أشار الدكتور المسعود بن سالم، أستاذ اللسانيات التطبيقية والإعلام بجامعة الجلفة، وإعلامي مهتم بصناعة المحتوى التاريخي والتراثي ورقمنة قطاع التربية، في تصريح لـ«الشعب” أن الحديث عن تحديات التكنولوجيا التي تواجهها اللغة العربية يتطلب منا تعريف شيئين هما: فضاء التحدي والوسيلة الملائمة لاقتحامه والدفاع عنه.
قال الباحث المسعود بن سالم “إذا كان الإقليم الجغرافي هو الفضاء السيادي الذي نضع لحمايته الجيش المحترف والسلاح المتطور فإن الفضاء الرقمي يحتاج الوسائل (hardware) والبرمجيات (Software)، لكن الأهم هنا هو صناعة المحتوى التي لا تكون سوى بالاهتمام باللغة العربية باعتبارها تأشيرة سفر إلى 22 دولة عربية و35 دولة اسلامية، وباعتبارها لغة من 06 لغات معتمدة في الهيئات الأممية.. فمن يملك قوة النشر والحضور الرقمي سيمتلك لا محالة قوة التأثير في الآخر، وقوة تحصين المجتمع والأجيال الصاعدة وعقول الناشئة ضد أي محاولة للنيل من السيادة، وهو من سيتحكم بالعقول والأجيال الصاعدة، وهذا من بعيد لأن التكنولوجيا قد ألغت عامل الجغرافيا في التحكم بالعقول”.
ويشيد الأستاذ بن سالم بالتوجه الذي سطره رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، بخصوص الرقمنة بالجزائر والذي جسّده قرار مجلس الوزراء يوم 24 مارس 2024 في تجسيد مركز البيانات للجزائر وإعطائه صفة الطابع الاستعجالي.
وتساءل الباحث المسعود بن سالم حول: “كيف نصنع محتوى جزائريا يعطينا الحضور خارجيا والحصانة داخليا؟ ومن هم المنوطون بذلك؟” ليُجيب على ذلك “بأن اللغة العربية هي المشكلة والحل في آن واحد، فإذا اهتممنا بها فإنها ستكون الحل لمشكل يتأتى من تغييبها”.
ويرى بن سالم بأنه لم يعُد يُطرح مشكل التحدي التكنولوجي أمام اللغة العربية سوى في سياق الحضور والإنتاج في الفضاء الرقمي، بما يخدم أصالتنا ومصالحنا. مشيرا إلى “أن صناعة المحتوى بالجزائر مرتبط باللغة العربية باعتباره قضية يساهم فيها المجتمع برمته، ويجب أن يقود قاطرته قطاع التربية باعتباره يتوفر على أكبر عدد من صناع المحتوى ألا وهُم الأساتذة والتلاميذ.”
وأضاف “قد أعطانا السيد الرئيس أرقامهم، بمناسبة المؤتمر القاري حول التعليم والشباب وقابلية التوظيف الذي احتضنته نواكشوط هذا الشهر، حيث قال السيد الرئيس إن الجزائر تتوفر على ما يقارب 12 مليون متمدرس في مؤسسات التربية والتعليم، وأكثر من 600 ألف أستاذ.
وأكد بن سالم “أن اللغة العربية هي الفاعل الأساسي في تجسيد سيادتنا الرقمية”، مذكرا بأطروحته بجامعة مستغانم حول “معايير مقترحة لبناء موقع إلكتروني نموذجي للمدرسة”، والتي تجسدت في شبه خوارزمية بـ21 معيارا هي بمثابة لبنة أساسية تستنير بها الجماعة التربوية وتكون بمنزلة خوارزمية أولية، لما يمكن أن تكون عليه المنصة الرقمية للتعليم بقطاع التربية، وفيها يتحول المعلم من مجرد متلقّ ومنفّذ للمنهاج إلى منتج حقيقي عبر الوصول إلى بنوك للنصوص التعليمية، ونفس الأمر بالنسبة لنقل المتعلم من مجرد مستهلك إلى فاعل ومتفاعل عبر بعث النشاطات اللاصفية الخادمة للإنتاج اللغوي المكتوب والمقروء، والنتيجة النهائية على المدى المتوسط هي جعل المدرسة قاطرة لصناعة المحتوى العربي على شبكة الأنترنت”، مؤكدا أنه “بفضل نجاعة تعليم اللغة العربية سننصع جيلا من صُناع المحتوى باللغة العربية في شتى المجالات”.