تعتبر مرحلة تعديل الدستور من أهم المراحل التي تمر بها البلاد والتي تلقى اهتماما بالغا على المستوى الوطني والمحلي لدى المنتخبين بالمجالس البلدية والولائية عبر مختلف ولايات الوطن، هذه الطبقة التي لها دور كبير في إيصال انشغالات المواطن والعمل على دفع وتيرة التنمية المحلية من خلال العمل الميداني الذي يمس أبعد النقاط المعزولة بالولاية.
وعلى ضوء الآراء التي رصدتها «الشعب» لبعض الممثلين بالمجالس المنتخبة والذين أكدوا على الرؤيا العامة لعملية التعديل الدستوري وإبرازها في مجال استكمال مسار الإصلاحات السياسية التي أعلن عنها فخامة رئيس الجمهورية في ١٥ أفريل ٢٠١١ وفقا لمعطيات فرضتها الظروف والمتغيرات التي يشهدها العالمان العربي والأوروبي على حد سواء وهي النقاط التي كانت منطلقا لمنتخبين وجدوا من هذه العملية منطلقا جديدا لمستقبل جزائر ديمقراطية سائرة في طريق النمو، وبدستور جديد عصري يتماشى وثوابت الأمة.
مبدأ التشاركية
وحسب بعض المنتخبين الذي تقربت منهم «الشعب» فإن التعديل الدستوري الجاري العمل عليه من طرف لجنة مختصة تعمل منذ فترة على صياغة مسودة لابد أن يخضع لمبدأ التشاركية في أخذ القرارات وفتح النقاش وتوسيعه على طبقات المجتمع بدء من المواطن الممثل في منتخبيه بالمجالس البلدية والولائية وصولا إلى الطبقات السياسية والمجتمع المدني والمهنيين.
ففي لقاء مع «بوصبع نبيل» منتخب بالمجلس الشعبي لولاية قسنطينة عن التجمع الوطني الديمقراطي وناشط بالمجتمع المدني، أكد أن المرحلة الراهنة التي تمر بها البلاد تقتضي مراجعة الدستور وتوضيح النظام الذي سيحكم الجزائر مستقبلا، هل سيكون نظاما رئاسيا أو شبه رئاسي أو برلماني، وأنه كمنتخب بالمجلس البلدي يأمل ألا يكون تعديلا جزئيا وإنما يسير وفق دراسة معمقة وأن يكون جذريا يضمن ويعبر عن جزائر ديمقراطية معصرنة تحكمها مبادئ وأسس وقيم الدولة الجزائرية الحقيقية.
وعن التعديل الدوري لدساتير الجزائر وإمكانية وجود اختلالات أكد المتحدث أن التعديل الدوري ليس وليد اختلالات وإنما جاء لدواعي ظرفية طارئة يتحتم علينا اليوم الخروج منها والعمل، على أن تكون دساتير الجزائر المستقبلية ذات أبعاد ونظرة حقيقة لصورة الجزائر كدولة في مصاف الدول المتقدمة حيث يوضع دستور يرسم معالم أي دولة ترقى للتطور وإرساء النظام الديمقراطي.
وأضاف أن الجزائر نجحت في الإصلاحات التي قامت بها في شتى المجالات وهذا ما لمسه الشعب ما يحتم ضرورة إرساء دستور يعزز الإصلاحات التي أقيمت طيلة السنوات الماضية، من جهة أخرى اعتبر التعديلات الدورية فترة مخاض تمر بها الجزائر وهي اليوم تمر بخمسينية الاستقلال الذي سيتولد عنه دستور بحجم دولة الجزائر.
وقال المتحدث «نطمح من خلال هذا التعديل للمحافظة على المكتسبات على غرار الديمقراطية التي حققتها الجزائر في نظام حكمها حيث دفعت النفس والنفيس لقاء ذلك.
وأقر قائلا «رغم أن اللجنة تعتمد على إطارات كبيرة إلا أننا نتمنى لو توسعت أكثر أي لو تشمل كوادر بعض الأحزاب وأن هذه الاستشارات تكون على مستوى بعض الأحزاب السياسية لأنه عند النظر لدساتير الجزائر السابقة والتي يمكن أن نستنبط منها الدستور الجاري صياغته».
