مازالت عائلات ضحايا معتقل تَزْمَامَرْت السري للاعتقال والتعذيب، تنتظر الانصاف وردّ الاعتبار من السلطات المغربية، التي ترفض إلى غاية الآن الاستجابة لمطالبها المشروعة في التعويض وكشف الحقيقة عن مصير أبنائها، لتجد نفسها منذ عقود في مواجهة جدار من الصمت المخزني، إذ تكتفي سلطات المملكة بتعهدات جوفاء قصد قتل القضية بالتقادم، وأخر هذه الوعود الكاذبة هو زعم المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب، بقبول إجراء التحاليل الجينية، لضحايا معتقل تزمامارت سيء السمعة.
كشفت جمعية ضحايا تازمامرت، في بيان لها، عن عقد اجتماع، يوم 29 أوت المنصرم، عن بعد، حضره العديد من الضحايا والعائلات المنتسبة لمعتقل تازمامارت السري، مشيرة إلى أنه “تبين أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان قد ربط الاتصال ببعض العائلات ذوي الحقوق، وذلك من أجل إجراء التحاليل الجنينية الخاصة بالشهداء الذين قضوا نحبهم داخل المعتقل ظلما وعدوانا”.
وأضافت الجمعية أنه “بعد نقاش مستفيض حول هذا الموضع دام لعدة ساعات، خلص اللقاء إلى أن الجمعية هي الممثل الشرعي والوحيد للضحايا وذوي الحقوق والناطق باسمهم والحاملة لهمومهم ومطالبهم”، مسجلة الوقوف عند مبدأ المعالجة الشاملة والمنصفة لملف ضحايا “تزمامرت”، واستجلاء الحقيقة الكاملة وجبر الضرر الفردي للضحايا وذوي الحقوق وفق المواثيق الدولية، إلى جانب جبر الضرر الجماعي لقرية تازمامرت.
وعبرت “جمعية ضحايا تازمامرت”، عن أملها بالتزام المجلس الوطني لحقوق الانسان بمطلب “إجراء التحاليل الجنينية للشهداء أولا ولذوي الحقوق ثانيا، رغم كونه جاء متأخرا بعقدين من الزمن”.
للعلم، سِجْنُ تَزْمَامَرْت هو معتقل سياسي سري سابق، كان من بين أشهر السجون المغربية التي عرفت نشاطا دمويا مكثفا خلال سنوات الرصاص في المملكة وكان يتميز بالسرية الكبيرة والتعذيب.
افتتح في أوت 1973 وأغلق بتاريخ 15 سبتمبر 1991، وسُجن فيه معارضو النظام ومن اتهموا بتنظيم محاولات انقلابية ضد العرش. وقد سجل عدد من قدامى مساجين تزمامرت مذكراتهم التي نشرت في كتب بيّنت حجم الوحشية التي عامل بها المغرب مواطنيه.
هذا، وقد ساهمت العديد من المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية وكذا عائلات المختفين والمعتقلين في تزمامرت في إخراج خبر وجود هذا السجن من السر إلى العلن. وقد شكلت سنة 1989 منعطفا حاسما حيث جرى تصوير المنطقة التي يوجد فيها هذا السجن صدفة عبر طائرة تابعة لإحدى القنوات الفرنسية، والتي كانت تقوم بإنجاز ريبورتاج في المنطقة.