إرساء نمـوذج سياسـي جديــد وفــق النزاهة والانضبـاط والمبـادرة

ترقيــة مشاركــة الشبــاب أحد أهــم الأولويــات الإستراتيجيــة ومحــاور الإصلاحــات

بروز نخبــة سياسيـة شابـة متحرّرة وبعيدة عن الممارسات والانحرافات السابقة

تكوين جيل قادر على استغـلال طاقاتـه من أجـل المشاركـة بفعالية في تسيير الشأن العام

على الهيئات الاستشارية تفعيل منصات الحوار وتكثيف التواصـل مـع ممثلـي الشباب

أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في كلمته خلال أشغال القمة الوطنية للشباب والمشاركة السياسية المنعقدة بالجزائر العاصمة، على أهمية الدور المحوري الذي يضطلع به الشباب في مواجهة رهانات التنمية وبناء دولة قوية ذات اقتصاد متين ومجتمع متماسك ومحصن. وأوضح أن انعقاد هذه القمة يعكس روح الوحدة والتلاحم بين شباب الوطن، في ظل ظرف دولي وإقليمي بالغ الحساسية، ما يستوجب تعزيز الجبهة الداخلية وتغليب المصلحة الوطنية، استلهامًا لقيم وتضحيات جيل التحرير. كما دعا الرئيس تبون إلى إرساء نموذج جديد في الممارسة السياسية، يرتكز على النزاهة والانضباط والمبادرة والعمل والالتزام بخدمة الوطن، مشدّدا عل تسخير كل إمكانات الدولة لإنجاح التمكين الاقتصادي لشبابنا.

شدّد السيد رئيس الجمهورية في كلمة وجهها للقمة الوطنية للشباب والمشاركة السياسية ألقاها نيابة عنه الوزير الأول نذير العرباوي، على ضرورة الانفتاح على الزخم المتصاعد لانخراط الشباب في المشاركة السياسية، لتتحول هذه الأخيرة إلى قوة اقتراح فعالة تتواصل بشكل بناء وإيجابي مع مختلف مؤسسات الدولة، وتساهم في بناء العلاقة التكاملية المنشودة، كما أكد على ضرورة تفعيل منصات الحوار وتكثيف التواصل مع ممثلي الشباب خاصة المنتخبين منهم، قصد تعميق التفكير والنقاش حول مختلف القضايا والملفات المطروحة على الساحة الوطنية.

أولويـــة رئاسية..

وذكر رئيس الجمهورية أن ترقية المشاركة السياسية للشباب شكلت أحد أهم الأولويات الاستراتيجية ومحاور الإصلاحات السياسية والدستورية التي باشرها منذ 2019، داعيا إلى تسخير كل إمكانات الدولة لإنجاح التمكين الاقتصادي للشباب الذي يعتبر ضروريا لترقية مكانة الشباب في المجال السياسي.
واستعرض رئيس الجمهورية المبادرات التي تم اتخاذها لترقية المشاركة السياسية للشباب، على غرار تعزيز تواجد الشباب في مختلف المؤسسات الحكومية والهيئات الاستشارية، وتذليل العوائق التي تحول دون انخراطهم في مختلف الفضاءات السياسية، وتجديد المجالس المنتخبة الوطنية والمحلية بشكل سمح ببروز نخبة سياسية شابة متحررة وبعيدة عن الممارسات والانحرافات السابقة، إلى جانب استحداث المجلس الأعلى للشباب كهيئة دستورية استشارية تعنى على وجه التحديد بالمسائل المتعلقة بالشباب في مختلف المجالات، والذي حقق أشواطا معتبرة في ترقية الحوار ومد جسور التواصل بين الشباب والمؤسسات الرسمية، بالإضافة إلى تخصيص وزارة للشباب لضمان التكفل بتطلعات الناشئة ومرافقتهم”.

