عقد مجلس الأمن الدولي أمس الجمعة، جلسة طارئة لمناقشة التطورات في لبنان بطلب من الجزائر وبتنسيق مع بيروت، وفي الأثناء عبّر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط «تور وينسلاند»، عن «قلقه البالغ إزاء الخطر المتزايد المتمثل بتصعيد إقليمي واسع النطاق عقب سلسلة الانفجارات التي شهدها لبنان يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، وتبادل اطلاق النار بين المقاومة اللبنانية والقوات الصهيونية».
ودعا وينسلاند جميع الأطراف إلى الامتناع عن اتخاذ خطوات من شأنها أن تزيد من تفاقم الوضع واتخاذ خطوات فورية لخفض التصعيد.
من جانبه، حذّر مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عمار بن جامع، من إمكانية وقوع حرب إقليمية في منطقة الشرق الأوسط، ما لم يتخذ مجلس الأمن قرارات وخطوات عاجلة، تمنع وقوع ما وصفه بالسيناريو «الأسوأ». وقال بن جامع خلال اجتماع مجلس الأمن إن «خطورة الحالة في الشرق الأوسط تستدعي إجراءات سريعة وحاسمة وكل شخص حاضر ينبغي أن يدرك أن المنطقة على حافة الهاوية؛ علينا أن نمنع أسوأ ما يمكن أن يحدث، وهذا الأسوأ لا يقل عن حرب إقليمية كاملة».
وشدّد المندوب الجزائري على أنه يتعين على مجلس الأمن «اتخاذ موقف جاد وواضح بشأن الوضع المتدهور في المنطقة، المهمة الأكبر لهذا المجلس صون السلام والأمن الدوليين ولا يمكن أن يتحقق ذلك من خلال كلمات عابرة تلقى ببلاغة أمام الكاميرات»، مضيفاً: «نحتاج اليوم بشكل ملحّ إلى قرارات تساندها متابعة متينة وآليات مساءلة، ولهذا تؤكد الجزائر قناعتها بأن كل من يرفض ولا يؤمن بالسلام ينبغي أن يفرض عليه».
دعوات للتهدئة ووقف التصعيد
بالموازاة، تتزايد الدعوات الدولية الداعية الى وقف التصعيد، وتتصاعد التحذيرات من تحوّل التوترات بين حزب الله والاحتلال الصهيوني إلى حرب شاملة.
وفي السياق، دعا وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إلى وقف فوري لإطلاق النار بين الاحتلال الصهيوني وحزب الله في جنوب لبنان، وذلك على خلفية تصاعد حدة المواجهات بين الطرفين، اثر التفجيرات التي يقف وراءها الكيان الغاصب والتي استهدفت أجهزة اتصالات لاسلكية في مناطق مختلفة من لبنان، ما أسفر عن عشرات الشهداء وآلاف المصابين.
وقال لامي بعد اجتماع مع نظرائه من فرنسا والولايات المتحدة وإيطاليا في باريس، الخميس: «أدعو الليلة إلى وقف فوري لإطلاق النار من الجانبين».
وأضاف: «نحن جميعا واضحون للغاية في أننا نريد أن نرى تسوية سياسية تفاوضية حتى يتمكن الصهاينة من العودة إلى ديارهم في الشمال، وحتى يتمكن اللبنانيون كذلك من العودة إلى ديارهم».
32 شهيدا و3250 مصابــا
شهدت مناطق مختلفة من لبنان، يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، تفجيرات واسعة لأجهزة اتصالات لاسلكية من نوعي «بيجر» و»ووكي توكي- آيكوم»، ما أسفر عن ارتقاء 32 شهيدا وإصابة نحو 3250 آخرين بجروح مختلفة، وفق أحدث بيانات وزارة الصحة اللبنانية.
وحملت الحكومة اللبنانية وحزب الله دولة الاحتلال المسؤولية عن موجة انفجارات أجهزة الاتصالات اللاسلكية «بيجر»، التي وقعت على نطاق واسع في لبنان.
المقاومة صامدة وإسناد غزة متواصل
وفي أوّل خطاب له عقب العدوان على لبنان، قال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله؛ «أنّ ضربات العدو الصهيوني ستزيد المقاومة وبيئتها قوّة ولن تُسقطها، وشدد على أنّ جبهة لبنان لن تتوقف إلا إذا توقفت الحرب على غزّة.»
وأكّد نصر الله، الخميس، أنّ مجزرتي الثلاثاء والأربعاء، اللتين نفذهما الاحتلال الصهيوني ضد لبنان، هما «تجاوُز لكل الضوابط والأخلاق»، وتُعَدّان بمنزلة «إعلان حرب»، مضيفاً أنّ ما حدث «سيُواجَه بقصاصٍ عادل وحسابٍ عسير، ولن أتحدث عن وقتٍ ولا مكان».وفي الكلمة التي ألقاها بشأن التطورات الأخيرة في لبنان، قال السيد نصر الله إنّ «هذه المعركة الجديدة كانت في أوجه خفيّة»، مشدداً على أنّه «بالنسبة للحساب العسير، فالخبر هو فيما سترونه لا فيما ستسمعونه، لأننا في الجزء الأكثر دقة وحساسية وعمقاً في المواجهة، ونحتفظ به في أضيق دائرة».
وبشأن إعادة المستوطنين النازحين إلى شمالي فلسطين المحتلة، سأل السيد نصر الله نتنياهو: «هل يمكنك إعادة النازحين إلى الشمال؟»، ليعقب بالقول لقادة الاحتلال: «هذا تحدٍّ بيننا، ولن تستطيعوا إعادتهم، وافعلوا ما شئتم».
وقال الأمين العام لحزب الله إنّ «السبيل الوحيد إلى إعادة المستوطنين» إلى شمالي فلسطين المحتلة هو «وقف العدوان على قطاع غزة والضفة الغربية «.