ملابس «الشنطة» والسوق الموازية للتقليل من الأضرار
أصبحت المواسم والمناسبات بسيكوزا حقيقيا يرعب الجزائريين بفعل المضاربة وارتفاع الأسعار. لا يفوت التجار أي فرصة لاستنزاف جيوب الجزائريين الذين أنهكتهم فوضى التجارة وباتوا هم من يدفعون ثمن كل شيء.
قامت «الشعب» باستطلاع بعض المساحات التجارية الخاصة بالملابس بالعاصمة قبل 17 يوما من حلول عيد الفطر، لنتفاجأ بأسعار جنونية خاصة لفئة البراءة، حيث تتراوح بين 3500 دج و10 آلاف دج في مشهد يؤكد أن الأعياد باتت محطة لبث الحزن والأسى بدلا من الفرح والابتسامة.
أمام الوضع المتأزم في قطاع التجارة، اهتدى الجزائريون إلى الضربات الاستباقية مثلما يسمى في المجال العسكري، تفاديا لابتزازهم حيث قام الكثيرون باقتناء ملابس العيد مبكرا وبأسعار معقولة جدا.
الاتهامات لارتفاع العملة الصعبة
أرجع الكثير من تجار الملابس في تصريحاتهم لنا التهاب الأسعار إلى ارتفاع صرف العملة الصعبة حيث أكد «حمزة.م» مستورد، أن أسعار الملابس في الخارج لن تعرف تغييرات كبيرة لكن المشكل في ارتفاع العملة الصعبة. فاقتناء الكثير من التجار للعملة من السوق السوداء التي يخسرون فيها حوالي 100٪ بالمقارنة مع تصريفها في البنوك هو ما يجعل الأسعار مرتفعة.
وأوضح حمزة أن المضاربة تعمل فعلتها أيضا فهناك من ينشط فقط في مواسم الأعياد ويدخل منافسة غير شريفة مع المختصين في هذا النوع من التجارة.
أكد «فؤاد.ح» تاجر ملابس بباب عزون، أن الأسعار بالفعل مرتفعة شأنها شأن باقي السلع والخدمات قائلا في هذا المقام: « أنا تاجر ملابس منذ سنوات ولدي زبائن أوفياء ولكن في بعض الأحيان تكون السلع مرتفعة وفقا لمتطلبات السوق.. فالأسعار في مختلف الدول التي نستورد منها على غرار تركيا والصين تؤدي إلى هذه الوضعية، العرض والطلب يفرضان أسعارا متقلبة».
وأضاف فؤاد: « أنا لا أدافع عن المضاربين وتجار المواسم فهولاء، وأمام ضعف الرقابة التجارية يقومون بالجرم والتجار النزهاء هم من يدفع الثمن».
وحول النشاط قبل عيد الفطر المبارك أكد نفس التاجر أن الحركة ضعيفة بالمقارنة مع السنوات الماضية حيث يشتكى الكثيرون من ارتفاع تكاليف المعيشة. لكن الكثير من الزبائن الأوفياء اشتروا ملابس العيد أياما قبل حلول رمضان خاصة من لهم أكثر من 3 أولاد فمتوسط الكسوة 4000 دج وهو ما يعني دفع 12 ألف دج على ملابس جد عادية.
وحول الأسعار المرتفعة اعترف المتحدث بهذا مؤكدا في نفس الوقت أن التجار كذلك لهم أعباء وحقوق تأمين العمال والضرائب والكراء التي تفرض بدورها واقعا معينا يجب التعامل معه تجاوزا لأية خسارة.
والمتجول في شوراع العربي بن مهيدي، ديدوش مراد، القبة القديمة وباب الزوار يقف على المفارقات الكبيرة في الأسعار «بين السلعة الحرة وسلعة الصين» كما يقول الجزائريون غير أن نقطة التقاطع هي أن ملابس الأطفال أغلى بكثير من ملابس الكبار.
كشف «كمال.ب» 43 سنة مهندس في مكتب للدراسات بالينابيع ببئر مراد رايس لنا أنه اشترى ملابس العيد لأولاده قبل رمضان تفاديا للوقوع في فخ الأسعار الجنونية التي سقط فيها العام الماضي حيث كلفه فستان لطفلة صغيرة لا تتجاوز سنتين 6000 دج وباحتساب الحذاء وصلت التكاليف إلى حوالي 9000 دج، وهذا كثير جدا على عامل لا تتعدى أجرته 50 ألف دج، موضحا بأن تكاليف المعيشة في ارتفاع مذهل أمام تدهور العملة الوطنية.
ونفس الأمر ذكره «لعدلان.ز» تاجر فواكه ببرج الكيفان مؤكدا أنه اشترى ملابس العيد من مدينة عين الفكرون بأم البواقي وقبل حلول شهر رمضان المعظم حيث تباع الملابس هناك بأسعار جد معقولة نتيجة لانتشار تجار الجملة.
وأكد العدلان لـ «الشعب» أنه وفر مبالغ معتبرة حيث ومن خلال تجارب السنوات السابقة بات الفرد يستبق المواسم ليحتفل بها على أحسن وجه.
ملابس «الكابة» والسوق الموازي للتقليل من الأضرار
من المتاجر إلى الأسواق الموازية بساحة الشهداء، وحي 8 ماي 1945 بباب الزوار حيث تزدهر تجارة «الكابا أو الحقيبة». شباب يعرضون سلعهم الوفيرة، والمدهش أنها ذات نوعية فمنها ما تأتي من فرنسا ومنها ما هي بريطانية الصنع وحتى سويسرية وغيرها من الدول، أما الأسعار فهي أكثر من تنافسية وتعرف إقبالا كبيرا حتى من الفئات الميسورة.
وتباع الأقمصة مثلا بين 400 و 750 دج، والحقيقة أن الكثير منها يباع في المحلات بـ 1500 دج أما السروايل من نوعية جيدة فلا تتعدى 800 دج. ومن يشتري كمية معتبرة تقدم له تخفيضات، بينما الأحذية الرياضية من نوعية جيدة جدا فلا تتجاوز 3000 دج وهي تباع في المتاجر بـ 7000 دج في مفارقة عجيبة جدا.
وحتى ساحة الشهداء التي تعرف إقبالا منقطع النظير من المواطنين فهي تعج بملابس الأطفال وكل مستلزمات رمضان ففي مكان صغير تباع الفواكه والأواني والملابس وبأسعار تنافسية جدا وأمام تفنن التجار في جلب الزبائن يخيل لك أنك في مسلسل درامي، ويبقى السعر هو البطل الحقيقي.