اختار الفنّان التشكيلي سعد عمر أن يكون عنوان معرضه الذي يحتضنه “رواق محمد راسم” إلى غاية 18 سبتمبر الجاري “ما وراء اللون”، حيث مزج فيه بين الطبيعة والأصالة، وقصص طريفة تعجّ بالأمل والسعادة.
صرّح الفنان التشكيلي سعد عمر لـ«الشعب” أنّه لم يختر لوحات “ما وراء اللون” اعتباطيا، بل أراد أن يطلّ بها على الزوار هذه المرة ليستفزّ فضولهم، ويجعلهم يتأمّلون في تفاصيل جدّ دقيقة توحي بتتابع تقاسيم اللون الممزوج بموضوع الرسمة المختار موضوعها بكلّ بعناية.
واقترح الفنّان في اللوحات التي يناهز عددها 45، خمس مجموعات، تضمّنت المجموعة الأولى تشكيلة متنوّعة من باقات الزهور وسلال الفواكه، وجاءت المجموعة الثانية عبارة عن رحلة إلى صحراءنا الكبرى وجولات مشوّقة إلى كثبان الرمال الذهبية يقودها دليل الصحراء رفقة جمله اللطيفة، إلى جانب لوحات وثق فيها أجمل ذكريات طفولته من خلال مناظر خلابة للواحات والوديان وبساتين النخيل والقصور التاريخية الرائعة.
وعبّر سعد في المجموعة الثالثة عن عشقه الأبدي للقصبة التي قال عنها “هي مصدر إلهامي وعنوان موهبتي” حيث ركّز على نقوش “الأبواب الخشبية” و«الزليج” و«الأزقة الضيقة” والممرات المميّزة التي تشتهر بها أحياؤها، وفي المجموعة الرابعة رسم مناظر عن الواجهة البحرية للعاصمة مثل منطقة “قاع السور”ومشارف من بوابة بولوغين التي تطلّ على “شاطئ الجملين”، وفي الخامسة جسّد أروع مظاهر التلاحم والتآزر التي يستشعر الزائر من خلالها نفحات الأعياد والمواسم والمناسبات الاجتماعية الضاربة جذورها في المجتمع، كالزردات والوعدات واللقاءات الجماعية التي توحي بعبق العادات والتقاليد الجزائرية، التي مازالت عصيّة عن الاندثار رغم سطوة التمدّن والحداثة.
وخلال حديثه عن الأسلوب الذي اعتمده في “ما وراء اللون”، قال سعد عمر إنّه استعان بأسلوب المدرسة الواقعية في أغلب لوحاته، ولكنّ المعرض جمع بين الواقعي والتكعيبي والسريالي والكلاسيكي..
ومن جانب آخر، أوضح سعد بأنّه مولع برسم تراث الجزائر وقال إنّ كلّ اللوحات هي ثمرة أسفار وتنقلات من منطقة جزائرية إلى أخرى، ولقد ساعده السفر على نقل أجمل صورة عن التراث المحلي الأصيل والعريق، والترويج له من خلال معارضه الجماعية والفردية التي أقامها خارج الوطن، واصفا إيّاه بأنّه “مصدر الأصالة والنقاء ومرجع مقدّس للحنين والبصمة المتفرّدة لحياة الأجداد البسيطة والراقية”.
ودعا الفنّان التشكيلي سعد عمر في ختام حديثه، الفنّانين الشباب الشغوفينن بسحر الريشة والألوان “إلى ضرورة صقل موهبتهم الفنية، وذلك بالرجوع إلى التراث الوطني الزاخر بكلّ مقوّمات الجمال ومعطيات الدقّة، لاسيما ما تتجلّى فيه ينابيع الإلهام المتكامل من عطاء وتميّز وإبداع لا يمكن أن نجده إلا في جزائرنا الحبيبة”.