”الـوهر الـفضـي” لـ”المرهقون” و”البرونزي” لـ”ميسي بـغداد”
الأردنيـة منى حوا والجـزائري أنـيس جعــاد.. أفـضـل دور
فضيلـة حشماوي وفتحي عـبد الوهاب.. تكريم مستحــقّ
توّج الفيلم الروائي الطويل “مندوب الليل” للمخرج السعودي علي الكلثمي بجائزة “الوهر الذهبي” للطبعة الـ12 لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي التي اختتمت فعّاليتها، الخميس، ويتناول هذا الفيلم قصّة رجل أعزب مضطرب يتوه وحيدا مهموما كلّ ليلة في زحام وشوارع الرياض بين فقدان العاطفة وضياع الوظيفة وتوصيل الطلبات، تدفعه كافة الظروف للتخلّي عن مبادئه في عالم لا يفقه فيه شيئا.
وتحصّل الفيلم الطويل “المرهقون” للمخرج اليمني عمرو جمال على جائزة “الوهر الفضي” فيما عاد “الوهر البرونزي” للفيلم “ميسي بغداد” للمخرج العراقي سهيم عمر خليفة.
وعادت جائزة أحسن دور نسائي للفنانة منى حواء عن الفيلم “إن شاء الله ولد” للمخرج الأردني أمجد الرشيد، فيما تحصّل الممثل الجزائري سمير الحكيم الذي شارك في الفيلم “أرض الانتقام” للمخرج أنيس جعاد على جائزة أفضل دور رجالي.
وفيما يتعلّق بالأفلام القصيرة فقد منحت جائزة الوهر الذهبي لفيلم “ليني أفريكو” للمخرج التونسي مروان لبيب، فيما تم منح تنويه خاص للفيلم الموريتاني “والدك.. على الأرجح” للأخوان طلبة، وفيلم “ترانزيت” للمخرج العراقي باقر الربيعي وفيلم “نحن في حاجة إلى المساعدات الكونية” للمخرج المصري أحمد عماد.
وبالنسبة لفئة الأفلام الوثائقية القصيرة، تحصّل الفيلم “طحطوح” للمخرج الجزائري محمد والي على جائزة أفضل فيلم، في حين نال الفيلم “مطاردة الضوء المبهر” للمخرج السوري ياسر قساب جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل مع منح تنويه خاص للفيلم الوثائقي “الكابيتانة” للمخرج التونسي حسام سانسا.
من جهة أخرى، توّج الفيلم الجزائري “أرض الانتقام” للمخرج أنيس جعاد بجائزة لجنة التحكيم للنقد فيما تم منح تنويه خاص للفيلم المصري “إختيار مريم” للمخرج محمود يحي.
كما تم خلال مراسيم حفل اختتام الطبعة الـ12 لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، الذي حضرته السلطات المحلية إلى جانب وجوه سينمائية جزائرية وعربية، تكريم الفنانة الجزائرية فضيلة حشماوي والفنان المصري فتحي عبد الوهاب.
وتابع الجمهور الوهراني، طوال أيام المهرجان، أفلاما روائية طويلة وأخرى وثائقية تتناول مواضيع اجتماعية وإنسانية ضمن العروض المبرمجة في إطار منافسة الطبعة الـ12 لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي.
في فئة الأفلام الروائية الطويلة، تم عرض لأول مرة عالميا الفيلم التونسي “عصفور جنة” للمخرج مراد بن الشيخ تدور قصته حول شاب إيطالي أماديوس أحب فتاة تونسية تدعى بيتي استغل والداها الوضع وفرض عليه شروطا.
كما تابع عشاق الفنّ السابع للفيلم المصري الطويل ‘’اختيار مريم” للمخرج محمود يحي يعرض لأول مرة دوليا، حيث يتطرق في شكل كوميدي لأسرة مريم التي تواجه أزمة مادية وفي نفس الوقت تتعرّض هذه الأخيرة لإغراء مالي كبير عندما يطلب منها الشخص الذي تقوم بتمريضه أن تساعده أن يموت مقابل مليون جنيه.
