الأستاذ والناقد مهيدي منصور لـ”الشعب”:

جهود كبيرة تبذلها الجزائر في سبيل النهوض باللّغة العربية

رابح سلطاني

يقول الأستاذ والناقد الأدبي مهيدي منصور بأن اللّغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي هُويّة أمّة وحضارة تضرب جذورها في عمق التاريخ، هي لغة القرآن الكريم، لغة البلاغة والإعجاز، جمعت بين الدقّة والجمال، واحتضنت العلوم والفنون عبر قرون طويلة.

صرّح مهيدي منصور في حديث مع “الشعب” أن اللغة العربية ليست حروفًا تُكتب أو كلمات تُقال فحسب، بل هي وعاء فكرنا، وجسر يربطنا بماضينا الأصيل، وأساس بناء حاضرنا ومستقبلنا، مضيفا بأنها لغة تحمل في طيّاتها عبق التاريخ وأصالة الثقافة، وتنطق بمجد العلماء والأدباء الذين خطّوا أعظم الصفحات بيراعها.
ويقول المتحدث بأننا اليوم، أمام تحدي هام أكثر من أيّ وقت مضى “يكمن في الاعتزاز بلغتنا والتمسك بها، لأّنها ليست فقط لغة الماضي، بل هي كذلك لغة حية متحركة نستشرف بها مستقبلنا، بما تحمله من قدرة على مواكبة العصر والتعبير عن أعمق الأفكار بأبسط الكلمات”، مشيرا إلى أن الشعار الذي رفعته اليونسكو بعنوان “اللغة العربية والذكاء الاصطناعي: تعزيز الابتكار مع الحفاظ على التراث الثقافي”، احتفالًا باليوم العالمي للغة العربية لعام 2024، يأتي ليؤكّد على دور هذه اللغة في مواكبة العصر وتعزيز الحوار بين الثقافات، لكونها رمز حضاري وثقافي وإنساني يجمع بين الماضي والمستقبل.
وأضاف مهيدي في سياق حديثه عن أبرز التحديات التي تواجه اللغة العربية اليوم، بالقول “حقيقة لقد ساهمت اللغة العربية على مرّ العصور في إثراء الحضارة الإنسانية، كانت لغة العلوم والفنون والفلسفة خلال العصر الذهبي للإسلام، وكان للعلماء العرب والمسلمين دورا بارزا في تقديم إسهامات علمية وفكرية خالدة وصلت إلى العالم أجمع، وأمّا في عصرنا الحالي، فقد أثبتت اللغة العربية قدرتها على التأقلم مع التطوّر التكنولوجي، وأصبحت جزءًا من لغة الذكاء الاصطناعي، تُستخدم في برمجة التطبيقات الذكية، وتحليل البيانات، وترجمة النصوص، ممّا يفتح آفاقًا جديدة لنشر الثقافة العربية على المستوى العالمي وتعزيز التفاهم بين الشعوب”.
كما اعتبر الناقد الأدبي مهيدي منصور بأن احتفاء الجزائر ومؤسّساتها الأكاديمية والثقافية باليوم العالمي للغة العربية لهو دعوة لتقدير مكانتها ودورها الحضاري، والتأكيد على ضرورة العمل على تطويرها ومواكبتها لمقتضيات العصر، باعتبارها واحدة من الدول العربية التي تعتزّ بهُويّتها الثّقافية والحضارية، وتولي اهتمامًا كبيرًا للنهوض باللغة العربية وتعزيز مكانتها.
ونوّه المتحدث بالمجهودات الكبيرة التي تبذلها الجزائر للحفاظ على لغة الضاد وتطويرها في مختلف المجالات، حيث انكبّت ـ يقول ـ على تعريب النظام التعليمي تدريجيًا بعد الاستقلال، كما دعت إلى إنشاء أقسام لتدريس اللغة العربية وآدابها في الجامعات، بهدف تكوين أجيال متعلّمة وواعية بأهمية هذه اللغة، لاسيما من خلال الجهود التي أولتها الجزائر في اهتمامها بالإعلام الناطق بالعربية، من خلال القنوات التلفزيونية والإذاعات والصّحف.
ويضيف بأنها سعت إلى تشجيع الباحثين على استخدام اللغة العربية في الدراسات الأكاديمية والبحث العلمي، على غرار إنشائها العديد من المؤسّسات التي تُعنى بالحفاظ على التراث العربي واللغة، مثل المجمع الجزائري للغة العربية، والذي يعمل على تطوير اللغة وإثرائها بمفاهيم ومصطلحات جديدة، والمجلس الأعلى للغة العربية الذي يعدّ هيئة رسمية تعمل على حماية اللغة العربية وتعزيز مكانتها بين اللغات وتطويرها لضمان حضورها في العالم الرقمي.
الناقد منصور مهيدي، أكد على أن الجزائر تواصل جهودها للنهوض بلغة الضاد، وذلك من خلال العمل أيضا على دمج اللغة العربية في مجال التكنولوجيا، بتطوير تطبيقات وبرمجيات تدعم استخدام اللغة في التعليم والبحث والإعلام، فضلا عن مشاركة الجزائر في المؤتمرات والمبادرات العربية والدولية من أجل تعزيز مكانة اللغة العربية على مستوى العالم، مما يُبرز دورها كدولة رائدة في الدفاع عن لغة الضاد.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19651

العدد 19651

الأربعاء 18 ديسمبر 2024
العدد 19650

العدد 19650

الثلاثاء 17 ديسمبر 2024
العدد 19649

العدد 19649

الأحد 15 ديسمبر 2024
العدد 19648

العدد 19648

السبت 14 ديسمبر 2024