تسارع السلطات في مالي خطوات التقدم في المرحلة الانتقالية، رغم التحدّيات الأمنية التي تُلقي بظلالها على المشهد العام. وتأتي تحرّكات السلطات لتفادي التدّخلات الأجنبية التي تلوّح بورقة تنامي الارهاب. غير ان الوزير الاول المالي مختار وان أكد إن الحوار مع الجماعات الإرهابية «ديناميكية مستمرة من أجل استعادة الأمن بجميع أنحاء البلاد».
تأتي تصريحات الوزير الأول المالي مع إعلان الحكومة عن تشكيلة الهيئة التشريعية المستقبلية للمرحلة الانتقالية، والمفترض أن تعيد السلطة للمدنيين، وذلك بعد أشهر من الإطاحة بالرئيس السابق للبلاد إبراهيم بوبكر كيتا. ويتكون أعضاء المجلس الوطني الانتقالي من 121 عضو، وقد أعلن عنهم بموجب مرسوم رئاسي بثته الخميس، وسائل الإعلام الرسمية المالية.
ولمباشرة المرحلة الانتقالية فعليا اجتمع، أمس، أعضاء المجلس الذي يمثل الجيش فيه من خلال 22 عضوا، لانتخاب رئيس له من 40 مترشحا على الأقل. وقد أثارت ظروف تعيين أعضاء هذه الهيئة، والوقت الذي استغرقه اختيارهم، استياء متزايدا ضد السلطات، وعقّد من مهمتها رفض بعض القوى المشاركة فيها.
ومع تنامي نشاط الجماعات الارهابية في منطقة الساحل، قال الوزير الأول المالي، أن الحوار مع الجماعات الارهابية «يجب أن ينظر إليه على أنه فرصة» و»امتداد للعمل العسكري» الذي تقوم به على وجه الخصوص قوة برخان الفرنسية – كما قال- واعتبر أن المفاوضات مع الجماعات الدموية، التي قادت مؤخرا إلى الإفراج عن زعيم المعارضة سومايلا سيسي، وبعض الرعايا الغربيين كانت نتاج «جهود مشتركة».
كيتا ليس تحت الإقامة الجبرية
وحول الصراع بين بعض المكونات الاجتماعية في مالي، والذي يخلف سنويا مئات القتلى والجرحى، قال مختار، «إن الحكومة تعمل على استعادة السلام في جميع أنحاء البلاد»، وتؤكد على «أهمية الحوار بين هذه المكونات». ونفى الوزير الأول وجود الرئيس السابق إبراهيم بوبكر كيتا «رهن الإقامة الجبرية لأن الإقامة الجبرية تعني أنه يخضع للملاحقة القضائية أو أنه متهم بأي شيء، وهذا ليس هو الحال في هذه المرحلة»، لكنه رفض في نفس الوقت تأكيد ما إذا كان «بمقدور كيتا الخروج من منزله».
وتسعى قوى غربية في مقدمتها فرنسا للضغط على السلطات في باماكو لكي لا تتابع النظام السابق الذي كان حليفا قويا لباريس، وفي هذا الشأن، وبخصوص كريم كيتا نجل الرئيس السابق، والذي غادر البلاد، منذ الانقلاب على والده، ويوجد حاليا في كوت ديفوار، قال مختار، إنه «غادر بمحض إرادته»، مضيفا أن السلطات المالية لم تتخذ أي إجراء مع نظيرتها الإيفوارية بخصوصه.
في مقابل تحركات الجماعات الارهابية. قال قائد القوة المشتركة لدول الخمس في الساحل الجنرال النيجري عمارو ناماتا، إن تنظيم «داعش» في الصحراء الكبرى الدموي «فقد بعض قدراته» و»لم يعد حاليا مستقرا في منطقته المفضلة وهي ليبتاكو - غورما، وذلك بفضل عملياتنا المشتركة كقوات وطنية مع قوة برخان». وأضاف المتحدث، « أنه من السابق لأوانه القول إنه لم يعد عدوا»، مؤكدا أن «الحرب مستمرة بالنسبة لنا ضد جميع الجماعات الإرهابية، ولنكون أكثر وضوحا»، فإن «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين تظل عدونا». وأشار الجنرال النيجري إلى أن «التهديد الإرهابي يظل قائما، وسيكون من المخاطرة الكبيرة تحديد موعد لنهايته»، مؤكدا أن «الحرب ضد الإرهاب كفاح طويل، وهناك بعض التقدم المحرز، ونحن نؤمن بالنصر».
قدرات مجموعة ساحل 5 محدودة
وأوضح المسؤول العسكري أن القوة المشتركة تواجه تحدّيات على المستويين الجوي والاستخباراتي، مضيفا أنها لا تملك «مكونا جويا في الوقت الحالي، رغم أنه عنصر أساسي في مكافحة الجماعات الإرهابية في منطقة شاسعة كمنطقة الساحل الافريقي». مشيرا الى أن المحور الاستخباراتي يشكل «جانب ضعف هو الآخر لدى القوّة المشتركة، فنحن نعتمد بشكل أساسي على الموارد البشرية، بينما تتيح التكنولوجيا توقعا استراتيجيا معينا.
وتواجه القوة المشتركة « ساحل 5» في الآونة الاخيرة تحدّيات كبيرة منذ تأسسيها عام 2017 في العاصمة المالية باماكو، وتتكون من قوات موريتانية، ومالية، ونيجرية وبوركينابية، وتشادية.