اعتبرت صحيفة “إيسباسيوس أوروبيوس” الإسبانية أن محاولات المغرب إقناع عدد من الدول الغربية بتغيير موقفها من النزاع في الصحراء الغربية ومسايرة أطروحته الاستعمارية في المنطقة تهدف لعزل وتجاوز مهمة الامم المتحدة التي لعبت دورا رئيسيا في تسوية هذا النزاع المدرج ضمن اللجنة الرابعة في الأمم المتحدة كقضية تصفية استعمار.
أبرز الكاتب الصحفي “ريكارد غونزاليس” في مقال نشره بصحيفة “إيسباسيوس أوروبيوس”، مساعي المغرب في السنوات الاخيرة لإقناع العديد من القوى الغربية بتغيير موقفها بشأن نزاع الصحراء الغربية ليتماشى مع أطروحته الاستعمارية، من خلال عقد صفقات للمقايضة أو اختلاق أزمات دبلوماسية مع أطراف أخرى للضغط عليها من أجل مسايرة ما يسمى بمقترح “الحكم الذاتي” الوهمي في الصحراء الغربية.
واستند الكاتب الصحفي، في مقاله، على موقفين الأول للأستاذة في العلاقات السياسية في جامعة السوربون، خديجة محسن فينان، التي أكدت أن هدف المغرب من هذه المساعي هو “عزل منظمة الأمم المتحدة”، التي تولت مسار تسوية النزاع في الصحراء الغربية من خلال لعب دور رئيسي في الصراع، حيث أكدت قراراتها بوضوح أن النزاع في الصحراء الغربية يندرج في سياق عملية تصفية الاستعمار في أفريقيا، وبالتالي فإن الشعب الصحراوي له الحق في تقرير المصير.
القرارات الأحادية لن تغير الحقائق الثابتــة
كما اعتمد الصحفي الاسباني على رأي جبهة البوليساريو، التي أكدت على لسان ممثلها لدى سويسرا والأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف، أبي بشرايا البشير، أن قرارات الدول أحادية الجانب التي واكبت الطرح المغربي “لن تؤثر على الخلفية القانونية للنزاع ولن تقربنا من حله”.
وأثبت السيد أبي بشرايا، في تصريحه للصحيفة، كيف أن المغرب حاول منذ البداية التحايل على قرارات الشرعية الدولية “فلم تكن له أي إرادة حقيقية للتعاون مع الهيئة الأممية في البحث عن حل للنزاع”، لافتا الى أن “مواقف الدول الغربية لا تخدم أي طرف سوى كسب الوقت في الاستغلال غير الشرعي للموارد الطبيعية للإقليم”.
وأبرزت الصحيفة تطابق وجهات نظر كل من محسن فينان وأبي بشرايا حول مسألة تطبيق مخطط “الحكم الذاتي” الوهمي الذي اقترحه المغرب حيث أكد الجانبان على أن هذا الاخير “غير قابل للتطبيق”.
واعتبرت الصحيفة الاسبانية أنه بالنظر إلى العلاقات التاريخية بين المغرب وفرنسا، فإن قرار الرئيس إيمانويل ماكرون بشأن الصحراء الغربية “لم يكن مفاجئا”، موضحا أنه هناك أسباب مختلفة تفسر هذا القرار لا سيما الاعتبارات الاقتصادية وفرص الأعمال التي يعرضها المغرب، حيث أن “هناك شركات فرنسية مهمة موجودة بالفعل في الصحراء الغربية، وهي منطقة غنية بالموارد الطبيعية التي يستغلها المغرب”.
واعتبر الصحفي أن الهدف الرئيسي للمغرب من صفقة المقايضة مع الولايات المتحدة للتطبيع مع الكيان الصهيوني هو الاستفادة من الغطاء الامريكي لكي تتحرك كتلة الاتحاد الاوروبي في الاتجاه المرغوب للمغرب.فكان من المنتظر، بحسبه، أن يقوم المحور الفرنسي، القوّة الدافعة وراء العديد من القرارات على المستوى الأوروبي، بذلك أولا، مع الضغط على إسبانيا، التي يسمع صوتها باهتمام خاص، باعتبارها القوة الاستعمارية السابقة للصحراء الغربية.