إلغاء الاتّفاقيّتين بين المغرب والاتحاد الأوروبي ووقف نهب الثّروات الصّحراوية
في قرار تاريخي صدر صباح أمس، أكّدت محكمة العدل الأوروبية مجدّدًا أنّ المغرب لا يتمتّع بالسيادة على الصحراء الغربية، وأنّه لا يمكن إدراج الإقليم المحتل في أي اتفاقيات تجارية أو اتفاقيات صيد بحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب. ورفض الحكم الذي تلاه رئيس المحكمة، جميع الطعون المقدمة من طرف الاتحاد الأوروبي، مؤكدا أحكام الغرفة الأولى للمحكمة
أوضح رئيس محكمة العدل الأوروبية، كوين لينارتس، بهذا الحكم أنّ الاتفاقيات التجارية واتفاقيات الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب التي تشمل حاليًا الصحراء الغربية يجب أن تتوقف في غضون عام. كما ترى المحكمة أنّ المفوضية الأوروبية قد انتهكت حق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير من خلال إبرام صفقات تجارية مع المغرب.
ويعد هذا القرار ذروة سلسلة من المعارك القانونية التي واجهت إدراج الصحراء الغربية في الاتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب.
ويأتي هذا الحكم في أعقاب قرارات سابقة تعود إلى عامي 2016 و2018، حيث أبطلت المحكمة بالفعل تطبيق الاتفاقيات التجارية واتفاقيات الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب على الصحراء الغربية. وقد أكّدت المحكمة باستمرار أن الصحراء الغربية هي “إقليم منفصل ومتميّز”، ولا يتمتّع المغرب بأي سيادة أو تفويض لإدارته.
حكم يدعم تقرير المصير
ووفقًا للقانون الدولي، من حق شعب الصّحراء الغربية أن يتمتّع بتقرير المصير، ولا بد أن تحصل أي اتفاقيات تمس ترابهم الوطني على موافقتهم الصريحة. وفي هذا السياق أوضحت أحكام المحكمة سنة 2021 أيضًا أن هذه الموافقة يجب أن تُمنح من خلال الممثل المعترف به دوليًا لشعب الصحراء الغربية، أي جبهة البوليساريو، وهو ما تمّ تجديد التأكيد عليه أمس من قبل المحكمة.
وعلى الرغم من صدور جميع هذه الأحكام السّابقة، قامت مؤسسات الاتحاد الأوروبي بإعادة التفاوض على الاتفاقيات مع المغرب لتوسيع نطاقها الجغرافي ليشمل الصحراء الغربية دون السعي للحصول على موافقة الشعب الصحراوي كما أمرت بذلك المحكمة. وبدلاً من ذلك، أجرى الاتحاد الأوروبي مشاورات مع أطراف مغربية، وهو ما اعتبره كثيرون محاولة لتهميش معارضة الصحراويين لهذه الاتفاقيات. وردًّا على ذلك، لجأ ممثلو الشعب الصحراوي بقيادة جبهة البوليساريو إلى القضاء الأوروبي.
وفي هذا الإطار، قام مجلس الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية بتقديم طعن ضد حكم المحكمة الصادر في سبتمبر 2021 من قبل المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي، والتي أكّدت على حق الشعب الصحراوي وسيادته على ثرواته.
وأكّد قرار محكمة العدل الأوروبية أمس مجدّدًا أن الشعب الصحراوي يحق له تقرير مصيره، ولا يمكن إخضاعه لاتفاقيات بين المغرب والاتحاد الأوروبي دون موافقته، وطبعا تكون هذه الموافقة من قبل جبهة البوليساريو الممثل الشرعي لهذا الشعب والطرف الثاني في القضية.
على الاتحاد الأوروبي الامتثال للعدالة
خلال العقد الماضي، صدرت سبعة أحكام رئيسية من محاكم الاتحاد الأوروبي بشأن هذه المسألة جاءت على النحو التالي:
في 2015 ألغت المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي تطبيق اتفاقية التجارة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب على الصحراء الغربية.
وفي 2016 أكّدت محكمة العدل الأوروبية هذا القرار، وحكمت بعدم انطباق الاتفاقية على الصحراء الغربية.
وفي 2018 أعلنت محكمة العدل الأوروبية أنّ اتفاقية الصيد بين الاتحاد الأوروبي والمغرب غير قابلة للتطبيق على الصحراء الغربية. وفي 2018: حكمت المحكمة العامة بعدم صحة اتفاقية الطيران بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لنفس الأسباب.
وفي 2021: أكّدت المحكمة العامة مرة أخرى أنّ الاتفاقيات المعدّلة للتجارة والصيد بين المغرب والاتحاد الأوروبي لا يمكن تطبيقها قانونيًا على الصحراء الغربية دون موافقة شعبها.
ومع وصول هذه الملحمة القانونية المعقّدة إلى نهايتها، يمثّل حكم أمس انتصارا قانونيا كبيرا للشعب الصحراوي، ولسعيه للتحرر وتقرير المصير. وسيتعين على الاتحاد الأوروبي الآن تعديل تعاملاته المستقبلية مع المغرب للامتثال لأحكام المحكمة والقانون الدولي، واحترام سيادة الشعب الصحراوي على أرضه.