وعبر عن «أمل الأطراف الفاعلة في المجتمع الجزائري في أن تجري دراسة معمقة ونظرة شاملة تنطوي على استراتيجية واضحة للمستقبل، ولابد أن ننظر إلى هذه العملية بنظرة تقدم وبنظرة جزائر تقود دول شمال إفريقيا كشريك فعال في قضايا إقليمية ودولية. فهنا وانطلاقا من هذا نطمح إلى أن يكون التعديل جوهريا وبروية، فنحن مطالبون اليوم بإعداد دستور يليق بالدولة الجزائرية التي تحدت كافة الصعاب ليبقى علمها الوطني يرفرف في المحافل الدولية والمناسبات العالمية.
وأفاد ذات المنتخب بأن فترة التعديل التي جاءت بعد الإصلاحات السياسية التي مست عددا من القوانين تفرض عدم التعجل في صياغة الدستور الذي جاء بعد إصلاح قوانين كثيرة كان من بينها قانون الانتخابات، التنافي، المرأة، البلدية وغيرها من القوانين، وانطلاقا من هنا فإننا لا نعيب على الإصلاحات لأنها جاءت وفق ما أملته الظروف فهي إصلاحات في جوهرها جيدة، ولا نستطيع القول بأن هناك ايجابيات وسلبيات فهي إصلاحات ظرفية وهنا يجب على القائمين على عملية التعديل أن يقفوا على تجديد الوثيقة وأن لا يخضع للظرفية باعتباره وثيقة تاريخية لابد من توضيح النظام الرئاسي ليأتي الفصل بين السلطات تلقائيا ونحن كتجمع وطني ديمقراطي نقترح النظام شبه الرئاسي.
من جهتها أوضحت المنتخبة الشابة بالمجلس الشعبي لولاية قسنطينة الآنسة «وفاء لعور» عن ذات التشكيلة وهي محامية معتمدة لدى مجلس قضاء قسنطينة، بأن مسألة تعديل الدستور ضرورة وحتمية تمليها الظروف والمتغيرات الحاصلة على المستوى الوطني، الإقليمي و الدولي.
وعبرت عن أملها في «أن يكون التعديل في مستوى تطلعات المواطن ويخدم مصلحة الشعب الجزائري، وبما أن مهمة الدستور هي تنظيم الحياة السياسية والعمل على إقرار الحريات الفردية أكثر، نحن كنساء ممثلات الشعب بالمجالس البلدية نطمح لتوسيع صلاحيات ممثلي الشعب عبر كافة الهيئات والمجالس المحلية خصوصا، وتوسيع دور الفئة المنتخبة للمساهمة الفعلية في الحياة السياسية وهو ما يفتقده المنتخب المحلي اليوم.
كما أكدت أن القفزة النوعية التي حظيت بها المرأة في عهد فخامة رئيس الجمهورية والتي تعتبر مكسبا لم تحض به المرأة من قبل والذي تجلى من خلال المادة ٣١ مكرر التي أعطت المرأة فرصة دخول المجال السياسي من بابه الواسع وكذا قانون الأسرة الذي أنصفها في العديد مواده.
وشددت على ضرورة أن يكون تعديلا جذريا دون المساس بمقومات الدولة وثوابتها وتعزيز دور المرأة في شتى المجالات من خلال إعطائها مجالا أوسع لأن تكون في مصاف المرأة الإيجابية والفعالةئوإعطائها قيمتها الحقيقية سيما وأن رصيدها من التضحيات معلوم في تاريخ الجزائر، مذكرة بمقترحات تم رفعها خلال اللقاءات التشاورية، من بينها استحداث منصب نائب رئيس وعهدة واحدة قابلة للتجديد وغيرها من النقاط المقترحة من طرف الحزب.
من جهة أخرى أكدت أن عملية التعديل هي تكملة للإصلاحات التي قامت بها الدولة والذي كان لـ «الأرندي» بصمات فيها من خلال مشاركته الفعالة عن طريق منتخبيه وقاعدته النضالية التي نعتبرها نحن مكتسبات الحزب والتي كانت ضرورية في المراحل السابقة التي مرت بها البلاد