تفعيــل منصـات الحـوار

وأوضح الرئيس تبون بأن الخطوات المحققة على صعيد الانخراط السياسي للشباب تبعث على الارتياح وتفرض في الوقت نفسه مواصلة العمل من أجل استكمال تكوين جيل ناشئ قادر على الاستغلال الأمثل لطاقاته وقدراته من أجل المشاركة بفعالية في تسيير الشأن العام على جميع المستويات، وتقديم رؤيته لجزائر الغد التي لن تكون إلا ثمرة التزام اليوم، وشدد على مؤسسات الدولة بأن تقابل هذا الزخم المتصاعد بانفتاح مماثل، يسمح بالاستجابة لتطلعات القوى الحية وإشراكها في كل مراحل صياغة وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية، لتتحول مشاركة الشباب إلى قوة اقتراح فعالة تتواصل بشكل بناء وإيجابي مع مختلف مؤسسات الدولة، وتساهم بالنتيجة في بناء العلاقة التكاملية المنشودة.ودعا السيد الرئيس مختلف الهيئات الاستشارية إلى تفعيل منصات الحوار وتكثيف التواصل مع ممثلي الشباب خاصة المنتخبين منهم، قصد تعميق التفكير والنقاش حول مختلف القضايا والملفات المطروحة على الساحة الوطنية.

نمـــوذج جديـــد

 ودعا رئيس الجمهورية إلى إرساء نموذج جديد في الممارسة السياسية يقوم على النزاهة في الأداء والانضباط في التسيير وروح المبادرة والعمل الميداني، معتبرا أن انخراط الشباب اليوم في العمل السياسي هو ضمانة أساسية لبناء مستقبل زاهر لأمتنا، ولكسب معركة التقدم والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وأوضح الرئيس أن المكاسب التي حققت إلى غاية اليوم تدفع نحو مضاعفة الجهود لتكريس هذا التحول النوعي في علاقة الشباب مع مؤسسات الدولة وخاصة المجالس المنتخبة، وذلك من خلال التركيز على التكوين والتنشئة السياسية التي تعتبر شرطا أساسيا لتحضير جيل قادر على تحمل المسؤولية، والذي يجب أن يمتد عبر كل أطوار التعليم وفي مختلف المؤسسات والتشكيلات السياسية.
وفي هذا السياق، أكد الرئيس عزم الدولة على مرافقة الشباب، عبر التكوين والتأطير، وتوفير فضاءات التعبير والمبادرة، وركز في هذا الصدد على أهمية استكمال إعداد المخطط الوطني للشباب والشروع في تنفيذه ضمن مقاربة شاملة تتيح التكفل بهذه الانشغالات.

 كسـر حاجـز الشــك

من جهة أخرى، دعا رئيس الجمهورية كل الشباب المهتمين بالشأن العام إلى كسر حاجز الشك والانخراط بقوة في العمل الميداني والجواري، باعتباره السبيل الوحيد للتغلب على الإكراهات التي قد تفرضها بعض الممارسات البالية أو التقاليد البائدة، وأن يكونوا رديفا فاعلا في المسار الديمقراطي الذي اختارته الجزائر بكل حرية وسيادة، وضمان مشاركة مؤثرة في صنع السياسات العمومية.
وشدد رئيس الجمهورية على أهمية اعتماد الوسائل المبتكرة في التواصل المفتوح والمتحرر من البيروقراطية مع مختلف المؤسسات، نظرا لقدرة المنصات المفتوحة على تقريب المسافات وفرض الشفافية وتعزيز تأثير صوت الشباب المتردد، موضحا بأن كسب رهان الثقة هو العتبة الأولى التي يجب تجاوزها لضمان فعالية المشاركة السياسية للشباب، والتي ستساهم في تحسين باقي المؤشرات المتعلقة بمساهمة الشباب في صناعة واتخاذ القرار.
وأشرف الوزير الأول، السيد نذير العرباوي، أمس الاثنين، بالمركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال”، بالجزائر العاصمة على الافتتاح الرسمي للقمة الوطنية “الشباب والمشاركة السياسية” التي تجري تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون.
وقد حضر افتتاح هذه القمة، التي تأتي تحت شعار “بالقيادة والابتكار، نساهم في صنع القرار”، وزير الشباب المكلف بالمجلس الأعلى للشباب، السيد مصطفى حيداوي والمستشار لدى رئيس الجمهورية المكلف بالشؤون السياسية والعلاقات مع الشباب والمجتمع المدني والأحزاب السياسية، السيد زهير بوعمامة إلى جانب أعضاء من الحكومة وممثلي الهيئات الرسمية.
وينتظر أن تتطرق هذه القمة، التي يشارك فيها 3000 شاب، إلى عدة محاور على رأسها “الإطار القانوني للمشاركة السياسية (الشباب نموذجا)، وواقع مشاركة الشباب سياسيا، وكذا ترقية آليات المشاركة السياسية لدى الشباب”.