من يوفر شروط عودة اللاجئين إلى أراضيهم؟

نهاية الحرب بكاراباخ

يبدو أن الظاهر اتفاق ثلاثي، أرميني أذري روسي، أنهى قرابة 40 يوما من حرب دموية غير مسبوقة في المنطقة منذ 30 عاما، لكن الحقيقة التي يدركها الجميع أن الاتفاق جاء في الواقع أقرب ما يكون إلى وثيقة استسلام وقّعتها أرمينيا، بعدما استنفدت كل الخيارات الأخرى.
ينصّ الاتفاق على أن يحتفظ كل طرف بما استولى عليه من أرض في المعارك، بينما تكون أرمينيا ملزمة بإعادة السيادة على منطقة أغدام بحلول يوم 20 نوفمبر، ومنطقة كيلباجار بحلول 15 نوفمبر الجاري، ومنطقة لاتشين بحلول 1 ديسمبر القادم إلى أذربيجان. كما ينص الاتفاق على نشر قوات حفظ سلام روسية على طول خط وقف إطلاق النار في كاراباخ، وكذلك على طول ممر لاتشين الذي يصل بأرمينيا. وبموجب الاتفاق ستُؤمن أرمينيا فتح حركة النقل بين غرب أذربيجان وإقليم ناخيتشيفان الأذري الذي يتمتع بحكم ذاتي ويعيش عزلة كاملة بهدف تأمين حركة الناس والسلع في الاتجاهين.
صيغ الاتفاق، كما هي العادة في الاتفاقات الدولية، بلغة دبلوماسية غير «جارحة» للطرف المهزوم، لكن قراءة متأنية للاتفاق وسياقاته تظهر أن أذربيجان حققت أكثر مما كانت تنتظر، بينما خسرت أرمينيا بالحرب ما كان بإمكانها تجنبه لو قبلت بالتفاوض قبل اندلاع المواجهات.
ثأرت أذربيجان لهزيمتها عام 1994، واستعادت ما يعادل خُمس أراضيها التي احتلت في هذه الحرب، وتمكنت من السيطرة على ما يقرب من 60% من إقليم كاراباخ، وسيطرت على مدينة شوشي الإستراتيجية التي تطل على العاصمة ستيباناكيرت، وتبعد عنها أقل من 15 كيلومترا، وضمنت ربط أراضيها بإقليم ناخيتشيفان الذي كان معزولا بشكل كامل عن أراضيها رغم أنه يتبع لها، وكان الوصول إليه يتطلب المرور عبر إيران أو أرمينيا، كما ضمنت عن طريقه اتصالا جغرافيا مباشرا بتركيا من خلال شريط حدودي يمتد على طول 23 كيلومترا.
أما أرمينيا فقد خرجت من هذا الاتفاق وقد خسرت ما احتلته عام 1994 من الأراضي الأذرية، و60% من إقليم كاراباخ، والجزء المتبقي سيصبح على الأرجح أرضا خلاء، لأنه على الرغم من أن الاتفاق ينص على عودة اللاجئين والنازحين، فلا أحد يتصور أن شروط هذه العودة ستتوفر قريبا، ناهيك عن أن أذربيجان سيكون من حقها أن تطالب أيضا بعودة لاجئيها الذي هاجروا أو هجروا عام 1994.
ورغم مرارة هذا الاتفاق بالنسبة للأرمينيين، فلم يكن أمامهم من خيار غيره، فقد وقعوه تحت ضغط مزدوج: ضغط المعارك، وضغط «الأصدقاء» الذين تبين عندما جد الجد أنهم باعوا الوهم لأرمينيا، بعدما وعدوها بدعم لم يأت أبدا.
في الميدان، وصلت القوات الأذرية قبيل الاتفاق إلى «شوشه» (وفق التسمية الأذرية) أو «شوشي» وفق التسمية الأرمينية، ومن يسيطر على هذه المدينة يمكنه السيطرة على الإقليم بسبب موقعها الجغرافي والإستراتيجي، فهي تطل على كل الإقليم وخاصة على العاصمة ستيباناكيرت التي تبعد فقط نحو 15 كيلومترا، يعني أن حسم المعركة مسألة وقت فقط، بل مسألة وقت قصير. يبدو الانتصار الأذري في هذه المعركة بديهيا لا يحتاج إلى تفصيل، ما دام البلد قد استرجع أراضيه المحتلة، ونحو ثلثي إقليم كاراباخ.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024