الفنـّان محمد الطاهر زاوي لـ”الشعبّ”:

أعمل من أجل الإبداع لا من أجل الظهور

حوار: فاطمة عريف

إذا اعتمدنا عمَّا يـحبـّه البعض صنعنا جمالًا يـحبّه الآخرون

رحلتنا هذه المرة إلى عاصمة الأوراس باتنة، أين التقينا بالفنان محمد الطاهر زاوي، الفنان المسرحي والممثل التلفزيوني الذي بزغ نجمه وعلا صيته داخل الوطن وخارجه، موهبته وشغفه وحبّه للتّمثيل وأداؤه المبدع في الأدوار الرئيسة التي جسّدها نال خلالها جوائز دولية ووطنية، حلّ ضيفا على صفحات “الشّعب”، ليحكي لنا عن تجربته الفنّية وواقع المسرح والسينما في الجزائر خاصّة وفي العالم العربي عامة، قراءة ماتعة نتمناها لكم.

-  الشعب: كيف كانت بداياتك مع التّمثيل؟ ومن كان وراء انطلاقتك؟
 محمد الطاهر زاوي: بدايتي كانت في المرحلة الابتدائية، وإشراقتي كانت من خلال مشاركتي في حصة تلفزيونية لبرنامج “ماما نجوى” بعنوان الحديقة الساحرة، وكانت انطلاقتي الحقيقية في التسعينات في مرحلة البكالوريا، بفضل أستاذ الرياضيات محاملية الذي كوّن فريقا للتمثيل، انضممت منشدا فلاحظ ميولي للمسرح وأعطاني فرصة للالتحاق بهم وبعد تحصّلي على البكالوريا التحقت بجمعية الآفاق للفنون الدرامية بمدينة باتنة، ومن خلالها تعلّمت المسرح وأخلاقياته، ممّا شكّل البداية الحقيقية لمسيرتي في عالم التمثيل.

- متى تمَّ احتضان موهبتك ولاقت الاعتراف الذي تستحقّه؟
 انفجرت موهبتي في مسرحية “الطيحة” مع جمعية الآفاق والفنون الدرامية وبعد 10 سنوات من الممارسة، فيها أحسست أنَّ موهبتي في التَّمثيل قد انفجرت. المسرحية كانت رائعة والدّور كان مكتوبا باحترافية، حيث كان الدور كاريكاتوريا كوميديا وساخرا جدًّا. فكنت فيها مثل الإلكترون الحرّ في التحرّك والمشي، من خلالها صرت معروفا وطنيا وحتى عربيا ونجحت في الدور بشهادة الحضور، وقد كانت سببًا في فتح الأبواب لي لأشارك في مسرحيات خارج ولاية باتنة ومن ثمّ الالتحاق بالسينما والدّراما.

- ما هي أبرز المحطات الفنّية التي تفتخر بها في مسيرتك؟
 أبرز محطة لي في التمثيل كانت مع جمعية الآفاق والفنون الدرامية والتي أظلّ أفتخر بها دائما وأبدًا. وقد كانت لي مشاركات في المسرح الوطني وأدوار بطولية في التلفزيون الجزائري منها مسلسل “عيسات إيدير” باللغة العربية الفصحى للمنتجة سميرة حجيلاني. من خلال الدور اكتشف ممارسو الدراما موهبتي فدعيت بعدها إلى العديد من المسلسلات من بينهم مسلسل “مشاعر” في جزئه الثاني بدور “جعفر” العمل المشترك بين الجزائر وتونس مع مخرج وفريق تقني تركي، أما سينمائيًّا فهناك فيلم “أحمد باي” باللّغة العربيّة الفصحى والذي مازال لم يعرض إلى حدّ الآن من إنتاج وزارة الثّقافة الجزائرية والمخرج المنفذ حجيلاني مع مخرج وفريق تقني إيراني. ومسلسل “ابن باديس” مع المخرج السوري “باسل الخطيب”، أين أدَّيت فيه دور والد ابن باديس. أيضا الفيلم الأخير بعنوان “الملكة الأخيرة” آخر فيلم سينيمائي شاركتُ فيه والذي جال أنحاء العالم، أين عرض في عدّة مهرجانات كبرى مثل مهرجان فينيسيا ومهرجان البحر الأحمر بالسَّعودية. فكانت تلك أهمّ المحطّات الفنّية التي خضتها.

