د - مصطفى صحاري الخبير في علوم الاعلام والاتصال:

المال الفاسد والجهوية وراء انتشار العنف الحزبي

فيما يتعلّق بتقييم صفحات الاحزاب السياسية الجزائرية على الفايس بوك فإنه لابد من النظر إلى نشاط هذه الأحزاب في الواقع الحقيقي لمعرفة نشاطها في المجال الافتراضي وخاصة من خلال موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، وبما أن أغلبية الأحزاب السياسية الجزائرية لا تنشط إلا في المناسبات على غرار الانتخابات سواء كانت رئاسية أو تشريعية أو محلية، ثم تغيب عن الساحة السياسية وتعود لسباتها، فكيف لها أن تنشط في المجال الافتراضي وتتفاعل مع جمهورها، لكن هذا لا يعني أبدا التعميم على كل الأحزاب، حيث نجد صفحات بعض الأحزاب السياسية على الفايس بوك نشيطة ووتفاعل مع مناضليها بصفة شبه دائمة، ويزداد ذلك النشاط عند كل مناسبة انتخابية، لكن ما يعاب عليها هو تركيزها الدائم والكلي على الزعامات دون البرامج والمتأمل في هذه الصفحات يجد طغيان صور الزعيم ونشاطاته على باقي مؤسسات الحزب.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن عدم الاهتمام بصفحات «الفايس بوك» و»تويتر» ربما يعود إلى عدم إيمان هؤلاء بقدرة هذه الصفحات على تعبئة الشارع وكسب مناضلين ومتعاطفين جدد، فضلا عن عدم اهتمام الشباب وهو الأكثر نشاطا في «الفايس بوك» بصفحات هذه الأحزاب، لكون أغلبية هذه الفئة لا تثق في برامج هذه الأحزاب ولا في زعمائها الذين جثموا على رئاسة أحزابهم لمدة تفوق العشريتين كاملتين.
لكن هذا لا يخفي أن بعض لأحزاب السياسية تفطنت للعالم الافتراضي وتيقنت بأنه له القدرة على توسيع قواعدها الشعبية و وعائها الانتخابي، حيث جهّزت بعض الأحزاب سواء كانت من المعارضة أو من الموالاة نفسها جيدا لاكتساح العالم الافتراضي على غرار حزب الأرندي وطلائع الحريات وغيرهما.
كما أنّ الاعتماد على صفحات الأحزاب على «الفايس بوك» كمصدر للمعلومات وحيد غير ممكن، خاصة وأن هناك صفحات كثيرة على الفايسوك تنسب نفسها لحزب واحد على غرار حزب جبهة التحرير الوطني الذي بسبب مع تحركات بعض المعارضين للأمين العام السابق صار الفايس بوك مليء بعشرات الصفحات التي تنسب نفسها للأفلان، وهو ما دفع الصفحة الرسمية للحزب إلى الإسراع في نفي أي ارتباط للقيادة بتلك الصفحات.
و من المعروف أن الأحزاب السياسية في الديمقراطيات العريقة تعمل بكل الطرق الشرعية لاستقاط مناضلين ومؤيدين، ومع انتشار تكنولوجيا الاتصال الحديث كثفت هذه الأحزاب تركيزها على هذه التكنولوجيا الحديثة ليقينها بفاعليتها الكبيرة. ومن بين الوسائل التي تستخدمها الأحزاب السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا وألمانيا وفرنسا مثلا استغلال وسائل التواصل الاجتماعي للتعريف ببرامجها وأنشطتها وكسب الأصوات خلال الانتخابات، لكن في الجزائر لا أعتقد أن صفحات الأحزاب السياسية في الجزائر لها القدرة على استقطاب مناضلين جدد، وهذا راجع أولا إلى التخلف في هذا المجال وطبيعة المجتمع الجزائري ثانيا، فمثلا العملية الانتخابية خلال التشريعيات والمحليات لا تتحكم فيها برامج الأحزاب بل تتحكم فيها العشائرية والجهوية، فضلا عن الشخصيات المترشحة للاستحقاق الانتخابي.
وعليه فأنا لا أظن بأن الانتخابات التشريعية في 2017 ستشذ عن هذه القاعدة، فثلاثية المال والجهوية والعشائرية ستكون حاضرة وبقوة في هذه الانتخابات، أولا في اختيار المرشحين في القوائم الانتخابية لكل حزب ثم في اختيار المرشّح المفضّل يوم الانتخابات، سواء نشطت هذه الأحزاب عبر الفضاء الأزرق أو لم تنشط، خاصة إذا أضفنا عنصر عزوف الشباب عن الانتخابات في الجزائر، وهو الأكثر نشاطا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.  

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024