قدّم إبراهيم صدّيقي، محافظ مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، حوصلة للطبعة الحادية عشرة التي اختتمت قبل أسبوع. واعتبر صديقي، خلال نزوله ضيفا على منتدى “الحوار” أمس الإثنين، أن استقدام الأفلام ليس بالأمر الهين، مشيرا إلى وجوب متابعة كل مستجدات الإنتاج السينمائي العربي. وأضاف بأن 12 عضوا يشكّلون لجنة انتقاء الأفلام التي تعمل لأشهر، دون أن ينفي نصيب الذاتية في عملية الاختيار. كما تحدّث عن وجود “هفوات تنظيمية” لن تتكرّر مستقبلا.
قال إبراهيم صديقي إن أهم معيارين في اختيار الأفلام هما “الجودة” و«الجدّة”. وأشار محافظ المهرجان إلى المشاركة الواسعة في الحدث، الذي استضاف 470 مشاركا بين ضيوف ونقاد وإعلاميين ومتربصين، من بينهم 107 عربيا وأجنبيا، ومن بين هؤلاء 17 صحفيا أجنبيا، و50 صحفيا وتقنيا من الصحافة الوطنية، إضافة إلى الصحافة المحلية.
ضيوفنا لم يتقاضوا فلسا واحدا
ومن الأفلام التي ذكرها صديقي بالاسم الفيلم السوري “رجل وثلاثة أيام” لجود سعيد، الذي عرض بوهران بعدما منع عرضه بباريس. كما أشار إلى الحرص على أن تكون الأفلام خارج المنافسة أعمالا جزائرية، منها الجديد والقديم، وأشرف على ذلك الفنان حسان بن زراري، بمساعدة المركز الوطني للسينما والسمعي البصري. أما لجان التحكيم مختلفة الجنسيات والاختصاص، من إخراج وسيناريو وموسيقى تصويرية وتمثيل.
وقد شارك 147 شاب جزائري من عديد الولايات في الورشات، و«أعلمناهم منذ البداية بإمكانياتنا وتوفير حي جامعي ووجبات، ومن بين هؤلاء الشباب من تطوّع للمساعدة في بعض جوانب المهرجان”، يقول صديقي. ومن الورشات التي تضمنها المهرجان ندوة سيناريو الفيلم الروائي بالشراكة مع سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر، التي تكفلت بتكاليف الورشة خبير مهم جدا في السيناريو: “ركزنا على ورشات السيناريو لأن الواقع يثبت بأن لدينا مشكلا كبيرا في السيناريو”، حسب صديقي الذي تحدث أيضا عن ورشة صناعة الفيلم القصير، التي أنجز فيها الشباب فيلما من 7 دقائق، وقد “حرصنا على عدم بثه كاملا حفاظا على حظوظ مشاركته في مسابقات”.
وأكد محافظ مهرجان وهران أن كل المكونين والضيوف لم يتقاض أحدهم فلسا واحدا، عكس ما يحدث في مهرجانات أخرى، وحتى مرورهم في الوسائل الإعلامية كان من دون مقابل.
الخواصّ لا يرافقون الثقافة
في سياق آخر، قلّل صدّيقي من أهمية الاحتجاجات لمنع الحفلات، ورأى أن “الخطير في الأمر هو الأصوات التي تقول إن ميزانية الثقافة يجب أن تذهب لقطاعات أخرى.. هذه الأمور مدروسة بدقة ومتعلقة بقانون المالية ولا دخل لقطاع بقطاع آخر وميزانية الثقافة تراعي الظرف العام الذي تمر به البلاد”، مؤكدا أنه حتى في الدول الكبرى فإن الدولة هي التي ترعى وتدعم الثقافة.
وعاتب صدّيقي القسط الغالب من القطاع الخاص الذي لا يرافق الثقافة في شيء: “يجب أن نقنع القطاع الخاص بما يمكن أن يجنيه من ثمار حميدة بتدعيم الثقافة”، وأضاف: “يجب أن نركز على ضرورة انخراط الخواص في الفعل الثقافي، ويمكن أن نلزم القطاع الخاص بدعم الثقافة باستعمال القوانين”.
وعن ميزانية المهرجان، أشار صديقي إلى وجوب التكيف مع الوضع، وملاءمة البرنامج مع الميزانية التي هي في حدود 4 ملايير سنتيم، مشيدا بالديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة الذي وصفه بالسند الكبير و«الصرح الذي مازال وقفا لدعم الثقافة في الجزائر”. مع ذلك، أعرب صديقي عن أمله في أن يُلتفت إلى المهرجان بميزانية أكبر حتى يقدم أكثر.
هفوات.. لا سوء تنظيم
ورفض صديقي الحديث عن وجود سوء تنظيم، وفضّل الكلام عن “هفوات” تنظيمية بدأت ـ حسبه ـ مع تأجيل فيلم “كارما” الافتتاحي إلى اليوم الموالي، أنا من قررت ذلك بعد أن طالت السهرة واشتكى البعض من التعب، كما أن عدم الالتزام بتوقيت عرض بعد الأفلام والمتاعب في البرمجة وهي هفوة أيضا: “لا توجد هفوات أخرى ولم يركز البعض على الأفلام والورشات”، يقول صديقي.
وعن انتقاد تنشيط الافتتاح الذي “قيل إنه لم يكن سينمائيا”، قال صديقي إن “هدف المهرجان هو الترويج للمواهب السينمائية الجزائرية، والثنائي حسان كشاش وسارة لعلامة حاول اعتماد أسلوب في التنشيط لم يعجب الجميع، فيما غابت الانتقادات عن حفل الاختتام “نقلنا للحفلين على المباشر جعل التركيز علينا ونحن نفرح بذلك”.
وردّ صديقي على من يقول إنه شاعر ولا مكان له على رأس مهرجان سينمائي، مذكّرا بأنه ابن القطاع السمعي البصري، وذكّر بالمناصب التي تقلدها في التلفزيون الجزائري، مضيفا أنه يفتخر بكونه شاعرا خاصة وأن الشعر “أنتج الصورة قبل السينما بكثير”، وتأسّف لتحوّل الشعر “إلى شتيمة”.
كما تحدث عن الأسماء الفنية الغائبة، قائلا إن الأمر اقتصر على الفنان عابد فهد الذي تعذر حضوره في آخر ساعة: “نتحمل مسؤولية التسرع عن الإعلان عن بعض الأسماء، ومن الصعب أن نتكتم عن مثل هذه المعلومات.. هنالك غياب للنجوم وليس تغيبا”. فيما اعترف بأن عدد الأفلام الكبير مقارنة بعدد أيام المهرجان يخلق متاعب في البرمجة: “يوجد ضغط كبير علينا من أجل المشاركة في المهرجان، فكل الدول العربية ترسل أفلاما”.
من جهته، تحدث منسق المهرجان الفنان حسان بن زراري عن استبعاد فيلم “السعداء” لصوفيا جاما، قائلا إنه فيلم جميل ولكنه ليس جزائريا ولا عربيا بل فرنسي الإنتاج، وهو ما لا يتوافق وقوانين المهرجان. فيما أكد مدير الاتصال بالمهرجان فيصل شيباني أن لجنة المشاركة لا تمارس أي رقابة أخلاقية على الأفلام.