يتخوّف الفلسطينيون من حتمية امتداد توجّهات بايدن لسياسة الحزب الديمقراطي والرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وبات الكثير منهم يدرك بقلق ومرارة أن أيّ تغيير في السياسات الأمريكية تجاه الفلسطينيين مجرّد أحلام يصعب تحقيقها..فهل فعلا بايدن يعد سلاما على مقاس إسرائيل، ولا يختلف عن ترامب؟ على خلفية وصفه من طرف الكيان الصهيوني بأنه «صديق عظيم» وهذا وحده يكفي لتقويض الكثير من الآمال الفلسطينية.
أسوأ تقدير بالنسبة للمتشائمين يذهب للتأكيد أن بايدن لن يقدّم جديدا للقضية الفلسطينية ولن يكون بوسعه تغيير أيّ خطوة اتخذها ترامب، على اعتبار أن علاقته بالكيان الصهيوني توصف بالجيّدة، في ظل وجود اتفاق بين كل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على القضايا الجوهرية التي تمسّ علاقة واشنطن بإسرائيل، بما في ذلك القضية الفلسطينية. في حين يتطلع الأشدّ تفاؤلا إلى انفراج نحو مسار أكثر إنصافا للقضية الفلسطينية، من خلال تراجع الرئيس عن بعض قرارات ترامب.
السياسة الجائرة
وعقب انتصار بايدن في فوز تاريخي وحاسم الذي أطاح بالرئيس ومرشح المعسكر الجمهوري ترامب، هنأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس، جو بايدن بالفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية. وقدم عباس، في بيان التهاني إلى بايدن والسيناتورة كامالا هاريس التي صارت أول امرأة يتم انتخابها لمنصب نائب الرئيس في تاريخ الولايات المتحدة. ولم يخف عباس حسب ذات البيان: «تطلعه للعمل مع الرئيس المنتخب بايدن وإدارته من أجل تعزيز العلاقات الفلسطينية الأمريكية وتحقيق الحرية والاستقلال والعدالة والكرامة لشعبه، وكذلك للعمل من أجل السلام والاستقرار والأمن للجميع في المنطقة العربية والعالم».
وسبق أن تدهورت العلاقات بين السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة إلى أدنى مستوى لها منذ سنين، بعد اتخاذ إدارة ترامب سلسلة خطوات مثيرة للجدل على غرار الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل.
من جهته، نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي هنأ جو بايدن على فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، ووصفه بأنه «صديق عظيم لإسرائيل».
وخاطبه:» جو نعرف بعضنا منذ حوالي أربعين عاما وعلاقتنا دافئة، وأنا أعلم أنك صديق عظيم لإسرائيل» بينما دعا رئيس حركة حماس هنية، بايدن إلى «تصحيح» سياسات ترامب الجائرة «. في حين، وصف نبيل شعث مستشار الرئيس الفلسطيني، نهاية رئاسة ترامب بـ «النصر».
صدمة للأحرار
وبعد انقضاء سنتين على تولي الرئيس دونالد ترامب مقاليد الحكم، فإن إدارته اتخذت سبعة قرارات وصفت بالمصيرية والخطيرة التي قصمت ظهر القضية الفلسطينية، وعبثت بملفي القدس واللاجئين.
ومن بين هذه القرارات نذكر، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وتقليص المساعدات للأونروا، إلى جانب نقل السفارة إلى القدس، وفي خطوة غير إنسانية تم قطع كل المساعدات عن الأونروا، بالإضافة إلى قطع كل المساعدات للسلطة الفلسطينية ووقف دعم مستشفيات القدس، مع إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارته إليها.
ولن ينس الشعب الفلسطيني أن ترامب وراء قرار جعل بناء المستوطنات الصهيونية على الأراضي الفلسطينية المغتصبة غير مخالفة للقانون، قرار جاء بمثابة صدمة جديدة للأحرار في العالم، أي بمعنى شرعنة المستوطنات الصهيونية. ففي تاريخ 18-11-2019، أكد مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، أن واشنطن لم تعد تعتبر أن المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية «مخالفة للقانون الدولي». وذهب إلى أبعد من ذلك، أن الولايات المتحدة ستترك للفلسطينيين والإسرائيليين حل الخلاف على المستوطنات.
إذن، يسجل ترقّب كبير لجميع دول العالم وأنظارهم تتمركز حول الرئيس الجديد لأقوى دولة، والعرب كغيرهم من الشعوب، مهتمين بما أسفرت عنه الانتخابات الرئاسية الأمريكية ويتساءلون ..هل تتصدر دفعة السلام في الشرق الأوسط جدول أعمال بايدن الفوري..؟ وهل إدارة الرئيس الديمقراطي الجديد، ستسعى إلى استعادة دور أمريكا التقليدي كوسيط في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