تناول أساتذة ومختصون في اللّغة العربية وآدابها في محاضرة «كيف يمكننا أن نعرّب المصطلحات العلمية حتى تدخل اللغة العربية في العلوم والتكنولوجيا»، محاور عديدة دارت حيثياتها حول العلوم المعرفية، وذلك من خلال ماهيتها ونشأتها وأهميتها، وعلاقتها بتضافر التخصصات والمفاهيم، بالإضافة إلى التركيز على ماهية المصطلحات المتداولة في مجالات العلوم والطب.
تحدثت الكاتبة سليمة مليزي في مداخلتها عن بعض المصطلحات العربية الشائعة المتداولة في مجالات عدة على رأسها العلوم والطب، وربطتها بما يتم التعامل به واستخدامه كمصطلحات في الجزائر، كوننا نتعامل مع العلوم باللّغة الفرنسية، في حين أن ما يحمله الرصيد المعرفي المترسب من الحضارة الإسلامية مازالت قيمته تشكل حديث ذو شجون.
وفي هذا الصدد، صرحت الكاتبة سليمة مليزي بأن المصطلح العلمي أداة للمعرفة، ونموّه وتطوّره مرتبط أشد الارتباط بنموها وتطورها، مشيرة إلى أن البحث في المصطلحات ونقل مفاهيمها من لغة لأخرى هو الأساس الذي يقوم عليه الاصطلاح الذي يعني «اتفاق قوم على تسمية الشيء باسم ما ينقل عن موضعه الأول» أي اتخاذ رمز لغوي للتعبير عن مفهوم خاص بهذه الاختراعات، لذالك نرى ـ تقول المتحدثة ـ إن كل المصطلحات العلمية تطورت مع تطور الحضارة وفرضت وجودها من خلال الاختراعات والتطور العلمي الحديث، حتى أننا نرى أن معظم لغات العالم الحية، تستعمل مصطلحات علمية بالانجليزية، وهذا راجع لما فرضته اللغة الانجليزية بسبب الدولة التي تتحدث بها، وتقدم أحدث الاختراعات العلمية، من بينها طبعا أمريكا والعديد من الدول الأوروبية.
وأضافت ذات المتحدثة، رغم أن هناك العديد من المصطلحات التي لا تزال تستعملها هذه الدول مأخوذة من اللغة العربية، والاختراعات التي تركها لنا أجدادنا من علماء في الفلك والفيزياء والطب في حقبة أوج الحضارة الإسلامية في الأندلس كمصطلح «الفيزياء» إلى جانب مصطلح «الخوارزميات» التي تطلق على التكنولوجيا الحديثة في عوالم الكمبيوتر وما شابه ذلك.
وفي ذات السياق، أشارت الكاتبة في تمثيلها للمعنى الموسوعي عبر سياق مداخلتها، إلى مفهوم الخوارزمية، والتي هي في الأصل مجموعة من الخطوات الرياضية والمنطقية والمتسلسلة اللازمة لحل مشكلة ما، وقالت إنها سميت الخوارزمية بهذا الاسم نسبة إلى العالم أبو جعفر محمد بن موسى الخوارزمي الذي ابتكرها في القرن التاسع الميلادي، وهذا باعتراف علماء العصر الحديث في حق العلوم العربية التي لا يزال الغرب إلى اليوم يدرسونها، ولعلّ أنسب دليل لما سبق ذكره يتمثل فيما قاله العالم الفيزيائي الفرنسي «بيير كوري» الحاصل على جائزة «نوبل» في الفيزياء في عام 1903: «تمكنّا من تقسيم الذرّة بالاستعانة بـ 30 كتابا، بقيت لنا من الحضارة الأندلسية!!.العربية.» ويكمل قائلاً: «ولو كانت لدينا الفرصة لمطالعة المئات والآلاف من كتب المسلمين والتي تعرضت للحرق، لكُنّا اليوم نتنقل بين المجرّات الفضائية».
تجدر الإشارة، إلى أن المحاضرة التي جاءت تحت عنوان «كيف يمكننا أن نعرّب المصطلحات العلمية حتى تدخل اللغة العربية في العلوم والتكنولوجيا»، من تنظيم نادي القراء لجامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا بباب الزوار، وذلك احتفاء باليوم العالمي للغة العربية.