أحكم الجيش الصهيوني أمس، الأربعاء، حصاره على شمال قطاع غزة من جميع الجهات، ليعزله عن مدينة غزة، في ظل قصف مدفعي وجوّي مكثف ونسف منازل المواطنين، وذلك في اليوم الرابع من توّغله البرّي.
وأفاد مراسلون بأن الجيش الصهيوني فرض حصارا مطبقا على جباليا وبلدتي بيت حانون وبيت لاهيا، ويطلق النار على كل من يتحرك، بالتزامن مع قصف مدفعي وجوي يستهدف منازل وشوارع ومنشآت، وأوضح المراسلون أن الجيش يجبر الفلسطينيين قسرا على الخروج من منازلهم شمال قطاع غزة للتوجه نحو جنوب القطاع.
وذكر شهود عيان أن طائرات “كواد كابتر” تنتشر في شوارع شمال القطاع وتطلق النار على أي جسم يتحرك، بينما يتمركز قناص الجيش على بنايات مرتفعة، وأضاف الشهود أن جرافات الجيش تقوم بعمليات تجريف واسعة في شوارع ومناطق بمخيم جباليا ومحيطه، كما ذكروا أن الجيش الصهيوني كثف غاراته خلال الساعات الماضية بمحيط مستشفيي كمال عدوان والإندونيسي والعودة شمالي القطاع.
تحــت الحصــار دون طعام أو شراب
وأشار شهود العيان إلى أن جيش الاحتلال يقوم بعملية نسف لمنازل وممتلكات المواطنين، ويمنع دخول الطعام والشراب والدواء إلى المناطق الشمالية، مما يفاقم الوضع الإنساني الذي خلفته حرب الإبادة.
وأوضح الشهود أن عشرات الآلاف من الفلسطينيين محاصرين بمنازلهم دون طعام ومياه، ويخشون الخروج خشية إطلاق النار عليهم. ومساء الثلاثاء، قالت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، إن الجيش الصهيوني طالب 3 مستشفيات في المحافظة الشمالية بالإخلاء من المرضى والطواقم الطبية. وأضافت الوزارة في بيان: “الاحتلال يطالب مستشفى كمال عدوان والإندونيسي والعودة بالإخلاء من المرضى والكوادر الصحية”.
وأفاد البيان أن الجيش الصهيوني هدد المستشفيات الثلاثة بـ«التدمير والقتل والاعتقال” لو لم يتم الإخلاء، على غرار ما حدث بمستشفى الشفاء بمدينة غزة. والأحد، أعلن جيش الاحتلال بدء عملية عسكرية في جباليا؛ بزعم “منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة”، وذلك بعد ساعات من بدء هجمة شرسة على المناطق الشرقية والغربية لشمالي القطاع هي الأعنف منذ ماي الماضي.
والاثنين، أنذر الجيش الصهيوني، الفلسطينيين بإخلاء مساكنهم في بلدة ومخيم جباليا وبلدتي بيت حانون وبيت لاهيا (شمال) والتوجه جنوبا عبر “ممر آمن”، وسط تحذير وزارة الداخلية والأمن الوطني بغزة المواطنين من الاستجابة لذلك معتبرة إياه “خداعا وكذبا”.
400 ألف محاصرون في الشمـــال
من جانبه، أعلن المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” فيليب لازاريني، أمس الأربعاء، أن العملية العسكرية الصهيونية الراهنة في شمالي قطاع غزة تحاصر ما لا يقل عن 400 ألف فلسطيني وتهدد تنفيذ المرحلة الثانية من التطعيم ضد شلل الأطفال.
وقال لازاريني، في منشور عبر منصة إكس، أمس الأربعاء: “يوجد ما لا يقل عن 400 ألف شخص محاصرين في المنطقة” شمالي قطاع غزة، وتابع أن “أوامر الإخلاء الأخيرة من السلطات الصهيونية تجبر الناس على الفرار مرارا وتكرارا، وخاصة من مخيم جباليا”.
لازاريني أردف: “الكثيرون يرفضون (الإخلاء) لأنهم يعرفون جيدا أنه لا مكان آمن في غزة”، ومرارا أنذر الاحتلال فلسطينيين بإخلاء مساكنهم والتوجه عبر ممرات محددة إلى ما زعم أنها “مناطق آمنة”، لكن كثيرين منهم تعرضوا لقصف صهيوني في الطريق أو في تلك المناطق ما أودى بحياة الآلاف وأصاب آخرين.
