نزل الآلاف إلى شوارع الضفة الغربية المحتلة، أمس الأول، احتجاجاً على ظروف اعتقال الفلسطينيين في السجون الصهيونية، في ظل تقارير عن تعرُّضهم للتعذيب وارتكاب انتهاكات بحقهم.
رفع المشاركون في تحركات احتجاجية شملت مدينتي رام الله ونابلس، صوراً لأقاربهم المعتقَلين لدى الكيان الغاصب، وردّدوا هتافات، منها: “ولو خضعت كل الدنيا لن نعترف بالكيان الصهيوني”.
وقالت لطيفة أبو حميد، على هامش مظاهرة في رام الله: “من عشرة أشهر لا نعرف أي شيء عن أولادنا. نريد أن نطمئن على أولادنا، نريد أن نراهم. نريد أن نعرف ما وضعهم”. وتابعت: “أنا أم لأربعة أسرى كلهم من المحكومين مدى الحياة. نريد أولادنا. أنا أطالب باسمي وباسم جميع أمهات الأسرى...نريد أن نرى أولادنا”.
وأعلنت الأمم المتحدة في تقرير، أن سلطات الاحتلال الصهيوني احتجزت آلاف الفلسطينيين الذين اعتقلتهم منذ اندلاع الحرب في غزة، في معتقلات سرية في أكثر الأحيان، وتعرضوا في بعض الحالات لمعاملة يمكن أن تُوصَف بالتعذيب.
وقال مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنه منذ السابع من أكتوبر الماضي نُقل آلاف الفلسطينيين، من بينهم مسعفون ومرضى من غزة إلى الكيان “مقيدين عادة ومعصوبي الأعين”، بينما تم اعتقال آلاف آخرين في الضفة الغربية والأراضي المحتلة.
وبحسب “نادي الأسير الفلسطيني”، يتجاوز عدد المعتقلين في السجون الصهيونية حالياً عتبة 9700 شخص، بينهم المئات من المعتقلين الإداريين.
وأكد مكتب المفوض السامي في تقريره أن المعتقلين “احتُجِزوا في الغالب في معتقلات سرية، دون إعطائهم سبباً لاحتجازهم أو السماح لهم بالاتصال بمحامٍ أو بمراجعة قضائية فاعلة”.وقضى ما لا يقل عن 53 معتقلاً من غزة والضفة الغربية قيد الاعتقال الصهيوني منذ اندلاع الحرب في غزة.
وقالت أم عبد الله حامد: “حالنا حال أي أهل أسير، أنا أسرايَ كثر، أنا أخي إبراهيم حامد 54 مؤبداً، ابني عبد الله حامد مؤبد و30 عاماً، ابن أخي 21 عاماً، ابن زوجي الصغير 17 عاماً”، وأضافت: “نطلب من الله...أن يعجّل لهم بالفرج والحرية”.
يوميات الجحيـم
وفي أكثر من مناسبة تحدث عدد من معتقلي قطاع غزة المفرج عنهم عن أساليب التعذيب الوحشية التي يستخدمها عساكر الاحتلال، ومن بينها تعمد إذلالهم، ومحاولات ابتزازهم، والتركيز على التنكيل بالمرضى منهم.
قبل أيام، أفرج الاحتلال عن دفعة جديدة من معتقلي غزة ضمت 64 شخصاً، وكانت آثار التعذيب الشديد واضحة على معظمهم، ومن بينهم مرضى، و15 من جرحى العدوان، والذين أكدوا أن عساكر الاحتلال كانوا يتعمدون ضربهم على مناطق الإصابة.
وأصبح من المتعارف عليه بين المعتقلين أنه حال اكتشاف عساكر الاحتلال وجود إصابة أو مكان ألم أو حتى إعاقة في جسد المعتقل من غزة، يركزون التعذيب على مكان الإصابة، وكلما اشتكى من الألم زاد التعذيب أكثر، ولو طلب المعتقل أدوية لعلاج مرضٍ ما أو تسكين آلام في الأسنان أو العظام أو غيرها، يضرب العسكري الصهيوني على مكان الألم. ويكرّر عساكر الاحتلال أن قيادتهم تسمح لهم بفعل ما يريدون مع المعتقلين.
أخطر من سجـن غوانتنامـو
عندما قابل سعيد عماد أسرته بعد الإفراج عنه، قرر الحديث عما يحصل مع معتقلي غزة، مشيراً إلى أنه “أخطر مما حصل في سجن غوانتنامو”.
وتابع الحديث الصادم ضاحكاً: “ما سمعناه من شهادات عن غوانتنامو دفعني إلى مشاهدة إحدى الوثائقيات القديمة عن تعذيب الجيش الأميركي للسجناء، لكني تعرضت لأصناف أقسى من العذاب على أيدي عساكر جيش الاحتلال. ربما تتشابه بعض التفاصيل مثل الحرمان من النوم، أو من الطعام، لكن تعذيبنا أكثر إجراماً مما جرى في غوانتنامو”.
يقول سعيد عماد: “ضربوني بشكل قاس رغم أنني أحمل إصابة منذ كنت بالقرب من منزل أقاربي الذي نزحنا إليه في مدينة غزة خلال العدوان، وكلما صممت على طلب العلاج كان الضرب يزيد، وحين رفضت الانصياع إلى ما يريدون أن أردده من شتائم ضد القيادات الفلسطينية، قاموا بضربي بقسوة، وكان يتبادل ضربي ما يقارب خمسة عساكر”.ويضيف: “هناك المئات من المعتقلين، وهناك وفيات سمعنا عنها في السجن نتيجة التعذيب، فالكثيرون مرضى أو جرحى، وآخرون كانوا أصحاء وأصبحوا مرضى في السجن، فالمعتقل لا يحصل على ما يكفيه من الطعام أو الماء، ويحرم من الاستحمام لفترات طويلة، والمشكلة الأكبر للمعتقلين المصابين، مثلما كانت حالتي قبل إطلاق سراحي، أنه يتم تعذيبهم أكثر من غيرهم على أمل الحصول على معلومات منهم، والأسئلة المتكررة تدور حول: أين كنت؟ ومتى ولماذا أصبت؟”.
يتابع عماد: “تعرّض كثير من المعتقلين أخيراً للتعذيب بالكهرباء من خلال أجهزة محمولة توضع على مناطق الإصابات في أجسادهم، أو المناطق التي تظهر عليها آثار التعذيب حتى تزيد آلامهم، كما يتم منح الأسرى طعاماً لمرة واحدة في اليوم، وهو عبارة عن علبة جبنة صغيرة مع قطعة خبز لا تكفيهم، وهي كما يصفونها، وجبة تبقينا على قيد الحياة من أجل استكمال الاستجواب، ويتم توزيعها مع نظرات حقد، والكثير من الشتم والصراخ”.