أستاذ القانون الدستوري ، البروفيسور نذير عميرش:                                                           

البلاد ليست أمام فراغ مؤسساتي بعد حلّ الغرفة السفلى

أجرت الحوار : هيام لعيون

 التشريعيات المسبقة في أقل من 6 أشهر لانتخاب نواب جدد

 قانون الانتخابات قد يعود إلى البرلمان الجديد للفصل فيه

يؤكد أستاذ القانون الدستوري بجامعة منتوري بقسنطينة، البروفيسور نذير عميرش، أنّ حل المجلس الشعبي الوطني من قبل رئيس الجمهورية، لن يُدخل البلاد في شغور مؤسساتي وسلطة التشريع، بل يفسّرها بوجود شغور الغرفة السفلى للبرلمان فقط، كما يتحدّث الخبير عن مصير القانون العضوي للانتخابات، وانتخابات الرّجل الثاني في الدولة، خسائر نواب العهدة الثامنة، إلى جانب قضايا ومواضيع أخرى تكتشفونها خلال هذا الحديث مع جريدة «الشّعب ويكاند».
«الشعب ويكاند»: قرّر الرئيس عبد المجيد تبّون، حلّ المجلس الشّعبي الوطني، كيف ترى هذه الخطوة؟
نذير عميرش: أوّلا، القرار صادر عن القاضي الأول في البلاد، وهو قرار أصيل ينفرد به الرئيس دون سواه، أما بالنسبة لحلّ المجلس الشعبي الوطني، فهو من صلاحيات رئيس الجمهورية طبقا لأحكام الدّستور، وبعد حلّه سيكون الرئيس ملزما بأحكام الدّستور، حيث ستُجرى الانتخابات التشريعية المسبقة في أجل أقصاه 3 أشهر، طبقا لأحكام المادة 151 من الدستور التي تنصّ على «يمكن رئيس الجمهورية أن يقرّر حلّ المجلس الشعبي الوطني، أو إجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها»، وذلك «بعد استشارة رئيس مجلس الأمة، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، ورئيس المحكمة الدستورية، والوزير الأول أو رئيس الحكومة، حسب الحالة». وتضيف الفقرة 02 من المادة 151، أنه «تجرى هذه الانتخابات، في كلتا الحالتين، في أجل أقصاه أشهر، وإذا تعذّر تنظيمها في هذا الأجل لأي سبب كان، يمكن تمديد هذا الأجل لمدة أقصاها ثلاثة (3) أشهر بعد أخذ رأي المحكمة الدستورية». يعني لا يمكن أن تتجاوز التشريعيات في كلّ الحالات 6 أشهر لانتخاب نواب جدد.
أما الأثر الثاني، وحتى لا نكون أمام شغور مؤسساتي كامل، خاصة ونحن اليوم أمام شغور المجلس الشعبي الوطني، فالتساؤل المطروح، ما هو مصير التشريع في الجزائر، لأن البرلمان له سلطة تشريعية ورقابة على عمل الحكومة، وهو المشكّل من الغرفتين، الأولى هي مجلس الأمة والسفلى وهي المجلس الشعبي الوطني، حيث إن المبادرة بالقوانين، لابد أن تمرّ أولا على المجلس الشعبي الوطني، وبعد الموافقة عليها تحال على مجلس الأمة للمصادقة.
وبالنسبة لمجلس الأمة، فإن مشاريع القوانين التي تمرّ عليه بداية هي ما يتعلق بالتقسيم الإقليمي والتنظيم المحلي وتهيئة الإقليم، في ثلاث مجالات فيما عداها كل مشاريع القوانين ينبغي أن تمرّ على المجلس الشعبي الوطني، ولهذا فإن المؤسس الدستوري، وحتى لا نكون أمام شغور في التشريع خوّل لرئيس الجمهورية دون سواه التشريع بأوامر، وفقا لنص المادة 142 من الدستور الجديد، التي تقول «لرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر في مسائل عاجلة في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني أو خلال العطلة البرلمانية بعد رأي مجلس الدولة.
يخطر رئيس الجمهورية وجوبا المحكمة الدستورية بشأن دستورية هذه الأوامر، على أن تفصل فيها في أجل أقصاه 10 أيام. يعرض رئيس الجمهورية الأوامر التي اتخذها على كل غرفة من البرلمان في بداية الدورة القادمة لتوافق عليها. تعد لاغية الأوامر التي لا يوافق عليها البرلمان. يمكن رئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر في الحالة الاستثنائية المذكورة في المادة 98 من الدستور. تتخذ الأوامر في مجلس الوزراء. التشريع بأوامر هي اختصاص أصيل أيضا لرئيس الجمهورية في حالة العطلة البرلمانية أو شغور المجلس الشعبي الوطني».
