أكد الخبير الأمني والمراقب الدولي السابق في بعثة الأمم المتحدة للسلام أحمد كروش، أن الجزائر هي المؤهل الوحيد بمرافقة السلطة في مالي وإيجاد حلول سريعة ودائمة بموافقة كل الأطراف بما تملكه الجزائر من قنوات تواصل مع كل الفاعلين السياسيين والمجتمع المدني، نتيجة مرافقتها للأزمة المالية لأكثر من ثلاثة عقود، وتأثير الأزمة المالية المباشر على الأمن القومي الجزائري.
قال أحمد كروش إن الجزائر تعتبر دوما أن منطقة الساحل وكل دول الجوار هي ضمن مجالها الحيوي والاستراتيجي، كما تعتبر أن أمن تلك الدول من أمنها، وانطلاقا من حسن الجوار والتعاون المشترك، فإنها تبحث على استقرار دول الجوار سياسيا وأمنيا، لان أي انفلات أمني فيها يؤثر على الجزائر.
وأضاف كروش في اتصال هاتفي مع «الشعب» أن الجزائر بمجرد وقوع الانقلاب أدانته، وتعتبر وصول هؤلاء للسلطة خارج المبادئ الدستورية مرفوضا، ولكن هذا لا يعني أن الجزائر تغمض عينها عن ما يجري في مالي وهي تشاركها حدودا بطول 1373 كلم وتداخل قبلي وأسري بين الشعبين الجزائري والمالي وروابط تاريخية، بل سارعت إلى إرسال وزير الخارجية الى باماكو والتحدث مع القيادة الجديدة ومع كل الفواعل الاجتماعية والسياسية هناك، ومرافقة السلطة الجديدة من أجل العودة إلى المسار الدستوري في أقصر وقت ممكن والحفاظ على كل التعهدات والاتفاقيات التي أبرمتها السلطة السابقة وذلك من اجل الاستقرار الأمني ودون تدهور الأوضاع هناك مما ينعكس سلبا على الجزائر، ولو تقع حرب داخلية في مالي فإن الجزائر سوف تتحمل أعباء أمنية واجتماعية إضافية بسبب لجوء ونزوح سكان مالي.
وفي تعليقه على تصريحات رئيس الجمهورية خلال لقائه ببعض ممثلي وسائل الإعلام مؤخرا، حينما أكد أن 90 بالمائة من الحل المالي جزائري وأنه ليس هناك حل بشمال مالي سوى بالرجوع إلى الاتفاق الذي احتضنته الجزائر وكذا الشرعية الدستورية بهذا البلد، قال الخبير الأمني أن رئيس الجمهورية ومنذ خطابه الموجه للأمة يوم تنصيبه، أشار إلى الملف المالي وقال لابد للجزائر أن تكون لها دور في حل الأزمة المالية كما هي الليبية، مضيفا أن أزمة المالية تقع ضمن المجال الحيوي والاستراتيجي الجزائري ويؤثر على أمنها القوي، ومنذ ذلك الحين والزيارات لم تنقطع الى مالي وتفعيل لجنة المتابعة من أجل تطبيق مسار الجزائر، فضلا على ذلك وبعد الأزمة كذلك كانت الجزائر، هي أول وفذ رسمي يزور العاصمة باماكو، وبعده بثلاثة أسابيع يعيد وزير الخارجية الزيارة، ويبدوا أن الأمور تسير بسلاسة ووفق الرؤية الجزائرية بأن تكون الفترة الانتقالية أقصر ما يمكن وأن يتولى رئاسة المرحلة الانتقالية رجل مدني وليس عسكري، وهاهي المدة تقلصت من ثلاثة سنين حسب ما أعلنت عنه لجنة إنقاذ الشعب المالي، إلى ثمانية عشر شهرا، والرئيس تم تعينه مدنيا في انتظار باقي المؤسسات كالحكومة والمجلس التشريعي الانتقالي وإصرار الجزائر أن يكونا ممثلين لكل مكونات الشعب المالي.
وأوضح كروش أن إصرار الجزائر على موقفها الثابت بمرافقة الإخوة في مالي إلى الانتقال إلى المسار الدستوري في جو من الطمأنينة وبعيدا عن العنف قد بدأ يعطي ثماره، مشيرا أن تأكيدات الرئيس في لقائه الأخير مع وسائل الإعلام لهو صدق الجزائر تجاه جيرانها وبعدها الإفريقي.
وبخصوص الوضع في مالي قال المحلل السياسي، إن مالي تعيش أزمة مزمنة متجددة، حيث عرفت خاصة مع مطلع التسعينات عدة أزمات وخاصة بين الشمال أي إقليم ازواد والسلطة في باماكو، سببه الرئيسي تقاسم السلطة والثروة، وكانت تدخل الجزائر بإنهاء الصراع كل مرة وكان آخرها في سنة 2015 بما سمي بمسار الجزائر، غير أن التدخلات الأجنبية وتنامي الجماعات الإرهابية في دول الساحل نتيجة سقوط النظام في ليبيا وتوفر السلاح والذخيرة وأصبحت المنطقة عنصر جذب للإرهابيين من كل جهة أضعف الحكومة والجيش المالي لسنوات ولم تستطع حكومة مالي القيام بما يلزم من تنمية وعصرنه الجيش بل زادت الأمور سوءا وتفشي الفساد وتغول الجماعات الإرهابية دفع ثمنها الجيش والشعب المالي، فكانت تظاهرات شعبية تطالب بالتنمية والأمن وبخروج القوات الأجنبية، إلى أن قامت مجموعة من الضباط بانقلاب واستولت على السلطة ودفعت بالرئيس إلى حل البرلمان وتقديم استقالته.