كشفت محاكمة مسؤولين مغاربة في ما يعرف إعلاميا بـ «اسكوبار الصحراء» وكذا تقارير إعلامية اسبانية عن توّرط شخصيات نافذة في النظام المخزني في الاتجار وتهريب المخدرات، حيث يشرف جهاز المخابرات على تهريب هذه السموم التي تستغل عائداتها في خدمة أطماع النظام التوسعية ومحاولاته الخبيثة للعبث باستقرار دول المنطقة.
في نهاية العام الماضي، انكشفت فضيحة شبكة تهريب المخدرات «اسكوبار الصحراء» التي يتزعمها الحاج أحمد بن إبراهيم الملقب بـ»المالي» والذي لديه شبكة علاقات واسعة مع مسؤولين من الصف الأول في النظام المخزني وتورطت فيها شخصيات سياسية وأمنية كبيرة، بالإضافة إلى رجال مال وأعمال وحتى مسؤولين رياضيين.
وبحسب ما كشفته تحقيقات المحاكمة التي استأنفت الجمعة وتم تأجيلها إلى يوم 4 أكتوبر المقبل، فإن هذه القضية ليست سوى جزء من شبكة معقدة ومتشعبة تمتد لأذرع نظام المخزن الذي يغض الطرف عن هذه الجرائم.
ويتابع في هذا الملف 28 متهما بينهم الرئيس السابق لنادي الوداد البيضاوي، سعيد الناصيري والبرلماني السابق عبد النبي بعيوي، اللذين تم إيداعهما السجن في 22 ديسمبر 2023 .
والتمست هيئة دفاع المتهمين السبت استدعاء تاجر المخدرات الدولي الحاج محمد بن ابراهيم المسجون منذ 2019 لمواجهته مع المتابعين في القضية وهو ما حدث فعلا تحت إجراءات أمنية مشددة.
وأفادت تقارير إعلامية محلية أن «اسكوبار الصحراء» هو صنيعة المخزن الذي حوّله من راعي غنم إلى مصدّر للسيارات ومنها الى بارون مخدرات وعراب تهريب الكوكايين، مبرزة أنه يتمتع بحماية المخزن حتى من مذكرات التوقيف التي صدرت بحقه من الشرطة الدولية «الانتربول».
وأكد متابعون لهذه الفضيحة، التي توثق ضلوع المخزن في إغراق العالم بأطنان المخدرات، أن هذه المحاكمات «شكلية»، مشيرة الى أن عدالة المخزن فتحت هذا الملف بإيعاز فوقي، بعد أن كشفت الصحافة الدولية حيثيات هذه الفضيحة العابرة للقارات، خاصة مع وجود مذكرات توقيف دولية.
طرق جهنمية لتهريب المخدرات
وفي سياق ذي صلة، نشرت صحيفة «إل إندبندينتي» الاسبانية تسريبات خطيرة عن مسؤول بوزارة الداخلية المغربية، بخصوص تورط شخصيات نافذة في المخزن وكذا من المخابرات المغربية في تهريب المخدرات، بما فيه بالجزء المحتل من الصحراء الغربية.
وأكد المسؤول المغربي، الذي رفض الكشف عن هويته، أن «المخابرات العسكرية هي التي تشرف على ملف المخدرات، حيث تعتبر أرباحها واحدة من الصناديق السوداء التي تخدم سياسات الدولة المغربية في الصحراء الغربية، وكذلك في نزاعاتها الإقليمية وحساباتها السياسية الدولية».
وكشف ذات المسؤول أن معظم الوجوه السياسية المغربية في الصحراء الغربية تمول نشاطاتها من خلال تجارة وبيع المخدرات بفضل علاقاتها بالمخابرات العسكرية.
كما يستخدم المال الناتج عن تجارة المخدرات- يضيف - «في رشوة مؤسسات وسياسيين في أوروبا، إفريقيا وأمريكا اللاتينية لدعم الموقف المغربي من الصحراء الغربية وكذلك لدعم أجندة المغرب في علاقاته الدولية».
ومن بين التكتيكات المستخدمة، «إدخال المخدرات في شحنات (الأخطبوط ) من ساحل الصحراء الغربية باتجاه إسبانيا»، كما ذكر المسؤول نفسه، مضيفا بأن «المخدرات تمر إلى موريتانيا عبر تجارة الخضر والفواكه وكذلك من خلال مواد صناعية وملابس، ثم تنقل إلى ميناء نواكشوط ومن هناك إلى أوروبا وأجزاء أخرى من العالم». وأشار، في السياق، أن «تعقيد الشبكة يصعّب من اكتشافها من قبل الإنتربول أو غيره».
كما أكد ذات المصدر «تواطؤ الطبقة الحاكمة وتورط برلمانيين في تهريب المخدرات من خلال إنشاء مجموعات صغيرة تنقل السموم البيضاء بحرا أو برا في السيارات وعلى الأقدام»، فيما «تصل السفن من أمريكا اللاتينية إلى موانئ الصحراء الغربية المحتلة محملة بالكوكايين، ومن هناك يتم نقلها إلى أوروبا».
وأبرزت صحيفة «إل إندبندينتي» أن شهادة هذا المسؤول المغربي تنطبق على ما تضمنته قضية «إسكوبار الصحراء» التي تورط فيها أعضاء النخبة السياسية والرياضية المغربية ورجال الأعمال وكتاب العدل والشرطة لنقلهم مئات الأطنان من الحشيش من المغرب إلى شمال إفريقيا ومنطقة الساحل.