أكد الخبير القانوني والمحلل السياسي الموريتاني عبد الصمد ولد امبارك، ان التقارب الموريتاني الجزائري له تداعيات إقليمية ودولية من شأنها أن تصحّح موازين القوى المختلة والمتنافرة في منطقة المغرب العربي خاصة بعد أحداث الكركرات وما تمخض عنها من تملص الاحتلال المغربي عن وقف إطلاق النار الذي وقّعه مع جبهة البوليساريو، في عام 1991، و عن مخطط التسوية الذي أقرّ تنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية.
قال عبد الصمد ولد امبارك، أن زيارة الوفد الموريتاني العسكري الرفيع المستوى للجزائر بقيادة القائد العام للجيوش محمد بمب مكت، هي أنموذج للتعاطي الإيجابي والتفاهم المشترك بين قيادات البلدين لدعم أواصر الأخوة ولترقية مجالات التعاون لتضم الجوانب الأمنية، خاصة وأن المنطقة المغاربية تواجه تحديات متعددة، من الجريمة المنظمة العابرة للحدود والهجرة السرية والإرهاب والتطرف، زيادة على اندلاع الحرب مجددا في الصحراء الغربية وما تعرفه المنطقة من اختلالات بنيوية تتطلب تكاثف الجهود لمواجهة مجمل التحديات الأمنية الإقليمية.
أضاف رئيس مركز الأطلس للتنمية والبحوث الإستراتيجية في اتصال مع «الشعب» أن زيارة الوفد العسكري تعطي كذلك إشارات واضحة عن عمق التفاهم القائم بين البلدين مما يبشر بمصالحة حقيقية، متسائلا في نفس الوقت، هل هي بداية استقطاب جديد في المنطقة المغاربية على ضوء التحوّلات الاستراتيجية الأخيرة، وفقا لمآل النزاع في الصحراء الغربية؟.
أشار الأستاذ الجامعي أن المنطقة اليوم باتت على صفيح ساخن قابل للإنزلاق نحو المجهول مما يتطلب مواقف الحكمة والحنكة في التعاطي مع مستجدات الساحة المغاربية.
يذكر أن التقارب الموريتاني الجزائري مدعوم بإرادة سياسية فوقية توّجت بالإتصال المباشر بين الرئيسين محمد ولد الشيخ الغزواني والرئيس عبد المجيد تبون بعد تعافي الأخير ورجوعه سالما معافى إلى الجزائر بعد فترة علاج في ألمانيا، عرفت خلاله المنطقة عدة أحداث مستجدة ومفصلية ضمن النسق التقليدي المغاربي.
موريتانيا تعوّل على مساعدة الجزائر في مواجهة «كورونا»
في السياق، قال رئيس مركز الأطلس للتنمية والبحوث الإستراتيجية أن زيارة وزير الصحة الجزائري لموريتانيا على رأس وفد هام من قطاعه يضم خبراء وأطباء بالإضافة إلى حمولة طائرتين من الأدوية والمعدات الصحية لمواجهة جائحة كورونا يعد بمثابة الدعم النبيل الذي يدخل في سياق التعاون التاريخي بين الجزائر وموريتانيا، خاصة في ظرفية الموجة الثانية من هذا الوباء العالمي، الشيء الذي يعطي بعدا عميقا له دلالات ذات مغزى أصيل لوقوف الجزائر إلى جانب الأشقاء في موريتانيا وخاصة في أصعب الظروف الحالكة، مما يجعلنا أمام منعرج إقليمي للتعاون البيني بين الدولتين التي تربطهما أكثر من علاقات الجوار والتاريخ المشترك الضارب في أعماق الجذور.
للتذكير الجزائر معروفة بمواقفها الثابتة في إطار التعاون العربي وخاصة دعمها المركزي لموريتانيا عبر التاريخ خاصة في إنجاز المهام المصيرية مثل تأميم الشركة الوطنية للمناجم وإنشاء العملة الوطنية للأوقية. مما يدل على أن التقارب الجديد يفتح آفاقا واعدة لتحقيق التكامل الاقتصادي والاندماج العربي الذي تحلم به الشعوب العربية والمغاربية.