وكانت المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، قد اختتمت بعرض الفيلم الموريتاني “شاي أسود” للمخرج عبد الرحمن سيساكو حيث يتناول قصة امرأة إيفوارية شابة ترتدي ثوب العرس، تجلس في حفل زفاف جماعي تترقب دورها كي يعقد الكاهن قرانها، لكنّها تفاجئ الجميع برفضها الزواج وهروبها منه لنراها بعد مرور فترة في مكان آخر تماما.
البطلة آيا تنتقل إلى مدينة جوانزو الصينية، تعيش في حي يجتمع فيه المهاجرون الأفارقة، وتعمل في متجر للشاي يمتلكه رجل تقع في حبه وتتعرف من خلاله على ثقافة الشاي في الصين.
وفيما يخصّ الأفلام الوثائقية الطويلة والقصيرة، فقد تم عرض سبعة أعمال منها الفيلم الوثائقي القصير الأول ‘’تايوت’’ (2022) لمخرجته التونسية رؤى صالح ويروي قصة شاب يعيش في جنوب تونس على الحدود الليبية ترك مدرسته وامتهن التهريب، ليس بسبب الفقر ولكن لتأثره ببيئته الإجتماعية.
أما الفيلم الوثائقي القصير الثاني، فهو للمخرج الجزائري محمد والي، وعنوانه ‘’طحطوح’’ (2003)، ويعود الفيلم بالجمهور إلى قبل نحو 29 سنة من الآن، عندما قرر سكان قرية “أفيغو” بأعالي جبال برج بوعريريج هجر ذكرياتهم وترك منازلهم بسبب الإرهاب، غير أنّ عمي حسان صاحب 59 سنة المدعو طحطوح أبى أن يتخلى عن القرية التي قضى فيها سنوات من طفولته.
وتناول الفيلم الثالث ‘’العزيزة’’ (2022) للمخرج السوداني بلال أرباب إسحاق أرباب، قصة هاجر المرأة التي قررت العمل لتساعد زوجها في تكاليف المنزل، وفي يوم ما، قررت العودة للدراسة واجتياز امتحان الشهادة الثانوية، لكنها واجهت صعوبات كبيرة للتوفيق ما بين العمل وإدارة شؤون منزلها وأبنائها والدراسة.
وخلال أربعة دقائق، يروي فيلم “سطل” (2023)، لمخرجه اليمني عادل محمد الحيمي قصة حب عميقة وعلاقة متينة تربط بين رجل مسن (الحاج عبد الله) ومدينة صنعاء القديمة، علاقة امتدت لأكثر من ستة عقود، كرّس فيها حياته لترميم وتزيين مباني المدينة التاريخية، مستخدما أدوات بسيطة أبرزها السطل.
وكان الفيلم الوثائقي السعودي القصير’’ أمنا حواء’’ (2023) آخر عرض في هذه الفئة من الأفلام في برنامج اليوم، حيث تدور وقائعه حول ياسمين التي اضطرت لتربية أشقائها الثلاثة الصغار بعد أن تعرضت لظروف الحياة الصعبة.
كما تم أيضا عرض فيلم وثائقي طويل، بعنوان ‘’ق’’ (2023) للمخرجة اللبنانية جود شهاب التي تحقّق في هذا الإنجاز السينمائي في انضمام أم هبة إلى طائفة دينية محصورة على النساء، ممّا أثر على العائلة تأثيرا كبيرا.
أفلام “المسافة صفر”.. شهادات على جرائـم الـكيـان
وتابع الجمهور بقاعة سينما “السعادة” لوهران عرض الجزء الثاني من سلسلة أفلام “المسافة صفر” التي أطلقها المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي والمبرمجة في إطار الطبعة الـ12 لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي تحت فقرة تحمل عنوان “المسافة الصفر.. من وهران إلى غزّة”.
ويتضمّن هذا الجزء الأخير 11 فيلما من ضمن 22 عملا متنوّعا يعتبر شاهد عيان على جرائم الإبادة للكيان الصهيوني في غزّة ومن إنجاز 22 مخرجا يعيشون في القطاع الذي لا يزال سكانه صامدون أمام غطرسة الكيان الصهيوني مع العلم أنّ أغلبية المخرجين شباب لم يستسلموا أمام قساوة الوضع وصوّروا بعدساتهم جرائم الجيش الصهيوني الشنيعة في حقّ المدنيين العزّل.
