انطلقت المرحلة السابعة من أعمال الحفريات والاستكشاف في الموقع الأثري «مرسى الدجاج» بزموري البحري بولاية بومرداس، الخميس، وتدوم إلى غاية 30 سبتمبر الجاري، بإشراف مديرية الثقافة والفنون للولاية ومشاركة أساتذة وباحثين متخصّصين وطلبة من معهد الآثار بجامعة الجزائر2، وسيعكف الفريق المتخصّص على مواصلة أعمال الحفر والتنقيب لاستكشاف أغوار هذا المعلم التاريخي..
عادت أشغال البحث والتنقيب مجدّدا إلى موقع مرسى الدجاج بزموري البحري الذي يعتبر من أهم المواقع الأثرية بولاية بومرداس، التي مازالت تكشف من يوم إلى آخر عن آثار من التحف الفنية والأواني الفخارية، إضافة إلى مخططات تعكس الطابع العمراني والحياة اليومية للإنسان الذي استوطن المدينة القديمة مع تعاقب الحضارات الإنسانية، مثلما دلّت عليه الطبقات الأثرية المستكشفة التي تدل كلّ واحدة منها على حضارة معينة، بداية من عصور ما قبل التاريخ إلى الحضارة الفينيقية، الرومانية وصولا إلى الحضارة الإسلامية، خاصة منها الفترة الحمادية ما بين القرنين الـ10 والـ12، مثلما أكّدت عليه سابقا رئيسة فرقة البحث الأستاذة عائشة حنفي من معهد الآثار بجامعة الجزائر.
وينتظر أن تساهم عملية الحفريات التي يقوم بها فريق البحث المتخصّص في مفاجآت جديدة، قد تكشف عن أسرار لا تزال مجرد تخمينات وقراءات نظرية وتاريخية عن طبيعة الموقع الأثري أو المدينة العامرة والحظيرة السكنية البحرية، التي تعرضت لحملة عسكرية كبيرة سنة 1225 م وفق تقديرات الباحثين، ممّا أدّى إلى تدميرها وتحويلها إلى أطلال غمرتها الرمال إلى غاية اكتشافها سنة 2006، حيث أدّى هذا الاكتشاف الهام إلى تحرّك السلطات الولائية ووزارة الثقافة، إلى جانب الجمعيات الناشطة في هذا المجال من أجل جرد الموقع وتصنيفه ضمن المواقع الأثرية الوطنية، وهو ما تحقّق سنة 2016 بصدور قرار وزاري مشترك أعطى الضوء الأخضر لبداية عملية البحث والتنقيب في أول عملية أخذت شعار «ريادة واكتشاف للموقع الأثري مرسى الدجاج بزموري البحري».
كما ساهمت الخطوة الأولى من المشروع من تسجيل عدّة نتائج إيجابية من قبل فريق البحث، بالتنسيق مع مديرية الثقافة والفنون للولاية وبلدية زموري، من خلال إعداد مخطط عمل شامل للموقع الذي يمتد على مساحة 6 هكتار، حيث تم التشديد في البداية على ضرورة إنجاز أعمال مستعجلة لحماية المساحة من الاعتداءات وتحويلها إلى مفرغة عمومية، وعليه خصّصت السلطات الولائية مشروعا لتسييج الموقع تم المصادقة عليه من قبل المجلس الشعبي الولائي سنة 2021، وأيضا بهدف حماية وتسهيل عمل الباحثين والأساتذة، خاصة وأنّ المعلم تحوّل لاحقا إلى ورشة تطبيقية مفتوحة لفائدة طلبة معهد علم الآثار من أجل تجسيد الأبحاث النظرية والمساهمة في اكتشاف خبايا جديدة عن الموقع الأثري، الذي يبقى من بين أهم المعالم التاريخية بالولاية.