الباحثة في التّراث الأستاذة عائشة بن نوي:

يناير تاريخ.. تــراث وأصالـة

أمينة جابالله

 أكّدت الباحثة في التّراث الأستاذة عائشة بن نوي، أنّ الاحتفال برأس السنة الأمازيغية «يناير» يحمل أبعادًا رمزية متداخلة تبرز القيم الثقافية، التاريخية، الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية، والروحية.
 أوضحت أنّ «يناير» يجسّد التعمق في التاريخ الأمازيغي، ومدى ارتباطه بهوية حضارية ممتدة عبر العصور. كما يعيد هذا الاحتفال صياغة علاقة المجتمع بتاريخه، مؤسسًا لجسور تربط الماضي بالحاضر.
وأفادت المتحدّثة، من حيث الرمزية الاجتماعية والثقافية، أن يناير ليس مجرد مناسبة احتفالية، بل هو مناسبة لتعزيز التقاليد الثقافية. كما يظهر الاحتفال تكاملًا اجتماعيًا، حيث يشارك الجميع في الأنشطة دون تمييز، مما يبرز قيم التضامن والتعايش.
ووفقًا لها، فإنّ الرمزية الاقتصادية والفلاحية لـ «يناير» تعكس ارتباطه بالزراعة، مشيرة إلى أهمية الأرض والإنتاج الفلاحي كركيزة أساسية في الحياة الأمازيغية التقليدية. وأكّدت أن الاحتفال يعبر عن الجهود المبذولة في الزراعة واستبشار الخير بالسنة الجديدة.
تابعت عائشة بن نوي حديثها فيما يتعلق بالرمزية الروحية، مشيرة إلى أن هذه المناسبة الوطنية تحمل دلالات عميقة لا يمكن إغفالها، حيث ذكرت: «يمثّل يناير أمل التجديد للقيم المعنوية التي يحملها، والتي تركّز على العمل والتطلع إلى مستقبل أفضل».
وأضافت أنّ رأس السنة الأمازيغية هو مناسبة غنية بالأبعاد التي تعكس أصالة التراث الأمازيغي، وتعزّز ارتباط المجتمع الجزائري بتاريخه وهويته. كما تسهم هذه المناسبة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، مما يجعلها أكثر من مجرد احتفال، بل ركيزة لتعزيز الوحدة الوطنية والتنمية المستدامة بأبعادها المختلفة. وأشارت إلى أن الاحتفال يعكس الجذور التاريخية العميقة للأمازيغية كجزء لا يتجزّأ من الهوية الوطنية الجزائرية. ومن خلال التراث، مثل الأغاني، الأزياء، والأطباق التقليدية، يتم الحفاظ على الثقافة الأمازيغية ونقلها للأجيال القادمة، ممّا يعزز فهم المجتمع لقيم التنوع الثقافي واحترامه.
وأوضحت الباحثة أيضًا، أن «يناير» يعزز التماسك الاجتماعي، حيث يعد مناسبة لتجميع العائلات والمجتمع حول تقاليد مشتركة. كما يبرز أهمية الروابط المجتمعية من خلال الأنشطة المشتركة مثل إعداد الطعام التقليدي والمشاركة في الاحتفالات الجماعية.
أما عن البعد الاقتصادي، فقالت بن نوي إن يناير يمثل منصة لتنشيط الحرف التقليدية، مما يدعم الحرفيين اقتصاديًا. وأكّدت أن الفعاليات والمعارض المصاحبة تسهم في تنشيط السياحة الثقافية، ممّا يفتح آفاقًا جديدة للاقتصاد المحلي. كما يعزّز هذا الاحتفال استمرارية الحرف اليدوية، ما يجعلها مصدر دخل مستدام بدلًا من كونها نشاطًا موسميًا.
وأضافت أن «يناير» يعكس ارتباط الإنسان بالطبيعة والزراعة، حيث يعتبر بداية دورة زراعية جديدة. وقالت إنه يحمل روح الأمل والتجديد، مما يدفع المجتمع للتفاؤل والعمل في بداية السنة الجديدة.

كما أكّدت البحثة، على أن مناسبة رأس السنة الأمازيغية المتمثلة في «يناير» ليست مجرد احتفال ثقافي، بل هي فرصة لتعزيز الهوية من خلال رمزيتها وأبعادها المتعددة. وأشارت إلى أنّ هذا الاحتفال يعتبر نموذجًا يجمع بين الماضي والحاضر، ويسهم في بناء مستقبل يعتمد على الهوية الثقافية والتنمية المستدامة. واختتمت بالقول: «رأس السنة الأمازيغية في الجزائر (يناير) يتجاوز كونه احتفالًا شعبيًا ليحمل أبعادًا متعدّدة تتداخل فيها الجوانب الثقافية، الاجتماعية، الاقتصادية، والسياسية».

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19668

العدد 19668

الأربعاء 08 جانفي 2025
العدد 19667

العدد 19667

الثلاثاء 07 جانفي 2025
العدد 19666

العدد 19666

الإثنين 06 جانفي 2025
العدد 19665

العدد 19665

الأحد 05 جانفي 2025