عرض جان لوي دوبري ـ رئيس المجلس الدستوري الفرنسي ـ التجربة الفرنسية في مجال «الإخطار عن طريق الدفع بعدم دستورية القوانين». وهو إجراء كان محل نقاش مستفيض في اليوم الدراسي بالمجلس الدستوري . وتتجلى أهدافه على ثلاثة مستويات، تمكين المتقاضي من حق جديد يتيح له إمكانية إثارة موضوع مدى دستورية قانون يطبق عليه في نزاع يكون أحد طرفيه، تطهير المنظومة القانونية من الأحكام غير الدستورية ، ضمان سمو الدستور في النظام القانوني الوطني.
وحسب دوبري ـ وهو ينحدر من عائلة عريقة سياسية وثقافية وقانونية ـ فإن إجراء الإخطار عن طريق الدفع بعدم دستورية القوانين يعد وسيلة حاسمة في سير المحاكمة يوفر للمتقاضي ويشترك في تنفيذه الأطراف المتنازعة والجهات القضائية والإدارية التي تفرز مراحل الإخطار والمجلس الدستوري الذي يفصل في الموضوع المثار أمامه.
وتثير مسألة تطبيق هذه الوسيلة تساؤلات تخص الأحكام التشريعية والقواعد الدستورية المستند إليها، أساس طابع الأسبقية الدستورية التي تكتسي القضية. وتثير كذلك تساؤلات، ما هي كيفيات فرز مراحل الإخطار للقضية من طرف الجهات القضائية والإدارية، والإجراء المتبع أمام المجلس الدستوري وأخيرا الآثار والتداعيات جراء اتخاذ قرار المجلس.
وذكر دوبري مطولا بالتحضيرات التي اعتمدها من أجل توسيع الإخطار ومنح المجلس الدستوري مرونة وحركية دون إبقائه أسير الممارسات التشريعية القديمة التي رسخت عبر قرون وأزمنة.
وقال أنه منذ أن عين على رأس الهيئة الفرنسية سنة ٢٠٠٨، تحرك في كل الإتجاهات للتباحث مع أهل الاختصاص كيف يمنح ديناميكية للمجلس الدستوري الفرنسي ويجعله أكثر فاعلية وسرعة في إصدار الأحكام والفصل في قضايا المتنازعين. وبقدر ما يعجل إصدار القرار يكسب المجلس الدستوري الثقة والمصداقية ويصبح هيئة محل تقدير.
وذكر دوبري ـ أيضا ـ بضرورة تحلي أعضاء المجلس الدستوري بالنزاهة والتحرر من أي إنتماء سياسي إيديولوجي أو ولاء للوبيات. وقال أنه لا بد من التضحية من أجل فهم روح القوانين ومضامينها لإصدار الأحكام السليمة وتجنب تداعيات خطيرة للمتقاضين وتسلبهم حقوقا وحريات.
وأعطى أمثلة حية عن إصدار المجلس الدستوري لأحكام أدت إلى إلغاء قوانين ممتدة في أعماق العدالة الفرنسية الكثير منها يعود إلى حقبة نابليون. وذكر بقرار المجلس بعدم شرعية ٤ قوانين أصدرت في عهد الرئيس السابق ساركوزي تخص الهجرة غير الشرعية، والضريبة على الطاقة والتوقيف الإداري المؤقت.
وبالنسبة للقانوني دوبري، فإن التوقيف الإداري المؤقت لأي شخص في ظرف ٢٤ ساعة دون السماح له بالاتصال بالعائلة والمحامي هو إجراء غير شرعي بالمرة لأنه يضرب في العمق حقوق الإنسان. وبالتالي لا يسمح بتطبيقه ضد أي شخص مهما كانت درجة الإتهام مثلما يقر به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أحد مصادر التشريع والذي لا يمكن القفز عليه.
دوبري يشدد على استقلالية القضاة:
تطبيق القوانين بعيدا عن الإنتقائية
فنيدس بن بلة
شوهد:2286 مرة