اعتبر مشاركون في ملتقى نظم بجامعة الجزائر (2) «أبو القاسم سعد الله»، أنّ التصوف ظاهرة فكرية وممارسة عميقة أخذت أحيانا «مفاهيم خاطئة».
شكل موضوع «التصوّف بين النص وطقوس الممارسة»، محور ملتقى دولي، الأول من نوعه، حيث ركز أساسا على مفهومه (التصوف) من الناحية الأنتروبولوجية والروحية.
وفي مستهل الملتقى، ذكر نائب جامعة الجزائر (2)، حميد علاوي، أنّ إشكالية «مفهوم التصوّف في الفكر والأدب والممارسة» أخذت نوعا من «الجدل» وحتى من «المفاهيم الخاطئة»، بحيث يعد التصوّف في نظر كثيرين «مجرد طقوس قديمة وممارسات بالية، لكن في الحقيقة هو ظاهرة فكرية وممارسة عميقة تجعل من الإنسان يفكر ويربط الصلة بالمجال الروحي وصلة الإنسان بالخالق».
وضمن هذا المنظور -يقول المحاضر- فإنّ الإنسان، اليوم، «محاط بالتكنولوجيات والمادية المفرطة» وبالتالي يأتي التصوف «كخطاب مغاير يعيد التوازن للإنسان بين الروح والجسد وبين المادية والروحانية» كما يعيد للإنسان إنسانيته وموقعه في الكون وهو الذي تتوجه له الرسالات الدينية ويخاطبه الله تعالى.
وذكر حميد علاوي في تدخله أنّ التصوف كممارسة فيه «خلاف كبير ووجهات نظر وأحيانا خروج على ما يجب أن يكون»، مشيرا، في هذا الصدد، إلى دور الجامعة بالدرجة الأولى في معالجة التصوّف من الناحية الفكرية، من خلال الاشتغال على مدوّنات واضحة من بينها علم الاجتماع.
وبدوره، أبرز الشيخ ملمون القاسمي في مداخلة بعنوان التصوّف الإسلامي «المفهوم والممارسة من أجل حياة روحية أساسها الإحسان وقوامها التسامح والمحبة والسلام»، أنّ التصوّف ليس «بالصورة المشوّهة» التي يقدمها البعض، وإنّما بمنهجه في الإسلام يحقق الحياة المتوازنة ويربط الحياة الروحية بالحياة الاجتماعية.
وأوضح أنّه من مقاصد رسالة التصوّف «تزكية النفس البشرية خاصة أنّ الإنسان بحاجة إلى البعد الروحي ليعود إلى توازنه ويحقق عبوديته»، معتبرا أنّ التصوّف حركة في الحياة وليس انعزالا عنها ومن معانيه الإحسان لجميع الناس».
ومن جهته، قال الباحث في علم الاجتماع والانتروبولوجيا، عبد العزيز رأس المال، إنّ هذا الملتقى يحاول معرفة هل النصوص حول التصوّف «إبداع من الدين الإسلامي أو سلوك أو ذوق تشترك فيه كثير من الديانات»، مؤكدا في هذا المنحى إنّ اللقاء جاء لتبيان «أنّ التصوّف الإسلامي استطاع أن يأخذ مكانة معتبرة، حيث أنّ الدين عند المسلمين يتضمّن عقيدة وشريعة والجانب الروحي وهذه الجوانب مكتملة في الدين الإسلامي» و «لا يمكن-حسبه- فصل العقيدة عن الشريعة».
وذكر بأنّ التصوّف في الجزائر مر بعدة مراحل مختلفة نتيجة تأثير التيارات التي كانت سائدة، مشيرا إلى أنّ التصوّف ينطلق من مشربين أساسيين الشاذلية والقادرية.
وأضاف أنّ للجزائر الكثير من العلماء والشيوخ في التصوّف، منهم أبودين الغوث الذي أخذ عن سيدي عبد الرحمان الجيلاني وغيرهما وظهور فيما بعد الدرقاوي وسيدي عبد القادر سيدي الشيخ والسيد العلوي.