في أجواء خيّم عليها وباء كورونا من جهة، وما تعرّضت له القضية الفلسطينية من تضييق وضربات بداية من» صفقة القرن» ثم موجة التطبيع التي تبنّتها العديد من الدول العربية، أحيا الشعب الفلسطيني أمس في الوطن والشتات، الذكرى السادسة والخمسين لاندلاع الثورة الذي كان في الفاتح جانفي من عام 1965، وهو اليوم نفسه الذي تأسّست فيه حركة فتح.
وحّدت «فتح» الفلسطينيين حول الهوية والهدف، وارتقت بهم من حالة الشتات والتشتت إلى مستويات الكفاح من أجل تحقيق الأماني بالتحرر من نير الاحتلال وتقرير المصير.
ففي الفاتح من جانفي عام 1965م كانت البداية وكانت الطلقة الأولى، حيث تسلّلت المجموعة الفدائية الأولى لحركة فتح إلى داخل الأرض الفلسطينية المحتلة، وفجّرت نفق عيلبون الذي يتم من خلاله سحب مياه نهر الأردن لإيصالها إلى صحراء النقب، لبناء المستوطنات من أجل إسكان اليهود المهاجرين فيها، وعادت المجموعة الفدائية إلى قواعدها بعد أن قدمت شهيدها الأول أحمد موسى أثناء العملية، لتعمّد بالدم باكورة مقارعتها للاحتلال. ومند ذلك التاريخ بدأت المقاومة الفلسطينية الباسلة تشقّ طريق الكفاح المسلّح، الذي لم يكن سهلا بالمرّة بالنظر إلى حجم التواطؤ الذي كان ولازال يحدث خللا في موازين القوى ويدفعها في اتّجاه الاحتلال، وتعزّزت جبهات القتال بانتفاضة الحجارة عام 1987 التي عمّت المدن والقرى والمخيمات، وقبل أن تكمل عامها الثاني، كان المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في الجزائر بتاريخ 15 نوفمبر 1988 يعلن على لسان الرئيس الراحل ياسر عرفات قيام دولة فلسطين. وفي 13 سبتمبر 1993م، وقع اتفاق أوسلو بين قيادة منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، وكانت عودة كوادر وقيادات الثورة من الخارج إلى أرض الوطن بتاريخ 4 ماي 1994م، ثم الرئيس الراحل ياسر عرفات في الأول من جويلية من نفس العام، لتبدأ مرحلة بناء مؤسسات الشعب الفلسطيني بعد أن أقرّ المجلس المركزي الفلسطيني في دورته المنعقدة في تونس بتاريخ 10 أكتوبر 1993م قيام أول سلطة وطنية فلسطينية على أرض الوطن، وانتخب أبو عمار من قبل الشعب الفلسطيني رئيسا لها في 20 جانفي 1996م إلى جانب انتخاب أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني. بعد 56 عاما من النضال والتضحية والفداء، مازال الشعب الفلسطيني ينتظر إنصافه وتمكينه من حقّه في قيام دولته المستقلّة، ورغم ما نسجّله من عقبات وتحدّيات تعترض طريقه نحو تجسيد حقّه المشروع في الحريّة والاستقلال، فنحن متأكّدون بأن النصر وإن طال، فهو آت، يبقى فقط، التمسّك بالبقاء في الأرض والمقاومة بكل الأشكال، فالحقوق تنتزع ولا توهب.