وتتعلّق هذه الأفلام، التي تتيح كشف ممارسات الكيان الصهيوني لطمس تاريخ فلسطين وإبادة شعبه، بـ«ملاذ الجحيم” لكريم ساتوم و«24 ساعة” لعلاء دمو و«جاد وناتالي” لاوس البنا و«اعادة تدوير” لرباب خميس و«تاكسي ونيسا “ لاعتماد وشاح و«العروض” لمصطفى اللبي و«رقم” لهنا عليوة و«فرح ومريم” لوسام موسى و«شظايا” لباسل المقوسي و«خارج الإطار” لنداء أبوحسنة و«الصحوة” لمهدي كريرة.
وتسلّط هذه المجموعة من الأعمال الوثائقية، التي تتناول مواضيع متنوّعة، الضوء على جوانب من الحياة القاسية لسكان غزّة من خلال الاعتماد على الحوار القويّ لإيصال صوت فلسطين إلى الخارج والاستعانة بالعناصر الفنية التي جعلت المتفرج كأنّه يعيش هذه الأحداث بكلّ تفاصيلها.
وعلى الرغم من الظروف الصعبة لتصوير أفلام “المسافة صفر” قدّم المخرجون صورة جميلة عن تجاربهم الفنية التي تعتبر شكلا من أشكال المقاومة وسلاحا للدفاع عن حقوق الفلسطينيين وكذا تعريف الجمهور عن واقع السينما الفلسطينية وما حقّقته من أعمال فنية راقية.
وخلال المناقشة عقب عرض هذا الجزء من أفلام “المسافة صفر” قال صاحب المبادرة المخرج رشيد مشهراوي أنّ “هذه الأفلام عبارة عن حكايات فلسطينية وقصص شخصية وذاتية للمخرجين الذين قاموا بتصوير بعدساتهم يوميات سكان غزّة” مشيرا في ذات السياق إلى أنّ “الحرب الآن حرب على الروايات والحكايات والصورة، ونحن مجنّدين لهذه الحرب ويتعين علينا أن لا نترك مساحة للكيان الصهيوني لحكايته الزائفة التي ألّفها ونشرها عبر العالم”.
كما تطرق المخرج الفلسطيني إلى تمويل هذه الأفلام الذي كان بدعم من متطوّعين ومتبرّعين وهيئات دون أيّ شرط وإلى طريقة عمل لإنجاز هذه الأفلام وكذا الحديث عن الصعوبات والمخاطر التي واجهها هؤلاء الشباب خلال هذه التجربة الرائدة.
60 فيلما من 17 بـلدا عربـيا
وفي كلمته الختامية لهذه الطبعة، ذكر محافظ المهرجان عبد القادر جريو أنّ هذا الموعد الثقافي الخاص كان فرصة لمهني السينما العربية لمناقشة واقع السينما، مشيرا إلى “أنّ مهرجان وهران كان ناجحا بفضل إصرار ومحبة الجميع”.
وللتذكير، شارك في الطبعة الـ12 لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي أزيد من 60 فيلما من17 بلدا عربيا، منها أكثر من 40 عملا سينمائيا ضمن المنافسة الرسمية في أربع فئات وهي الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة والأفلام الوثائقية الطويلة والقصيرة منها 10 أفلام سينمائية جزائرية، تحت إشراف لجان تحكيم تضمّ أسماء بارزة في الفن السابع.
وتميّزت هذه الطبعة بعرض أعمال سينمائية لأول مرة عربيا وإفريقيا وعالميا مع استحداث فقرات جديدة تمثلت في “وثائقيات وهران” و«كلاسيكيات وهران” و«عروض السجادة الحمراء”، وكذا جائزة لجنة التحكيم للنقد. وتضامنا مع الشعب الفلسطيني، أقيمت فقرة تحت عنوان “المسافة صفر.. من غزّة إلى وهران” شملت عرض 22 فيلما قصيرا تم تصويرها في قطاع غزّة. كما تم الاحتفاء أيضا بالسينما العراقية وغيرها من الأنشطة الأخرى.