45 عاما على «مسيرة العار»

القضية الصحراوية بين احتلال متغطرس وشرعية متواطئة

فضيلة دفوس

قبل 45 عاما طوى الشعب الصحراوي مرحلة الاستعمار الإسباني ليقع في قبضة الاحتلال المغربي، الذي جثم على صدره منذ ذلك الحين ومازال يدوس على الشرعية الدولية وقراراتها ويراهن على الوقت لقتل القضية الصحراوية التي هي باتفاق الجميع قضية تصفية استعمار.
في أكتوبر 1975، أطلق الاحتلال الإسباني مفاوضات مع جبهة البوليساريو قصد إعادة الأراضي الصحراوية لأهلها، ولما رأى المغرب بأن استقلال الإقليم أصبح مسألة وقت، قرر أن يسارع إلى إحكام قبضته عليه واحتلاله قبل أن يفلت منه. وفي 6 نوفمبر من نفس السنة، أعطى إشارة انطلاق ما سمي آنذاك بـ»المسيرة الخضراء»، التي جرّ من خلالها نحو 350 ألف من مواطنيه يتقدمهم سفراء بعض الدول العربية والإفريقية والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي لفرض احتلاله على الإقليم وضمّه عنوة، والمبرر الذي ساقه العرش لمدّ نفوذه إلى هذه الأرض التي لازالت تتطلع إلى الاستقلال، هو قراءته الخاطئة لحكم محكمة العدل الدولية الذي صدر آنذاك.
ولو أن المغرب قرأ بلا خبث حكم المحكمة، لخلص إلى أنه ينفي بشكل قطعي وجود روابط تدل على السيادة الإقليمية بين الصحراء الغربية والمملكة المغربية، أو حتى وجود اعتراف دولي بتلك الروابط. فالحكم قضى بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره والخيار بين الانضمام، إما إلى إسبانيا أو المغرب أو موريتانيا أو الانقسام بين الدول الثلاثة أو الحصول على الاستقلال التام.
في غضون ساعات من صدور حكم محكمة العدل الدولية، أعطى الملك المغربي الراحل الحسن الثاني أوامره لشعبه بالزحف جنوبا، وكانت الاستجابة كبيرة حيث شارك فيها نحو 350 ألف مغربي من الذين كانوا يعيشون على الهامش ويعانون من أوضاع معيشية صعبة، حيث اعتبروها فرصة لتحسين ظروفهم، ولما رأت إسبانيا بأن المغرب ماض ليضعها أمام الأمر الواقع، فضلت أن لا تخرج خاوية اليدين، وقرّرت أن تبيعه «حقوق الاحتلال» وتقبض الثمن من خلال اتفاقية مدريد وما منحته من امتيازات أو من نهب لخيرات الصحراويين.
لقد دخلت إسبانيا في مفاوضات مباشرة مع المملكة المغربية وموريتانيا التي كانت لها هي الأخرى مطالب احتلالية في الإقليم الصحراوي، وتوجت المفاوضات بـ»اتفاقية مدريد» التي قضت بتقسيم أراضي الصحراء الغربية بين المغرب وموريتانيا. أما الثمن الذي باعت به إسبانيا حقوق احتلال مستعمرتها، فتمثل في استفادتها من 35% من مناجم الفوسفات بمنطقة بوكراع، وبقاء أسطول صيدها البحري في المياه الإقليمية الصحراوية، وضمان قاعدتين عسكريتين قبالة جزر الكناري والكثير من الامتيازات الأخرى التي تستفيد منها إلى الآن.
المؤامرة بدأت إذن بمسيرة العار التي أفرغ من خلالها الاحتلال المغربي الاقليم الصحراوي من جل أبنائه المشردين في المخيمات والمنافي، واستوطن شعبه فيه.

قضية تصفية استعمار

اليوم ونحن نستعيد هذه الذكرى السوداء في تاريخ الإنسانية والشرعية، نجد أن القضية الصحراوية التي يصر المغرب على قتلها بالتقادم، مع أنها مسجلة منذ 1963 على لوائح الأمم المتحدة كقضية تصفية استعمار، تتعرض للتهميش والتضييق من طرف الدول المتواطئة مع الاحتلال، مقابل مشاركته نهب ثروات الإقليم المحتل. فإلى الآن ما زال مجلس الأمن، عندما يبحث القضية الصحراوية، يكتفي بتمديد مهمة «المينورسو» دون حتى تفعيل دورها المحدد في تقرير المصير، مختزلا النزاع الصحراوي كله في هذه البعثة دون أن يفكر حتى في تمديد وظيفتها إلى مراقبة حقوق الإنسان التي تنتهك بشكل رهيب من طرف المغرب.
القضية الصحراوية هي اليوم بين سندان محتل متغطرس وشرعية لا مبالية أو متواطئة، وصبر الصحراويين حتما سينفد ليعيدوا النظر في مسألة وقف القتال، ما يفتح أبواب جهنم على المنطقة التي تعيش أجواء توتر بسبب الأزمة الليبية والأمن الغائب في الساحل.
ويبقى على الصحراويين التمسك بحقهم، الذي لن يضيع بالتقادم، كما يريده الاحتلال.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024