صدر مؤخرا، عن “مخبر الدراسات الأنثروبولوجية والمشكلات الاجتماعية” بجامعة المسيلة، كتاب “العودة إلى الذات الإسلامية الفاعلة” للبروفيسور الدراجي زروخي. ويحيلنا هذا الكتاب، الذي يعتبر تكملة وتمام سلسلة “كونية القيم الإسلامية”، إلى ما يجب أن تكون عليه الذات الإسلامية في عصرنا، حتى تحقق غاية الدين الإسلامي، إذ يجب أن تؤمن هذه الذات بأن الفكر هو القوة التي تمكّن الإنسان من تسيّد العالم.
ضمن منشورات “مخبر الدراسات الأنثروبولوجية والمشكلات الاجتماعية” بجامعة المسيلة، صدر للأستاذ الدكتور الدراجي زروخي، مطلع السنة الجارية، كتاب “العودة إلى الذات الإسلامية الفاعلة”.
ويعتبر هذا الكتاب تكملة وتمام سلسلة “كونية القيم الإسلامية”، إذ يأتي بعد كل من “خرافة الإسلاموفوبيا”، و«كونية القيم وقدسية الفعل الحضاري في الإسلام” و«جدلية الحرية وأخلاق الكرامة في الإسلام”.
وعن هذه السلسلة، يقول أ - د - الدراجي زروخي “عكفت على تأليفها على مدار 10 سنوات تقريبا، وحاولت فيها أن أعطي توجها مختلفا لكثير من التصورات الأخلاقية الإسلامية”، كما وعد زروخي بأن هذا الكتاب الجديد، والذي قبله، أي الجزء الثالث من السلسلة وعنوانه “جدلية الحرية وأخلاق الكرامة في الإسلام” سيكون قابلا للتحميل المجاني، معربا عن تمنياته بأن تكون هذه السلسلة “إضافة نوعية للمكتبة الجزائرية”.
يحيلنا كتاب “العودة إلى الذات الإسلامية الفاعلة” إلى ما يجب أن تكون عليه الذات الإسلامية في عصرنا، حتى تحقق غاية الدين الإسلامي، ووفقا لما جاء فيه، فإن الذات الإسلامية، حتى تكون فاعلة في عالم يعج بالصراع، يجب عليها أن تؤمن بأن الفكر هو القوة التي كان بها الإنسان سيدا على العالم، وسيطر على عناصر المادة وأنواع الأحياء، وبالفكر يولد العلم، والإرادة هي التي تغذي هذا كله، يؤكد المؤلف.
ويضيف زروخي بأن حياة الإنسان المسلم يجب أن تبنى على ثلاث: الإرادة، الفكر والعمل، وهذه الأسس الثلاثة متوقفة بدورها على ثلاثة أخرى لابد منها، فالعمل متوقف على البدن، والفكر متوقف على العقل، والإرادة متوقفة على الخلق، وهذه المتلازمات هي التي تقود الإنسان المسلم إلى إعادة بعث الحضارة الإسلامية، يقول الكاتب، الذي يرى أنه ينبغي على الذات الإسلامية الفاعلة أن تكون طموحة، ويجب أن يكون لرجال الأعمال دور فاعل في بعث حركة العلوم والفكر، فلم تعد المعادلة الحضارية محصورة في الإنسان والتراب والوقت (وهو ما قال به مالك بن نبي) بل إنها بحاجة إلى وسيط وإضافة هي تفعيل دور رجال الأعمال، بحيث تكون لهم طموحات حضارية، هذا والذات الإسلامية بحاجة ماسة إلى تفعيل علم الكلام لإحياء العقيدة الإسلامية الوسطية الصحيحة وتجاوز التعصب الأيديولوجي، والمسلم بحاجة إلى الانفتاح الحضاري المشروط حتى يعيد تأسيس ذاته، ليكون لها دور ومكانة في عالم اليوم.
ويعتبر زروخي في كتابه أن الذات الإسلامية في عصرنا هذا مطالبة بخلق قوة ثقافية وفكرية وإعلامية واقتصادية خاصة، لتناور بها وتثبت بها أحقيتها في تصدر العالم، ويجب أن تكون هذه الذات طموحة إلى هيكلة نفسها لتكون قطبا حضاريا عالميا، لا أن تكون ذاتا تستهلك ما ينتجه غيرها فكريا وعلميا واقتصاديا. وهذه الذات مطالبة باحتواء العولمة بجميع آلياتها، ومطالبة بتجاوز الانصهار فيها، ومطالبة أيضا بإعادة النظر في تفاعلها مع الآخر، فما يحتاج الصراع قابلته بالصراع، وما يحتاج الاحتواء قابلته بالاحتواء، وما يحتاج المضايفة قابلته بها، وإن لم تفعّل الذات الإسلامية نفسها بخلق مناهج تربوية وسياسة اقتصادية، ونظريات علمية وتكنولوجية، وفق نسق فكري إسلامي، فستمهد الطريق لغيرها لاستعمارها من جديد في ما هو قادم من الزمن. ويخلص البروفيسور زروخي، في كتابه هذا، إلى أن ما يعيشه هذا الدين من “أزمة” وفق تعبيره ليس كامنا فيه، وإنما في الذوات المنتكسة التي تعتنقه، وهذا ما يتناوله هذا الجزء من سلسلة “كونية القيم الإسلامية”.