في الوقت الذي لا يزال فيه المغرب يتكتّم على تلقي قواته العسكرية ضربات على طول الجدار العازل من طرف جيش التحرير الصحراوي، بدأت البوليساريو في انتهاج أسلوب هجومي جديد بعد إحرازها تقدما كبيرا باتجاه الأراضي المحتلة، لجأت من خلاله الى القصف المباشر لقواعد قوات الاحتلال لأول مرة منذ عودتها للكفاح المسلح بعد سقوط اتفاق وقف إطلاق النار في 13 نوفمبر الجاري.
تحوّلت الحرب الواقعة بين جيش التحرير الصحراوي وقوات الاحتلال المغربي على طول الجدار العازل الى حرب تصريحات، بدأت رحاها في المشهد الاعلامي المغربي باعتراف تلقي الهجمات رغم تكتم المغرب على ذلك منذ 13 نوفمبر الجاري على خلفية هجومه العسكري على ثغرة الكركرات جنوب الصحراء الغربية، لكن وسائل إعلام مغربية بدأت تتحدث عن الحرب وتنقل تفاصيل ذلك بعد دخول صحافة المواطن على الخط والحديث عن وقوع ضحايا في صفوف القوات المغربية.
قصف مباشر
تزامنا مع هذه الحرب الاعلامية والكلامية، واصلت، أمس، وحدات جيش التحرير الشعبي الصحراوي هجمات مركزة على مواقع متعددة لقوات الاحتلال المغربي بحزام الذل والعار، حيث تعرضت مواقع العدو للقصف المباشر بنيران أسلحة مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي، بحسب البلاغ العسكري رقم 08، وبحسب البلاغ ذاته، فقد «شنّت مفارز متقدمة من مقاتلي الجيش الصحراوي هجمات عنيفة استهدفت عدة مواقع للعدو شملت منطقة ألفيعيين بقطاع الفرسية مرتين متتاليتين.
كما قصف الجيش الصحراوي لأول مرة بشكل مباشر تخندقات العدو في منطقة أم أدكن بقطاع البكاري. وقواعد في منطقة روس السبطي، بقطاع المحبس، ومنطقتي اشيظمية وأم لكطة بذات القطاع، إضافة الى قصف استهدف منطقة أكليبات العكاية بقطاع آوسرد.
لا سلام دون تحرير الأرض
مع استمرار هجمات الجيش الصحراوي، أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة الصحراوية، وزير الإعلام حمادة سلمى الداف، أن السلام العادل والنهائي مرهون بالانسحاب المغربي من تراب الجمهورية الصحراوية واحترام المغرب لحدوده المعترف بها دوليا، وذلك في رده على مغالطات حكومة الاحتلال.
مغالطات مغربية
قال المسؤول الصحراوي: «بما أن مقولة «المغرب في صحرائه وهي في مغربها « تجسد أكبر كذبة وتلفيق من صنع مغربي، فلا المجتمع الدولي بمنظماته الدولية والقارية ومحاكمه الدولية، يعترف للمغرب بالسيادة على الصحراء الغربية، وبالتالي فوجود المغرب في الصحراء الغربية صنفته الأمم المتحدة منذ غزوه العسكري لبلادنا كاحتلال لا شرعي، طبقا لنص اللائحة 37/34 الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1979، وأكدها الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون في زيارته الأخيرة للمنطقة، وما على الناطق الرسمي المغربي إلا أن يبني قصورًا من الترهات والأكاذيب على فريته الكبرى الأصلية وعلى مقولته الزائفة».
توضيحات حول الكركرات
في هذا الشأن أورد الناطق الرسمي باسم الحكومة الصحراوية «توضيحات هامة» حول مغالطات نظام المغرب بخصوص خرقه لاتفاق وقف إطلاق النار بمنطقة الكركرات، وقال إن ثغرة الگرگرات ليست طريقا دولية أو إقليمية وإنما ثغرة غير شرعية وتجسد لقرار مغربي أحادي الجانب، شكل خرقا سافرا ومتواصلا لوقف إطلاق النار وللاتفاق العسكري رقم 1. وشكلت هذه الثغرة غير الشرعية منذ اليوم الأول انشغالا حقيقيا لدى الأمم المتحدة، حيث أن تقرير أمينها العام رقم 2001/398، ذكر أن ممثله الخاص ويليام إيغلتون بمعية قائد القوات الأممية قاما بزيارة ميدانية، وسجلا بعدها أن المغرب تراجع عن تنفيذ خطته في تشييد طريق بمنطقة الگرگرات وأنه أعطى ضمانات خطية بذلك الخصوص بتاريخ 17 مارس 2001 «الفقرة 5 من التقرير» لأن ذلك يعتبر خرقًا لوقف إطلاق النار.
وعند اندلاع الأزمة من جديد سنة 2016، ذكر حمادة سلمى، أن مجلس الأمن قرّر فيها شهر أفريل 2017 إيفاد بعثة إلى الميدان لإيجاد حل للمشكلة وتجاوز المواجهة بين الطرفين حول موضوعها إلا أن المغرب رفض قدومها ولم تقم، للأسف، الأمانة العامة بأي تحرك أمام هذا الرفض المغربي.
تضامن دولي متزايد
طالبت فيدرالية النقابات البوتسوانية، في بيان تضامني لها، كلا من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بـ «تحمل مسؤولياتهما في الضغط على المغرب من أجل أن ينسحب إلى حدوده الدولية المعترف بها ويحترم جيرانه من أجل ضمان السلم والأمن والاستقرار في المنطقة والقارة والعالم».
من جهتها جدّدت المسيرة الدولية للنساء التأكيد على تضامنها مع كفاح الشعب الصحراوي وحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والإستقلال.
وعبّر متظاهرون من شبيبة الرابطة الاشتراكية العالمية «صول» عن إدانتهم للخرق المغربي لوقف إطلاق النار بمنطقة الكركرات، واعدين بشن حملة من المظاهرات أمام السفارات والقنصليات المغربية.