تؤطر السلطة التشريعية في الجزائر ٣٩ مادة من الدستور، وهي تحتل الصف الأول من حيث اهتمام أم القوانين، في الوقت الذي لم تتجاوز فيه مواد السلطة التنفيذية ٢٧ مادة. ولكن لم تشفع لها كل تلك المواد في حجز المكانة اللازمة التي يتطلع إليها الشعب. وبقي البرلمان الجزائري رهين الزيارات الميدانية والأسئلة الشفوية، كوجه من أوجه الرقابة.
تعرف السلطة الثانية في بلادنا استقرارا شكليا منذ انتخابات ١٩٩٧ ، حيث تم احترام العهدات النيابية. ولكن هذه التجربة والتراكم لم يخلق بعد تقاليدا في مستوى التطلعات، يضاف إلى ذلك نسب المشاركة الضعيفة في مختلف الانتخابات، التي لم تتعد ٤٠ بالمائة خاصة في انتخابات ٢٠٠٧ و ٢٠١٢. وهو ما فتح النقاش واسعا حول موقع ممثلي الشعب كما أن عدم التجاوب مع التحولات في الوقت المناسب والإكتفاء بردود الأفعال دون مبادرات جريئة جعلها تفقد الكثير من بريقها.
وأدى هذا الواقع، إلى مطالبة الكثير من النواب بضرورة تعزيز صلاحيات البرلمان وإشراكه في اتخاذ القرارات وتشديد الرقابة على عمل الحكومة. كما تعدت المطالب إلى اعتماد نظام برلماني من باب تسيير البلد جماعيا والسماح للمعارضة بلعب دور أكبر حتى ولو كانت أقلية.
ويعارض البعض منح البرلمان صلاحيات أوسع، بالنظر لهشاشة الأحزاب وعدم قدرتها على فرض الاستقرار، والابتعاد عن الذاتية في اختيار ممثلي «الشعب» ،وعدم توفر كفاءات قادرة على تحمل أوزار السلطة التشريعية التي يمكن أن تلعب أدوارا مهمة وقادرة حتى على التأثير على مجريات الأحداث.
والمطلع على مختلف مواد الدستور، يلاحظ أهمية المواد التي تنظم السلطة التشريعية والتي تحدد صلاحياتها. ولكنها غير مستغلة ميدانيا على غرار المادة ١١٩ التي تمنح حق المبادرة بالقوانين، كما أن المادة ١٢٣ تمنح للبرلمان صلاحيات التشريع للقوانين العضوية المتعلقة بتنظيم السلطات العمومية، وعملها ونظام الانتخابات والقانون المتعلق بالأحزاب السياسية، والمتعلق بالإعلام والقانون الأساسي للقضاء والتنظيم القضائي، وغيرها من القوانين.
ومن البنود المهمة في الدستور، ما نصت عليه المادة ١٣٠ التي تمنحه حق فتح نقاش حول السياسية الخارجية بناء على طلب رئيس الجمهورية أو رئيس إحدى الغرفتين.
وتتحدث المادة ١٣١ «يصادق رئيس الجمهورية على اتفاقيات الهدنة ومعاهدات السلم والتحالف والاتحاد، والمعاهدات المتعلقة بحدود الدولة، والمعاهدات المتعلقة بقانون الأشخاص، والمعاهدات التي تترتب عليها نفقات غير واردة في ميزانية الدولة بعد أن توافق عليها كل غرفة من البرلمان صراحة.»
ويمكن للمجلس الشعبي الوطني، أن يصوت على ملتمس الرقابة ينصب المسؤولية وهو ما يؤدي إلى تقديم الوزير الأول استقالة حكومته لرئيس الجمهورية وفقا للمادة ١٣٧.
وعليه فالسلطة التشريعية، التي كفل لها الدستور أدورا هامة تبقى مسؤولية حجز مكانة في الساحة السياسية من خلال قدرتها على المبادرة وتفعيل الرقابة ونقل النقاش من الصراع بين الأحزاب حول قانون المالية، ونسبة حضور الجلسات من عدمها إلى أمهات القضايا التي تتطلب عملا تشريعيا دائما يجسد معنى «ممثلي الشعب»، الذي يبقى يحتاج لنضال ليل نهار لتدارك التأخر وضمان إيصال صوت القواعد للسلطات عن طريق التقارير والحوار.
وتبقى التعديلات المنتظرة على الدستور الجديد، أمل للوصول إلى هيئة تشريعية قوية تخلق توازنا بين السلطات وتلعب دورا أكثر في الحفاظ على السلم والاستقرار الاجتماعي ورفع مستوى النقاش والاهتمام بالملفات التي تعزز سيادة الجزائر وتحقق لها المزيد من المكاسب.
تؤطرها 39 مادة في الدستور
صلاحيات موسعة للسلطة التشريعية
حكيم/ب
شوهد:2103 مرة