وطالما نحن أمام حالة شغور المجلس الشعبي الوطني، وباعتبار أن الرئيس هو حامي الدستور، وأدّى اليمين على  أن يسهر على حسن سير المؤسسات الدستورية، فبالتالي لسنا أمام حالة شغور مؤسساتي وسلطة التشريع، بل أمام شغور المجلس الشعبي الوطني فقط.
- ما هو مصير مشروع قانون الانتخابات الذي لا يزال تحت مجهر اللّجنة المختصة بمراجعته؟
 في هذه الحالة، يمكن لرئيس الجمهورية، أن  يصدر مشروع القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، بأمر رئاسي بعد عرضه على مجلس الوزراء، وبعد عرضه على المحكمة الدستورية طبقا لأحكام دستور 2020، وهو المجلس الدستوري حاليا حتى يدلي في دستورية القرار.
-  بعد صدور هذا القانون، هل هناك خطوات أخرى تتبع، أم أنه سيصدر مباشرة في الجريدة الرسمية؟
 إن الأوامر تُتخذ في مجلس الوزراء، وبعد أخذ رأي مجلس الدولة ورأي المحكمة الدستورية في أجل أقصاه 10 أيام ـ أي منذ تاريخ مصادقة مجلس الوزراء عليه، وهنا يمكن  لرئيس الجمهورية إصداره في الجريدة الرسمية وتصبح ذات أثر تنفيذي، لأن القوانين تنفذ مباشرة بعد صدورها في الجريدة الرسمية.
ويبقى الأمر الآخر الذي يجب أن يُشار إليه، هناك أيضا آثار تنفيذيه، فإلى غاية عرضه في أول دورة للمجلس الشعبي الوطني القادم، أي العهدة التاسعة، حيث للبرلمان الجديد الموافقة أو عدم الموافقة على الأوامر التي اتّخذت في غيبته، أي في حالة الشّغور، أو العطل البرلمانية لكن دون مناقشة، لأن نصّ المادة صريح «لرئيس الجمهورية أن يشرع بأوامر في مسائل عاجلة في حالة شغور المجلس او خلال العطل البرلمانية، بعد أخذ رأي مجلس الدولة»، وهنا يخطر الرئيس المحكمة الدستورية وجوبا لتفصل فيها في اجل أقصاه 10 أيام، وتعدّ لاغية الأوامر التي لا يوافق عليها البرلمان، وهنا لو نعود إلى القانون العضوي الناظم للغرفتين وعملهما والعلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة وحتى في النظامين الداخليين للغرفتين، حيث هناك موافقة على القوانين دون المناقشة، وهي تلك المتعلقة بالأوامر الصادرة وفقا للمادة 141 من الدستور، فإن وافق عليها المجلس الشعبي الوطني يستمر العمل بها، وإذا رفضها تعتبر لاغية ويتوقف العمل به.
- ماذا عن احتمال تأخر صدور مشروع قانون الانتخابات بأمر رئاسي، وتقاطعه مع حل الغرفة السفلى، الذي يوجب استدعاء الهيئة الناخبة في أجل أقصاه 3 أشهر؟
 هناك مرسوم رئاسي يتضمن حلّ المجلس الشعبي الوطني، بعد صدور مرسوم الحلّ، وهنا الرئيس، يعقد مجلس الوزراء بعد اخذ رأي مجلس الدولة والمجلس الدستوري الحالي، لتفصل بمدى دستوريته بالموافقة، وعند صدور القانون في الجريدة الرسمية نعود إلى تطبيق أحكام القانون، حيث يصدر الرئيس مرسوما رئاسيا يتضمن استدعاء الهيئة الناخبة لأجراء التشريعيات في أجل اقصاه 3 أشهر، الى جانب اصدار مرسوم رئاسي يتعلق بالمراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية، لأن القوائم تراجع في نهاية كل سنة من الثلاثي ألأخير من كلّ سنة.
علما أن استدعاء الهيئة الناخبة في مدة 3 أشهر لها ما يبرّرها لأن القانون العضوي لنظام الانتخابات، يوجب أن تجرى خلال نفس الفترة عدة خطوات وهي المراجعة الاستثنائية للقوائم، إيداع الترشيحات، البث في التسجيلات، الحملة الانتحابية، الصمت الانتخابي، ثم إجراء الانتخاب.
- بعد حلّ الغرفة السفلى، ما هي المزايا التي سيفقدها الاعضاء، وما أثر هذا  الحلّ على الامتيازات الأخرى، خاصة تلك التي كانوا يستفيدون منها في نهاية العهدة البرلمانية؟
 يترتب عن حلّ المجلس الشعبي الوطني، عدة أمور، أولا يُعتبر انتهاء العهدة  البرلمانية الثامنة، حيث تعتبر عهدة كاملة، فقدان الحصانة التي كانت تقيهم المتابعات القضائية.
