على هامش فعاليات مهرجان المسرح العربي بوهران

دعـــــــوة إلى الاستثمـــــــــــــار في الطّفـــــــــــــل لبنـــاء مستقبـــل فــــن الخشبـــــة بالجزائر

وهران: براهمية مسعودة

سليماني: مسرح البرعم..إمكانيات هائلة مهدرة
عقيدي: النّصوص المسرحية لا تحترم  الخصوصيات
لبوخ: من يشاهد المسرحية وهو صغيرا، سيبقى وفيّا للركح
انتقد العديد من خبراء المسرح، واقع مسرح الطفل  والناشئة بالجزائر، في ظل غياب أعمال جادة تخدم جمهوره الصغار، وتعتبر هي الأخرى واحدة من نتائج انصراف الفنانين عنه وتجاهل المسؤولين له عبر عقود، صار خلالها هذا النوع من المسرح لصيقا بالمناسبات والعطل، باعتبارها الفرصة المتاحة أمام الطفل لمشاهدة العروض المسرحية.

«الشعب» ناقشت الموضوع مع عدد من المختصين المشاركين في مهرجان المسرح العربي في دورته التاسعة الملتئمة بوهران، لمعرفة الواقع الحقيقي لمسرح الطفل، وإن كانت التصريحات مقتضبة تصب في اتجاه واحد، يركّز على أهميّة الاستثمار في مسرحة الطفل لبناء مجتمع يقدس الفن بجميع أشكاله.    
قال الأستاذ ياسين سليماني، كاتب وناقد مسرحي من الجزائر: «إذا تحدّثنا عن مسرح الطفل وخصوصية الفئة المستهدفة من 5 – 15 سنة،  قفزت إلى أذهاننا صورة جمهور واعي من الصغار، يفرض علينا ترميم العلاقة بينه وبين الأعمال التي تقدم على المسرح، من أجل الإعداد لجمهور متين،  يشيب على ما شَبَّ عليه».
وقد عنون الأستاذ سليماني تدخّله بعنوان «مسرح الطفل..إمكانيات هائلة مهدرة»، معتبرا الاستثمار فيها السبيل الأنجع لبناء مستقبل للمسرح الجزائري، ولكنّه أكّد أنّ  «الأعمال المسرحية الموجّهة حاليا لهذه الشريحة الواسعة من المجتمع عروضا مناسباتية، يطغى عليها الجانب التهريجي، دون تقديم أعمال حقيقية، تأخذ الوقت الكافي من الإعداد والإثراء».
وعلّل محدّث «الشعب» موقفه هذا بواقع مسرح الطفل في الجزائر، الذي لا يرقى - حسبه - إلى طموحات جيل القرن الجديد وما توصّل إليه من المستجدات الفكرية والتطورات التكنولوجية وتأثيراتها  على الاتصال الجماهيري وبوجه خاص على الطفل.
وهو ما جعله يشدّد على ضرورة مراجعة بعض الأفكار حول هذا الصنف المسرحي بكل مفرداته وعناصر عمله، ليس لشخصية الطفل فحسب بل لشخصية جمهور غير مباشر يتكون من الكبار المعنيين بالتقاط رسائل هذا المسرح، وطرائق تعامله  ومعالجاته للمواضيع المطروحة.
كما أشار إلى أنّه كتب هذا الكلام أكثر من مرّة في كتابه الذي صدر عن دار التنوير في أكتوبر الماضي تحت عنون «خطوط غير مستقيمة»، الذي تطرّق فيه إلى الفجوة الكبيرة بين ما يقدم للطفل وبين ما يجب أن يقدّم.
بدوره، اعترف السيّد عقيدي محمد، مدير المسرح الجهوي أم البواقي بضعف بعض النصوص المسرحية الموجّهة للطفل في الجزائرّ، التي لا تحترم خصوصيات هذا النوع من المسرح وفوائده وانعكاساته التربوية والنفسية، وفق نفس المتحدّث، مؤكّدا على ضرورة التحليّ بالدقّة عند الاشتغال  على العروض الخاصة بالأطفال.
قال عقيدي أنّ النقطة الحسّاسة تكمن في أنّ جمهور المسارح ودور الثقافة، أغلبها أطفالا من مختلف الفئات العمرية، من جهة وإلى موقع الطفل ومكانته في الحياة الإنسانية من جهة أخرى، ومن كونه الأساس لبناء المستقبل.
وأوضح أنّ ما يميز مسرح الطفل ويطبعه بسماته الخاصّة، الجمهور المستهدف وما تحمله منظومته من قيم تربوية وأخلاقية وتعليمية ونفسية، تتحدد بطبيعة وخصوصية الفئات العمرية المحصورة من 6 سنوات وما فوق، وبين 12 سنة وما فوق.
كما أشار نفس المصدر إلى الحركية الكبيرة التي يعرفها المسرح الجهوي أم البواقي سواء من حيث العروض أو الملتقيات والندوات التي تعالج مشاكل القطاع، بما فيها أسباب تراجع جمهور المسرح في الجزائر والسعي نحو إيجاد الحلول الكفيلة لكل المشاكل الذي يعاني منها.
عجز الميزانية غيّب النّشاطات الموجّهة
ويعتقد فؤاد لبوخ، ممثل محترف بالمسرح الجهوي لباتنة أنّ الركود الموجود في مجال مسرح الطفل يعود إلى أسباب عديدة منها العجز في الميزانية الخاصة بمسرح الأطفال وفقدان النشاطات المسرحية للتخطيط والتنظيم الجيد، ناهيك عن الجهل بأهميّة التأثير العلاجي والتعليمي والتربوي للمسرح.  
واعتبر  بّوخ في تصريح لـ «الشعب» أنّ أهمية هذا الصنف الدرامي، ينبع من كونه من الأساليب المؤثرة و الفاعلة على حياة الطفل الاجتماعية، ويمكن من خلاله إيصال مفاهيم مختلفة لا يمكن للعلوم الأخرى بيانها، بحسب درجة النمو العقلي والبدني لدى الطفل، وفق نفس المتحدّث، والذي قال أنّ «الطفل الذي يشاهد المسرحية وهو صغيرا، سيبقى وفيا للركح في كبره».
وعاد ليؤكّد أنّ المسرحيات التي تقدّم اليوم مواضيعها بسيطة، قديمة ومكررّة، لا تقوم بواجبها الثقافي التربوي إلى جانب الترفيه والتسلية الهادفة، داعيا المؤلفين والمخرجين إلى مواكبة العصر  وإدراك مضامين الواقع المفروض نحو تنويع مواضيعها وتجديدها بأسلوب فني راق، لتنمية الحس الجمالي لدى الطفل.
وهو ما جعله يطالب بدعم مسرح الطفل واحترام خصوصياته وركائزه بما فيها النص والممثلين وجمالياته من الملابس والديكورات والمؤثرات الصوتية والألوان الزاهية، وغيرها من وسائل الجذب الترفيهي والتسلية، ولا سيما أن الأمر اقتصر خلال الفترة القليلة الماضية على تقديم بعض الأعمال الفارغة.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024