الحلقة الرابعة والأخيرة
بقينا ساهِرين إلى آخر اللّيل، وفي الصّباح الباكر اصطحبَنا معه إلى المزرعة، وما إن وصلنا حتى أخذ يحتضن شجرة الزّيتون مُردّدا: يا شجرة الزّيتون ما أعظمك وما أعظم من خلقك.
بقلم: لعيفاوي الطيب
نعم كان يحتضنها بصدق ممسكا بأوراقها وبجذعها، إنه يرى فيها الوطن الصامد وكل ما يملك في هذه الحياة إنها عالمه الجميل الذي لا يعلم أكُـنَّه إلاّ هو.
سعادتي لا أستطيع وصفها عندما تراءت سعادة عمي رمضان عند شجرة الزّيتون التي تكاد ترقص تمايلا لرؤيته.
هاهو ذا يؤوب إليها من جديد بعد طول فِراق فانتشيت لفرحته، وحتّى أسراب الحمام والعصافير والفراشات الزّاهية الألوان تتسارع لتُضْفي على الأجواء المرح والاغتباط، وكأنها ترحب بِمَقدمِه باسطة أجنحتها، والأرض اهتزت طربا، لأنّ رائحة عرقه ودمه تفوح من ثراها فهي تعرفه من خُطواته، من أنفاسه ومن ضربات معوله وباسمه. كانت تنتظره بلهفة وشوق لتمنحه الخير والأمل والصفاء والنقاء وكذلك الصّمود.
تماثل العمّ رمضان للشفاء ليخرج حاملا فأسه وزاده قاصدا مزرعته مصدر رزقه، والعزم يحذوه على مواصلة العمل، وشرع في الحفر كَي يغرس شجيرات جديدة من التّفاح واللّيمون والإجاص والزيتون وتَفنّن في عمله أيّما تـفنُّن.
باع كمّية الزّيت الـمُستخرجة، وبدأ يبني بيتا واسعا مع أبنائه، واجتمع شمل أسرته تاركا خيمته لأسرة فِلسطينية لاجئة أخرى، ويرحل مُوَدّعا جيرانه قاصدا مزرعته. يحرس أشجار الزّيتون وتحرسه، يُناجيها وتُناجيه في تناغم وانسجام، وقلبه بين كَفّيْه كلّما سمع صوت الجرّافات. لكنّ أمانيه تكبر وتعظم عظمة شجرة الزّيتون.
النهاية ..
»انتهى»