تنفيذا لتهديداته التي لوّح بها خلال الأيام الماضية، أعلن جيش الاحتلال الصهيوني أمس توغّله البري داخل الأراضي اللبنانية مدعوما بهجمات جوية وقصف مدفعي مكثف استهدف قرى وبلدات حدودية، في المقابل، واصل حزب الله اللبناني تصدّيه للعدوان، وأمطر مستوطنات الشمال الفلسطيني المحتل بعشرات الصواريخ مؤكّدا تمسّكه بالمقاومة ومصرّا على تحويل لبنان إلى مقبرة للغزاة.
في الساعات الأولى من يوم أمس، بدأ جيش الاحتلال الصهيوني عملية اجتياح بري واسعة النطاق لجنوب لبنان، مستهدفًا مواقع حزب الله وبنياته العسكرية،
وقال المتحدث باسمه، إن قواته “بدأت عملية برية محددة الأهداف لمهاجمة أهداف حزب الله القريبة من الحدود.”
وأضاف بأن “العملية البرية سيرافقها إسناد جوي ومدفعي، مبينا أنها بدأت بتوجيه من القيادة السياسية وفي عدد من القرى القريبة من الحدود.”
وأوضح “أن الجيش يعمل وفقا لخطة منتظمة تشرف عليها هيئة الأركان العامة والقيادة الشمالية”.
حزب الله” ينفي وجود توّغل
من جهته، نقل موقع أكسيوس الإخباري الأمريكي عن مسؤولين صهاينة قولهم إن العملية البرية التي يشنها الجيش هي “عملية محددة ومحدودة في الزمن والنطاق ولا تهدف إلى احتلال جنوب لبنان”.
لكن حزب الله نفى في حينه صحة ادعاء الجيش الصهيوني بغزو أراضي لبنان، والدخول في اشتباكات مباشرة مع عناصر الحزب.
كذلك، أكد الناطق باسم قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) أندريا تيننتي، أمس، أنه لم يُرصد، أي توغل صهيوني عبر الحدود مع لبنان.
وقال تيننتي: “ليس هناك توغل بري الآن”، بعيد تحذير القوة الدولية، في بيان، من أن “أي عبور إلى لبنان يعد انتهاكاً لسيادة لبنان وسلامة أراضيه”، داعية الأطراف كلها إلى “التراجع عن مثل هذه الأفعال التصعيدية التي لن تؤدي إلا إلى المزيد من العنف وسفك الدماء”.
غارات عنيفة ونزوح كبير
وبينما تنفي المقاومة اللبنانية حدوث الاجتياح البري، أمر الجيش الصهيوني أمس، سكان 29 قرية لبنانية حدودية بإخلاء منازلهم فورا تمهيدا لشن قصف في تلك المنطقة، ودعاهم للتوجه إلى مناطق شمال نهر الليطاني، محذرا إياهم من أن “التوجه جنوبا قد يعرضهم للخطر”.
وأضاف مدعيا: “كل من يتواجد بالقرب من عناصر حزب الله ومنشآته ووسائله القتالية يُعرّض حياته للخطر”.
وعلى خلفية اعتبار الجيش الصهيوني مناطق جنوب نهر الليطاني “منطقة عسكرية”، رصد شهود حركة نزوح لمئات اللبنانيين، صباح أمس الثلاثاء، من عدة بلدات حدودية جنوب نهر الليطاني إلى شماله.
هذا وأصيب عدد من الأشخاص ودمّرت مبان ومنازل عدة بغارات جوية للاحتلال على جنوب وشرق لبنان، وسط استمرار التصعيد الأعنف منذ أكتوبر الماضي.
وبحسب وكالة الأنباء اللبنانية: “أغارت الطائرات الحربية المعادية على بلدة يحمر الشقيف (قضاء النبطية جنوب لبنان)، مما أدى إلى تسجيل إصابات، وتدمير عدد من المنازل”.
كما “أغار الطيران الحربي المعادي قرابة التاسعة صباحا، على محيط مستشفى غندور في بلدة النبطية الفوقا” بقضاء النبطية، وفق الوكالة.
إضافة إلى ذلك، “شن الطيران الحربي المعادي فجرا غارة على دفعتين، مستهدفا مبنى في بلدة عربصاليم للمرة الثانية في غضون أقل من يومين، فدمّره بالكامل”، بحسب المصدر ذاته.
كما “تعرض مثلث حومين الفوقا- عربصاليم (في النبطية) لغارة جوية معادية.
وفي السياق ذاته، ذكرت الوكالة أن “الطيران الحربي المعادي أغار صباحا على مبنى ومنزل في بلدة كفرتبنيت في النبطية، ما أدى إلى تدميرهما وإلحاق أضرار فادحة بالمنازل المجاورة والسيارات”.