- كيف ترى دورك في مسرحية “الثائرون”؟ وما الرسالة التي حرصت على إيصالها من خلالها؟
 كان دوري فيها الراوي (أيّ ذلك المسافر عبر الزمن). في الحقيقة تلك الشّخصية لم تكن موجودة في النص الأصلي. فقد اتّصل بي المخرج “كريم بوتشيشة” من مسرح قسنطينة وطلب منّي أن أشارك معه في المسرحية. وأراد أن يخلق شخصيّة غير موجودة في المسرحيَّة تكون أشبه للرّاوي. وبالفعل اجتمعنا وحدّدنا معالم هذه الشخصية، ثمّ حملت على عاتقي كتابة نصّ المسرحية، فالشّخصية فيها كانت أحيانا تجسّد دور الرّاوي محرّكا للأحداث وأحيانا أخرى شاهد على الأحداث التي وقعت إبّان الثّورة التّحريرية من خلال قصّة الثائر الجزائري “أرزقيو البشير” في بلاد القبائل. فكنت في كلّ مرّة أتدخّل من خلال المسرحيّة لأوصل الرّسالة وهي أنَّه بالرّغم من كلّ المعاناة التي عاناها الشَّعب الجزائري، إلا أنّ إيمانهم بأبنائهم وحبّهم لوطنهم وتضحيتهم لأجلهم، جعلت هذا الجيل يتنعّم، كما كتبت في مقطع من المسرحية على لسان “أرزقيو البشير” لما يقول: “قل لوليدي أنّني ما حضنتوش بزاف لكن أنا مدّيت حياتي باه هو يحضن وليدو بلا مايزيد يخاف”. فكانت رسالة قويّة للمسرحية.

-  ما جديدكم في الساحة الفنية؟
جديدي هو أنّه يوجد بين يديّ “نصّ للأطفال” ربّما سأكون مخرجه؛ ولكن ليس الأمر أكيدا. إضافة إلى مشاركتي في مسلسل باللّغة الأمازيغية الشاوية في منطقة باتنة، لرمضان 2024. حاليا هذه هي المشاريع الجديدة، وهناك أخرى مستقبلية لم تتأكّد بعد، فلا أريد الحديث عنها.

- ما هي النّصيحة التي تقدّمها للشباب الذين يرغبون في دخول عالم التّمثيل؟
أقولُ لهم أحبّوا ما تفعلون، وفجّروا طاقاتكم ومواهبكم وشغفكم وحبّكم للأشياء التي تفعلونها، وليس فقط حبّ الظّهور. فاليوم أصبح هدف الممثلين الشهرة ولو على حساب أشياء كثيرة، حتى وإن كانوا ليسوا موهوبين يبحثون عن هذا المجال، الظّهور والانتشار. وهذا مضرّ وأضرّ جدًّا بالميدان وبمستوى الأعمال. فنصيحتي هي أن يحبّوا ما يفعلون ولا يهم ما يجنون من مال وشهرة وغيرها.

-  كيف يمكن للممثِّل الصّاعد أن يطوّر نفسه ويجد مكانه في السَّاحة الفنِّية الجزائريَّة؟
 من أجل ذلك، يجب عليه التَّعلُّم والتَّقرّب المكثف والتوجّه للمسرح في أول فرصة أتيحت له، فالمسرح سلاح هام لأيِّ ممثِّل؛ فهو يمنح الشَّخص الثَّقة، الطلاقة وإمكانية تحليل الشَّخصيات. ويجب عليه تطوير الذَّات عمليًّا ونظريًّا فهو مهمٌّ جدًّا. ولا يكتفي بالموهبة فقط أو بالمشاهدات المليونية من المتابعين، لا يمكن أنْ نصنع جمالًا يحبّه الآخرون، إذا اعتمدنا فقط عمَّا يحبّه البعض. أو عن أشياء ربّما نقدّمها قد تبدو في بعض الأحيان تافهة وهي كذلك. فيجب أن نصنع ما يخلّد أسماءنا ولا نبنيها بالوهم فتصبح فقاعات تطير في السّماء لمرحلة معيّنة ثمَّ بعد ذلك تتفرقع ولا يصبح لها وجود تماما.

- كلمة أخيرة
 أشكركم على المساحة الجميلة التي منحتموها لي للإطلالة على قرّاء جريدتكم، متمنّيا كلّ الخير لهذا البلد ولهذا الميدان. ناصحا نفسي وكلّ هاو للمسرح أن نبذل مجهودا أكبر لتحقيق جودة وإنتاج أفضل، محبّتي للجميع.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19667

العدد 19667

الثلاثاء 07 جانفي 2025
العدد 19666

العدد 19666

الإثنين 06 جانفي 2025
العدد 19665

العدد 19665

الأحد 05 جانفي 2025
العدد 19664

العدد 19664

السبت 04 جانفي 2025