جمود رهيب يخيم على نزاع عمره أكثر من أربعة عقود
حالة جمود رهيب تعرفه قضية الصحراء الغربية منذ استقالة المبعوث الأممي الخاص، الرئيس الألماني الأسبق هورست كوهلر، بعد تعثر آخر جولة من المفاوضات بين طرفي النزاع الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب «البوليساريو» والمغرب.
ما بدا أنه مؤشر على تعطل مسار التسوية الأممي وزاد من معاناة الشعب الصحراوي وجعل الملف معلقا رغم تأكيد اللوائح والقرارات على عدالة القضية الصحراوية وأنها قضية تصفية استعمار وليس للمحتل أي سيادة على هذا البلد عبر التاريخ.
إن بروز أزمات إقليمية ودولية استقطبت اهتمام المجتمع الدولي أكثر من القضية الصحراوية، وانشغلت الهيئات الأممية والمنظمات الحكومية بملفات الساعة، بعد الذي خلفته تبعات جائحة كورونا، قلل من حركية الأروقة الدولية التي عهدناها فيما سبق، بسبب البحث عن علاج وأدوية.
كوفيد-19 يزيد معاناة الصحراويين
غير بعيد عن ذلك، يعاني الشعب الصحراوي ويلات وباء كورونا من جهة والاحتلال المغربي من جهة أخرى.
وظلت مخيمات اللاجئين بعيدة عن أي إصابة بعد ستة أشهر من تفشي جائحة كورونا بفضل مخططات الوقاية، وهو ما لقي إشادة من الهيئات الأممية. غير أن صعوبة الأوضاع حتمت على المواطنين هناك بالتنقل إلى المناطق المجاورة ليتم انتقال عدوى الفيروس، حيث سجلت السلطات الصحية حالات مؤكدة أثارت مخاوف وسط الصحراويين بسبب هشاشة القطاع الصحي هناك، تزامنا مع فصل صيف سُجلت فيه موجات حر شديدة.
استقالة كوهلر: رفض الانسياق وراء مؤامرة
عُيّـن الرئيس الألماني الاسبق هورست كوهلر مبعوثا أمميا جديدا. وقام بزيارة للرباط والجزائر ومخيمات اللاجئين. ورغم التفاؤل الكبير بالعودة إلى طاولة المفاوضات بين طرفي النزاع المغرب وجبهة البوليزاريو في ديسمبر 2019 بجنيف بعد نجاح كوهلر في تحريك مسار التسوية الذي تعطل منذ الجولة الأولى للمفاوضات سنة 2012، تفاجأ الجميع شهر ماي بإعلان المبعوث الأممي استقالته نهائيا، وذهبت كل الأطروحات إلى ان فرنسا هي من تحرك دفة الموازين بمجلس الأمن وتعطل أي خطة تسوية يُراهنُ عليها لإنهاء نزاع يزيد عمره عن أربعة عقود، وقد يطول في حال استمرار الوضع الراهن مع تفشي وباء كورونا الذي أخلط حسابات المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمات.
تعطل جولة ثانية من المفاوضات
نذكر بالمناسبة أن كوهلر عقب جولته الثانية في المنطقة، دعا في 29 سبتمبر 2018، طرفي النزاع المغرب وجبهة «البوليساريو» والدولتين المجاورتين الجزائر وموريتانيا، إلى محادثات حول «طاولة مستديرة» في جنيف لاستئناف المفاوضات المتوقفة منذ 2012، وقبلت الأطراف الدعوة الا ان آمال التوصل إلى حل ما فتئت تتلاشى بعدم التوصل إلى توافق لإنهاء النزاع، ما أدى إلى استقالة المبعوث الأممي تاركا القضية العادلة وآخر مستعمرة في إفريقيا تراوح مكانها، رغم تأكيد اللوائح الاممية بوجوب التسوية السلمية عبر استفتاء تقرير المصير.
الثروات الطبيعية جبهة أخرى للصراع
بسبب حالة اللاحرب واللاسلم، منذ إعلان وقف إطلاق النار بين طرفي النزاع سنة 1991، شكل ملف نهب دولة الاحتلال الثروات الصحراوية الطبيعية أحد أبرز محاور النزاع بين الطرفين حيث تعالت أصوات دولية تنديدا باختراق القانون الدولي وعدم الالتزام باللوائح الأممية التي ترى في المغرب بلدا محتلا لا سيادة له على الصحراء الغربية، ومن ثم لا يحق له استغلال ثرواتها الطبيعية.
وشكل ملف الثروات الطبيعية معركة جديدة بين طرفي النزاع وعرف الملف معركة قانونية شرسة في أروقة المحكمة الأوروبية، التي قضت برفض لاانتهاكات بحق ثروات الشعب الصحراوي، وكانت ضربة موجعة للمغرب الذي تمادى في تعنته رافضا القرار، إلا ان جبهة «البوليساريو» واصلت حملتها للدفاع عن حق الشعب الصحراوي بتوسيع التضامن والاعتراف.