وفي قضاء مرجعيون، أفادت الوكالة أن “الطيران الحربي المعادي أغار على بلدة الخيام، بالتزامن مع قصف مدفعي تتعرض له البلدة”.
وفي قضاء صور “شنت الطائرات المعادية سلسلة غارات على بلدات زبقين وجبال البطم وطير حرفا والجبين وشيحين، ترافقت مع قصف مركز على الأماكن نفسها”.
كما أفادت الوكالة ظهر الثلاثاء بأن “الطيران المعادي شن غارة على بلدة طليا لجهة الطريق الدولية” في مدينة بعلبك شرق لبنان.
«حزب الله” صامد ويقاوم
في الأثناء، واصل حزب الله تصديّه للعدوان الصهيوني، حيث أطلق صواريخ عدة باتجاه الشريط الحدودي أين يحتشد عساكر الاحتلال، وأيضا باتجاه مواقع صهيونية استراتيجية داخل الكيان.
وأوردت الأنباء، إصابة 3 صهاينة بجروح أمس جراء سقوط أحد صواريخ المقاومة في قلب عاصمة الكيان.
في المقابل، أعلن حزب الله أمس الثلاثاء قصفه قاعدة غليلوت التابعة للاستخبارات الصهيونية (الموساد)، وذلك “ردا على استهداف المدنيين والمجازر التي يرتكبها العدو، وبنداء لبيك يا نصر الله”.
وفي وقت سابق من مساء الاثنين، أكد عضو المجلس السياسي في حزب الله، محمود قماطي، أنّ المقاومة في لبنان “ستهزم قوات الاحتلال”، إذا ما أقدمت على شنّ اجتياح بري ضدّ لبنان، مضيفاً أنّ الحلفاء “سيتدخلون إذا ما توسعت المعركة”.
وإذ أشار قماطي إلى أنّ أرض الجنوب اللبناني “ستتحوّل إلى مقبرة لقوّات الاحتلال” في حال دخولها، فإنّه شدّد على امتلاك المقاومة الكثير من القدرات والأسلحة التي لم تستخدمها حتى الآن، واستعداد المقاومين التام للاشتباك مع القوات الصهيونية.
هذا، وسبق أن أبلغت سلطات الاحتلال الصهيوني، الولايات المتحدة الأمريكية، بأنها بدأت هجوما برّيا على لبنان، وقالت وزارة الخارجية في واشنطن أن الهجوم سيكون محدودا وسيتركز على البنية التحتية لحزب الله قرب الحدود مع الأراضي المحتلة.
جيش لبنان يعيد الانتشار
وفي سياق متصل، نقلت الأنباء عن سكان محليين ومصدر أمني قولهم إن الجيش اللبناني انسحب من عدة مواقع على الحدود الجنوبية.
وأكد المصدر بأن القوات اللبنانية انسحبت لمسافة خمسة كيلومترات على الأقل شمال حدودها الجنوبية مع الكيان الصهيوني وذلك في إطار “إعادة التمركز وتجميع القوى” في أجزاء من جنوب لبنان قرب الحدود.
ومنذ 23 سبتمبر الماضي، يشن الاحتلال الصهيوني مئات الغارات الجوية العنيفة وغير المسبوقة على مواقع متفرقة من جنوب لبنان، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 1057 شخصا، وإصابة 2950 آخرين بجروح مختلفة فضلا عن نزوح ما يقرب من المليون شخص، بحسب السلطات المحلية.
نداءات وقف التصعيد بلا صدى
وأمام التصعيد الصهيوني الخطير، لا تبدو ردود الفعل الدولية في المستوى المطلوب، حيث اختفت جهات كثيرة وراء جدار من الصمت واللامبالاة، في حين اكتفت أخرى بالدعوة إلى وقف القتال والبحث عن حلّ دبلوماسي، دون اتخاد أيّ إجراءات رادعة لوقف تدفق دماء اللبنانيين كما يحصل في قطاع غزة.
وبالخصوص، قال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أمس الثلاثاء، في بيان صدر عقب اجتماع استثنائي مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي “لا يزال الاتحاد الأوروبي يضغط من أجل فتح الباب أمام حل دبلوماسي، ووقف فوري لإطلاق النار، ونشر الجيش اللبناني، وانتخاب رئيس في لبنان، وتشكيل حكومة وضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1701 تنفيذاً كاملاً، لضمان العودة الآمنة للسكان النازحين على كلا الجانبين من الحدود كجزء من تسوية تفاوضية أوسع”.