يبدو أن الكيان الصهيوني قرّر توسيع حربه الدموية التي يشنّها منذ عشرة أشهر على غزة وتحويلها الى مواجهة شاملة تهدّد أمن واستقرار كل منطقة الشرق الأوسط، فالاغتيالات التي ينفذها هنا وهناك في انتهاكات فاضحة لسيادة الدول التي يستهدفها، تعكس بوضوح استفزازه المقصود لهذه الدول قصد جرّها الى الحرب التي خطط وجهّز لها بدعم من حلفائه الذين يباركون جرائمه ويبررّونها مهما كانت فظاعتها.
في الوقت الذي تتزايد فيه دعوات الدول لرعاياها بمغادرة البلدان التي تشهد توترا متزايدا في الشرق الأوسط، أعلنت الكثير من الخطوط الجوّية العالمية تعليق رحلاتها إما الى بيروت أو الكيان الصهيوني، وهذه الإجراءات الاحترازية تعكس بما لا يدع مجالا للشك أن الوضع في المنطقة بات على برميل بارود قد ينفجر في أيّ لحظة بالنظر إلى أن اعتداءات الصهاينة لم تمس الأفراد الذين طالهم الاغتيال فقط، بل ضربت سيادة الدول التي وقعت فيها الاغتيالات، وهو أمر لا يمكن السكوت أو عدم الردّ عليه. لهذا يتوقع جلّ المراقبين بأن الأيام المقبلة ستكون صعبة وقد بدأ البعض يرسم سيناريوهات المواجهة المرتقبة بالنظر إلى تأكيد إيران بأن الرد قادم لا محالة، ووعيد حزب الله والحوثيين كذلك.
سيناريو الرد “وحدة الساحات”
أطلق مصطلح “وحدة الساحات” بعد معركة “سيف القدس” في شهر ماي من سنة 2021، ويعني الاشتباك مع الاحتلال من جميع ساحات “محور المقاومة” في فلسطين غزة والضفة، وجنوب لبنان وسوريا واليمن بالإضافة إلى إيران.
آنذاك، طبق المصطلح على أرض الواقع إلى حد ما من خلال إطلاق الصواريخ من قطاع غزة وجنوبي لبنان وسورية، مع ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة في الضفة الغربية، واندلاع مواجهات في عدة مناطق في الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1948.
ومع بدء معركة “طوفان الأقصى” طالبت حماس بتطبيق “وحدة الساحات” على الأرض، فدخلت ساحات لبنان والعراق واليمن بما يعرف حاليا “بجبهات الإسناد” من خلال هجمات ضد دولة الاحتلال وفق قواعد اشتباك منضبطة.
وباتت الكرة الآن في ملعب “محور المقاومة” بعد أن تعرض لضربات من الاحتلال في ثلاثة بلدان، وهذا ما يحتم ردا من تلك الجبهات كما هو متبع في قواعد الاشتباك بين الطرفين.
هجوم شامل
ويمكن رسم سيناريو لحجم الرد وماهيته، استنادا إلى المعطيات على الأرض والتصريحات الرسمية التي تؤكد أن المعركة أخذت بعدا جديدا.
وقد يبدو سيناريو “الهجوم المشترك” الأقرب للواقع نظرا لمستوى التوتر في المنطقة، كأن تنطلق صواريخ ومسيرات من إيران وأخرى من العراق واليمن، بالتزامن مع هجوم مماثل من حزب الله.
وقياسا، على تجارب حالية وماضية، فإن هجوما كهذا سيجعل إمكانية اعتراضه صعبة خصوصا أن منظومات الاحتلال فشلت أمام 5 آلاف صاروخ أطلقتهم حماس خلال ساعات في معركة طوفان الأقصى.
كما أن اشتراك الولايات المتحدة وحلفائها بالمنطقة بصد الهجوم الكبير المتوقع قد يدفع بعض الفصائل بالعراق لاستهداف القواعد الأمريكية هناك، وتلك نذر مؤكدة لحرب إقليمية شاملة.
واتفقت تصريحات كل دول “المحور” على حتمية الرد على خرق الاحتلال لقواعد الاشتباك، ما يرجح نظرية الرد الشامل من عدة ساحات في وقت واحد.