قضية تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية.
واستهل هيباتو الطالب عمار مداخلته، بالتأكيد على أن منظمة “كوديسا” التي ينتمي إليها ممنوعة من حقها في التأسيس والتجمع ويقوم الاحتلال المغربي بمصادرة جميع أنشطتها، كان آخرها ما تعرضت له بتاريخ 21 أكتوبر 2023 من منع بالقوة لعقد مؤتمرها الوطني الأول بمدينة العيون المحتلة.
جرائــم بـلا عقـاب
في هذا الإطار، أبرز المتحدث جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يمعن فيها الاحتلال المغربي، باستهداف وقنبلة وقتل المدنيين بالطائرات المسيرة (درون) واستخدام القنابل المتطورة واستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والمدونين الصحراويين المتظاهرين سلميا والمطالبين بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والسيادة على الثروات بالصحراء الغربية.
في ذات السياق، استعرض المتدخل نماذج من هذا الاستهداف الممارس على نطاق واسع وبشكل “ممنهج” بحق النساء والشباب والمسنين وذوي الإعاقة من قبل قوة الاحتلال المغربي خلال المظاهرات السلمية ووضع 40 سجينا سياسيا صحراويا رهن الاعتقال، تتراوح الأحكام الصادرة في حقهم ما بين 20 سنة والمؤبد، إلى جانبهم طلبة حكم عليهم ما بين 10 سنوات و12 سنة سجنا نافذا.
ويعاني هؤلاء السجناء السياسيون -يضيف- “من ممارسات عنصرية وانتقامية تتحدد بالأساس في إبعادهم كليا عن عائلاتهم ووضعهم في سجون خارج الصحراء الغربية كإجراء انتقامي. كما يتم تعريضهم للتعنيف والإهمال الطبي والمنع من مجموعة من الحقوق الأساسية المكفولة بقوة القانون الدولي الإنساني وفي القواعد النموذجية الدنيا لحماية السجناء”.
تهجـير قســري
وأشار المتحدث، إلى أن ما أقدمت عليه قوة الاحتلال المغربي من جرائم شملت كافة الشرائح الاجتماعية، بما فيها الفئات الهشة، هدفها وضع حد للمظاهرات السلمية المطالبة بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
كما أبرز استحواذ الاحتلال على الأراضي والضيعات الفلاحية للمدنيين الصحراويين بالعديد من المدن والأرياف بالجزء المحتل وتفويتها لمشاريع استيطانية في محاولة لتغيير المعالم الديمغرافية والجغرافية للصحراء الغربية المحتلة.
كما عمدت قوة الاحتلال المغربي -كما يقول- “إلى مصادرة وتدمير وحرق ممتلكات المدنيين الصحراويين الخاصة بالسواحل وبالأرياف والمدن وإرغامهم على الإخلاء القسري وإبعادهم عن أراضيهم وممتلكاتهم بأغلب سواحل الصحراء الغربية وحرمانهم من مصادر عيشهم ومن فرص العمل وإقصائهم وفرض عليهم سياسة الولاء للاحتلال المغربي مقابل تمتيعهم بحقوقهم وهذا ما دفع الشباب الصحراوي إلى الهجرة قسرا بركوب قوارب الموت أو بطلب اللجوء السياسي في الخارج”.
ضرورة توسيع مهام “المينورسو”
في الأثناء، أدان النائب محمد واكلي، عضو المجموعة البرلمانية للصداقة الجزائر- الصحراء الغربية، الاستغلال غير المشروع لثروات الصحراء الغربية من قبل المحتل المغربي، مؤكدا على ضرورة توسيع مهام بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو) واختصاصاتها لتشمل مراقبة أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة.
النائب واكلي وخلال أشغال الاجتماع السنوي للجنة الأممية الرابعة حول المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار، حرص على سرد أوجه الاستغلال غير القانوني لثروات الشعب الصحراوي وموارده الطبيعية من قبل المحتل المغربي. وشدد على أن هذا الفعل يشكل “تحديا صارخا للقرارات الأممية، لاسيما القرار 1803 الخاص بالسيادة الدائمة على الموارد الطبيعية”.
وأضاف، بأن المغرب “يتمادى في استغلاله الجائر لثروات الشعب الصحراوي وتوظيفها كسلاح اقتصادي وورقة ضغط لابتزاز المزيد من الدول لشرعنة وجوده على الأراضي المحتلة”، مشيرا، في السياق ذاته، إلى تقرير المرصد الدولي لمراقبة موارد الصحراء الغربية الصادر سنة 2024، والذي ندد فيه باستمرار المغرب في استخراج الفوسفات بطريقة غير قانونية من الأراضي الصحراوية المحتلة.
بعث المفاوضات بين طرفي النزاع
من جهة أخرى، أكد واكلي “ضرورة توسيع مهام بعثة المينورسو واختصاصاتها لتشمل مراقبة أوضاع حقوق الإنسان في المناطق الصحراوية المحتلة”، مذكرا بجهود المبعوث الأممي، ستافان دي ميستورا، رغم العراقيل التي يضعها المحتل المغربي لإفشال مساعيه.
وجدد واكلي دعوة الجزائر إلى بعث مفاوضات جادة بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي، دون شروط مسبقة، للوصول إلى تنظيم استفتاء حر ونزيه تحت إشراف الأمم المتحدة.
جدير بالذكر، أن أشغال اللجنة الرابعة ستتواصل إلى غاية الاثنين، حيث ستستمر في الاستماع إلى مقدمي الالتماسات بخصوص تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، إلى جانب الأقاليم الأخرى المسجلة على جدول أعمالها.
كل القوانين تدعم الحق الصحراوي
هذا، وأكد النائب البرلماني هشام بن حداد، خلال أشغال اللجنة الأممية الرابعة في نيويورك، أن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره ثابت غير قابل للتصرف ولن يسقط أبدا بالتقادم.
وأشار النائب، خلال التماساته، إلى ترسانة القرارات والتوصيات والآراء الاستشارية الصادرة عن الهيئات الأممية على مدار أكثر من خمسة عقود والتي تؤسس قانونا لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره “غير القابل للتصرف ولا للتقادم”.
وندد في السياق، بمواقف بعض الدول التي لم تتخلص بعد من ماضيها الاستعماري، وذلك بمنح ما سماه “صكوك الاعتراف الدولي الوهمي” لكل من يقاسمها نفس التوجه، مؤكدا “أن اعتراف بعضهم بالسيادة الوهمية للاحتلال المغربي على أرض الصحراء الغربية وشعبها يدخل في هذا القبيل”.