وأضاف لازاريني أن “الملاجئ تُجبر على الإغلاق والخدمات تتوقف، وبعضها لأوّل مرّة منذ بدء الحرب.. ومع عدم توفر أي إمدادات أساسية تقريبا، ينتشر الجوع ويتعمق مرّة أخرى”، كما أكد أن “العملية العسكرية الصهيونية الراهنة تهدد تنفيذ المرحلة الثانية من حملة تطعيم الأطفال ضد شلل الأطفال”، وشدّد على أن “الأطفال هم أوّل وأكثر من يعانون”، بينما “يستحقون التوصل إلى وقف إطلاق النار”. وانتهت المرحلة الأولى من التطعيم ضد شلل الأطفال وسط قطاع غزة في 4 سبتمبر الماضي.
لا مكــان آمـن
وفي وقت سابق أمس الأربعاء، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عبر إكس: “نحو 400 ألف شخص في غزة يتعرضون للضغط مرة أخرى للانتقال جنوبا إلى منطقة مكتظة بالسكان وملوثة وتفتقر إلى أساسيات الحياة”، وأكد أن “إصدار الجيش الصهيوني الأوامر للمدنيين بالإخلاء لا يضمن سلامتهم إذا لم يكن لديهم مكان آمن يذهبون إليه ولا مأوى أو طعام أو دواء”.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، يواصل الكيان الصهيوني حرب الإبادة متجاهلا قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال “الإبادة الجماعية” وتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.
وحوّل الكيان الغاصب قطاع غزة إلى أكبر سجن في العالم، إذ يحاصره للعام الـ18، وأجبرت حرب “الإبادة الجماعية” نحو مليونين من مواطنيه البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني على النزوح في أوضاع كارثية، مع شح شديد ومتعمد في الغذاء والماء والدواء.
حصيلة الشهداء فـي ارتفـاع
هذا، وبينما يضع الجيش الصهيوني الشمال تحت ضغط القصف والتهجير والحصار، يواصل عدوانه الغاشم على باقي مناطق قطاع غزة، حيث استشهد 17 فلسطينيا وأصيب عدد آخر بجروح، فجر أمس الأربعاء، في قصف متواصل على مناطق متفرقة.
وأفاد جهاز الدفاع المدني الفلسطيني بغزة، في بيان، بانتشال جثامين 9 شهداء بينهم أطفال وعدد من الجرحى جراء قصف طائرة للاحتلال منزلًا لعائلة فرحات قرب سوق البسطات في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة.
وقال شهود عيان، إنّ هذه المجزرة الجديدة تسببت بارتقاء أفراد العائلة بالكامل ومسحها من السجل المدني الفلسطيني، ومع تواصل القصف، يرتفع عدد الشهداء، حيث أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة، أمس الأربعاء، ارتفاع حصيلة الإبادة التي ترتكبها القوات الصهيونية في حق الفلسطينيين إلى “42 ألفا و10 شهداء، و97 ألفا و720 مصابا” منذ 7 أكتوبر من العام الماضي.
عمليـة فدائيـة
في الأثناء، أكد الإسعاف الصهيوني أمس إصابة 6 أشخاص بعملية طعن في الخضيرة شمال عاصمة الكيان الصهيوني، نفذها فلسطيني من الداخل المحتل، وأضاف الإسعاف أن حالات 5 من المصابين بين حرجة وخطيرة.
في حين أفادت الشرطة الصهيونية أن عملية الطعن وقعت في 4 مواقع مختلفة بمدينة الخضيرة.
وقالت الشرطة إنها أطلقت النار على المنفذ، دون توضيح مصيره، لكن مصادر إعلامية أوردت بأن منفذ عملية الطعن في الخضيرة يحمل الجنسية الصهيونية، واسمه أحمد جبارين وعمره 36 عاما من سكان أم الفحم.
وكان أبو عبيدة الناطق العسكري باسم كتائب القسام دعا - في كلمته بذكرى طوفان الأقصى الاثنين- إلى تكثيف العمليات العسكرية ضد جيش الاحتلال في الضفة الغربية والداخل المحتل.
ومنذ بداية العدوان الصهيوني على قطاع غزة قبل عام، تزايدت أعداد عمليات الطعن وإطلاق النار ضد صهاينة على الحواجز وفي الضفة والأراضي الفلسطينية المحتلة.