الحل السياسي قبل المعالجة الإنسانية

القضية الصحراوية ليست بحاجة لمسكن ألم بـل لعـلاج شـاف

قال رئيس مؤسسة الهلال الأحمر الصحراوي، السيد بوحبيني يحيى بوحبيني، أنه على الرغم من كل الجهود والمناشدات التي تبذلها الأمم المتحدة لإيجاد تسوية لقضية الصحراء الغربية، إلا أن الحل يبقى مفقودا، وشدّد على حتمية أن يكون هناك حل سياسي يلبي تطلعات الصحراويين في الاستقلال الكامل.
في مقابلة مطولة مع صحيفة “يونكا فيلت” الألمانية، قال السيد بوحبيني يحيى أن الدور الذي تلعبه مؤسسة الهلال الأحمر الصحراوي كطرف إنساني، من بين عدة أطراف إنسانية أخرى، يشبه إعطاء مريض مسكنات ألم، ولكن ما ينقص المريض هو المضاد الحيوي للقضاء على المرض بشكل نهائي، أي الحل السياسي العادل.
وحول الهدف من الجولة التي يقوم بها حاليا إلى عدد من العواصم الأوروبية، بما فيها برلين، قال السيد بوحبيني يحيى: “هناك عجز كبير في ميزانية الدعم الإنساني المخصصة للاجئين الصحراويين. كانت هناك زيادة طفيفة، لكنها ليست كافية. وذلك هو سبب جولتي الحالية. حيث أحاول التحسيس بهذه المشكلة واطلاع عدد أكبر ممكن من أصحاب المصلحة. وبصفة خاصة الحكومات، فالأمر يتعلق بجذب انتباههم وطلب المساعدة منهم. خاصة وأن أزمة اللاجئين الصحراويين هي ثاني أقدم أزمة إنسانية في العالم بعد أزمة اللاجئين الفلسطينيين”.
 مضيفا: “لقد أجبر العجز المالي برنامج الأغذية العالمي على خفض حصص التغذية بنسبة 30 بالمائة منذ شهر نوفمبر 2023. هذا هو سبب وجودي هنا، وهو سبب إنساني بحت، للفت الانتباه إلى حقيقة أننا يجب ألا ننسى اللاجئين الذين يعيشون في عمق الصحراء منذ 48 عامًا. وبالتالي فإن الأمر يتعلق أولاً وقبل كل شيء بالمساعدة في مواجهة مأساة إنسانية”.
وحول الوضع الإنساني بالمخيمات، قال المسؤول الصحراوي أن الآلاف من الأطفال والنساء والمسنين لازالوا يعيشون في ظروف انسانية صعبة وهناك شحّ في المساهمات المالية لتغطية احتياجاتهم الأساسية. نحن نتحدث عن الماء والغذاء والرعاية الطبية والمأوى. فبعد 48 عامًا من وجود المخيمات، لم نتمكن حتى الآن من ضمان 20 لترًا من المياه لكل شخص يوميًا. هذا هو المعيار الدولي في حالات الطوارئ الحادة. وحتى بعد 48 عامًا، لم نتمكن بعد من الوفاء بهذه الحصة، ونحن نتحدث عن مخيمات في عمق الصحراء أين تزيد درجات الحرارة أحيانًا عن 50 درجة مئوية.
وحول المساهمة الانسانية للجزائر الشقيقة والتزامها المبدئي تجاه اللاجئين الصحراويين، قال السيد بوحبيني: “الجزائر هي البلد المضيف، ومع ذلك فهي تساهم بشكل كبير في دعم اللاجئين. وتوفر الجزائر إمدادات الكهرباء والمياه والاتصالات، وكذا البنية التحتية للنقل بالطرق المعبدة. ويدرس الآن أكثر من 7،000 تلميذ وطالب صحراوي في المدارس الثانوية والجامعات ومراكز التكوين المهني في الجزائر. كما تمّ فحص وعلاج أكثر من 2،500 مريض صحراوي في الجزائر العام الماضي. إن مساهمة الجزائر كبيرة. لكن ليست الجزائر هي المسؤولة عن تزويد اللاجئين المحتاجين بالحصص الغذائية بل تقع تلك المسؤولية على عاتق منظمة الأمم المتحدة. فهناك تفويض دولي للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة”.
كما أبرز السيد بوحبيني يحيى ضمن مقابلته الصحفية الواقع المقلق للاجئين الصحراويين، حيث لا تزال هناك زيادة في فقر الدم وسوء التغذية بين اللاجئين، وفقًا لدراسات الأمم المتحدة حول التغذية، التي نظمت ثلاث وكالات تابعة لها: المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي واليونيسف تحليلاً غذائياً لفهم أسباب هذه الزيادة. وكانت الاستنتاجات هي أن هناك عدم كفاية التغذية، ونقص في تنويع الغذاء، وكذلك انخفاض الدخل بين الأسر. حيث تعاني ثلاث نساء من كل أربع نساء من مشكلة فقر الدم المزمن، وينطبق الأمر نفسه على الأطفال، الذي يعاني حوالي ثلثهم من سوء التغذية المزمن.
وفي جانفي من العام الماضي، أجرى برنامج الغذاء العالمي تقييمًا للأمن الغذائي. وبالمقارنة مع عام 2018، فقد ثبت الآن أن عدد الأشخاص الذين يعانون من عدم كفاية الأمن الغذائي قد ازداد. ووفقًا لهذه الدراسة العلمية، فإن واحدًا من كل سبعة أشخاص متضرر. ولكن ماذا يمكننا أن نفعل؟ ندعو المجتمع الدولي إلى الوفاء بالتزاماته. نعم، بلدنا غني. ومن الطبيعي ألا نحتاج إلى دعم إنساني. بل على العكس، لو عدنا إلى وطننا لساعدنا الآخرين. ولكن للأسف، مواردنا يتمّ استغلالها بشكل غير قانوني من قبل الاحتلال المغربي وشركائه المتورطون في استغلال ونهب مواردنا. وهذا أمر مؤلم.
وحول الوضع في الأراضي المحررة من تراب الجمهورية الصحراوية، أبرز رئيس الهلال الأحمر الصحراوي أن هناك ضحايا لهجمات الطائرات المغربية المسيرة. وغالبيتهم من المدنيين. وهم ليسوا صحراويين فقط، ولكن أيضًا موريتانيين وغيرهم. وتقع العديد من الهجمات بالقرب من الخط الحدودي. وبما أنه لا توجد طرق معبّدة هناك، لا يمكن للمدني أن يعرف بالضبط ما إذا كان قد عبر الخط الحدودي. هل أنا في أراضي الصحراء الغربية، أم ما زلت في موريتانيا؟ هناك شيء واحد واضح وجلي وهو أن معظم الضحايا من المدنيين. لماذا يهاجمون المدنيين؟ ببساطة لأن المغرب يريد إرهاب الناس.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19546

العدد 19546

السبت 17 أوث 2024
العدد 19545

العدد 19545

الخميس 15 أوث 2024
العدد 19544

العدد 19544

الأربعاء 14 أوث 2024
العدد 19543

العدد 19543

الثلاثاء 13 أوث 2024