فقدان مختلف المنح، منها منحة الخروج التي قد لا تمنح لهم، وهي التي تسلم لهم عند انتهاء العهدة البرلمانية، وهذه مسألة لا أدري كيف ستُعالج وهي أمور داخلية للنظام الداخلي للمجلس الشعبي الوطني، لكن غالب الظن قد لا تُمنح لهم تلك المنحة لأن العهدة لم تنته طبيعيا، وإنما حُلّت، أضف الى مسألة التقاعد، حيث اننا نعرف انه لا يوجد نص قانوني  خاص يحدّد كم من سنة شغلها النواب للحصول على التقاعد في هذه الحالة، وأعتقد أن أحسن السنوات التي تمنح التقاعد للنائب ستكون بناء على القواعد العامة للقانون الأساسي للوظيفة العامة وهو أحسن خمس سنوات، وطالما أن النواب تقاضوا  أجورهم لمدة 3 سنوات و6 أشهر،  فلن يستفيدوا من تقاعد لأجر برلماني، إذن هناك العديد من الامتيازات التي حرموا منها.
-  انتخب أمس رئيس مجلس الأمة، في رأيكم لماذا تمّ تأجيل «ترسيم» رئيس فعلي للغرفة الأولى حتى اليوم، وهل له علاقة بحلّ الغرفة السفلى؟
 مسألة انتخاب رئيس مجلس الأمة، جاءت لمعالجة شغور منصب رئيس المجلس، وهو الرجل الثاني في الدولة لأن الدستور ينص على أنه في حالة حدوث مانع لرئيس الجمهورية، فإن الذي يتولى رئاسة الدولة هو رئيس مجلس الأمة، وإذا استمر المانع ودخلنا في حالة الشغور، يبقى رئيس الدولة هو رئيس مجلس الدولة هو الذي يتولى رئاسة الدولة لمدة 3 اشهر، وهو من ينظم العلمية الانتخابية طبقا للمادة 94 من الدستور الحالي. حيث تقول في فقرتها الرابعة « في حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته تجتمع المحكمة الدستورية وجوبا وتثبت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية، وتبلغ فورا شهادة التصريح بالشغور النهائي الى البرلمان الذي يجتمع وجوبا. يتولى رئيس مجلس الأمة مهام رئيس الدولة لمدة أقصاها تسعون يوما تنظم خلالها انتخابات رئاسية وفي حالة استحالة إجرائها يمكن تمديد هذا الأجر لمدة لا تتجاوز تسعين يوما بعد اخذ رأي المحكمة الدستورية».
ومنذ تولي عبد القادر بن صالح رئاسة المجلس، كان صالح قوجيل هو النائب الأكبر سنا طبقا للقانون العضوي الناظم للبرلمان والحكومة، حيث يتولى رئاسة مجلس الأمة النائب الأكبر سنا، ولهذا تولاها صالح قوجيل بهذه الصّفة، لكن بعد استقالة بن صالح بعد وصول عبد المجيد تبّون إلى رئاسة الجمهورية في ديسمبر 2019، هنا بقي قوجيل رئيسا، لهذا  فإن انتخابه الآن جاء لحل هذا المشكل، وهو شغور منصب رئيس مجلس الأمة لأن الرئيس هو الذي يسهر على حسن سير مؤسسات الدولة، وبالتالي يجب أن تتطابق المؤسسات مع الدستور الجديد، وهو ما تنص عليه المادة 224، حيث على كل مؤسسة أن تتكيف مع الدّستور، ورئاسة مجلس الأمة.. وهو منصب شاغر عولج أمس الأربعاء حتى لا نكون أمام فراغ مؤسساتي، ولسدّ الثغرات والفجوات، وحتى نكون أمام كل مؤسّساتنا الدستورية ملتزمة مع الدّستور الجديد، وهو المغزى من معالجة الشغور.     
علما أنه تجرى انتخابات رئاسة مجلس الأمة كل 3 سنوات،أي في كل عملية التجديد النصفي للمجلس، وتحدّد عهدة الرئيس بـ3 سنوات، يعني سنذهب لانتخاب رئيس جديد لمجلس الأمة في ديسمبر 2021.
- بعد التشريعيات المنتظرة خلال الأشهر المقبلة، ينتظر  تشكيل حكومة جديدة حسب الدستور، ممكن أن تفصّل في هذه النقطة أكثر؟
 بعد الانتخابات التشريعية المقبلة، وعلى ضوء نتائجها،سنكون إما أمام أغلبية رئاسية تابعة للرئيس ومساندة  له، وبموجبها سيعين وزيرا أول وأعضاء حكومة لها مخطّط عمل ينبثق من برنامج رئيس الجمهورية، وفي حالة لا توجد الأغلبية الرئاسية سيعيّن رئيس حكومة ببرنامج عمل حكومة  بأغلبية برلمانية، وهي أمور ترجع إلى ما ستسفر عنه الانتخابات التشريعية حسب المادة 103.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024