أجهزة طبية متطورة وخدمات للتكفل بالمرضى
اتفاقية تعاون مع المستشفى العسكري بعين النعجة ومشروع شراكة مع صندوق التقاعد بالجزائر
تطورت علاقات التعاون بين الجزائر وتركيا، لاسيما في مجال الصحة، ترجمتها عمليات تسهيل تنقل المرضى للعلاج ومنح التأشيرة في وقت وجيز.
تركيا تتوافر على أمهر الأطباء في معالجة الأورام السرطانية وأمراض أخرى، مع نقل الخبرة للأطباء الجزائرية في هذا الميدان. ما زاد تعزيزها إبرام اتفاقية بين المركز الطبي للأورام السرطانية أناضولو والمستشفى العسكري بعين النعجة للتعاون الطبي، علاوة على مشروع شراكة مع الصندوق الوطني للتقاعد.
يندرج هذا التعاون في إطار سعي الجزائر لتنفيذ مخطط مكافحة السرطان الذي يشرف عليه البرفيسور زيتوني وطاقم طبي يمتد إلى غاية 2019.
خلال زيارة ميدانية خص بها المركز وفدا من الإعلاميين الجزائريين مؤخرا، تمكنا من الاطلاع على ما يتوافر عليه المركز من تقنيات تكنولوجية جد متطورة في مجال معالجة الأورام السرطانية بمختلف أنواعها وأمراض أخرى، لاسيما أمراض القلب، مما جعل الجزائريين يفضلون الوجهة التركية للعلاج بعد السياحة، بحيث يمثلون حوالي 10 من المائة من المرضى الأجانب، وبالأخص في تخصص الأمراض القلبية والأورام السرطانية.
في هذا الصدد، كشفت « أش أكيافز»، مديرة الخدمات على مستوى مركز الأورام السرطانية للمركز الطبي أناضولو بتركيا، الذي يعد مرجعية في الاستجابة لاحتياجات المرضى الوطنيين والأجانب المصابين بالسرطان، عن اتفاقية مع المستشفى العسكري بعين النعجة للتعاون مع الأطباء الجزائريين وإجراء عمليات جراحة القلب للأطفال والتي أشرفت على نهايتها، حيث يشرف عليه البرفيسور تشيشك.
وأوضحت مديرة الخدمات في ردها على سؤال «الشعب»، أن هناك طاقم من الأطباء عددهم عشرة أطباء بإشراف البرفيسور «تشيشك»، يتنقل إلى الجزائر كل شهرين للقيام بثماني إلى عشر عمليات جراحية للأطفال من مواليد 78 ساعة إلى غاية 14 سنة.
ويبقى هذا الفريق الطبي 4 أيام لمتابعة المرضى بعد خروجهم من العناية، وكذا تأهيل الأطباء الجزائريين من خلال هذه العمليات الخاصة بالقلب، مشيرة إلى أن العقد مايزال ساريا والتعاون متواصلا بين مركز أناضولو والمستشفى العسكري الجزائري كون العقد مفتوحا.
وأكدت المديرة في هذا الإطار، أن مهمة الطاقم الطبي التركي تنتهي بعد تأهيل الأطباء الجزائريين واستقدامهم إلى مركز أناضولو للقيام بالعمليات، في إطار نقل الخبرة. وأنه من الممكن تجديد العقد وتمديده، مشيرة إلى أن هناك مشروع شراكة بين هذا المركز الطبي والصندوق الوطني للتقاعد، لإرسال المرضى الجزائريين للعلاج باسطنبول ومن المتوقع الإعلان عن هذه الشراكة في الأشهر القادمة.
وتأمل أكيافز، أن تتواصل الاتصالات والمفاوضات مع صندوق الضمان الاجتماعي للشراكة وتتوج بإمضاء اتفاقية بين الطرفين. وبحسبها، أنه يجب على المرضى الجزائريين طلب العلاج بمركز أناضولو للأورام السرطانية، كونه يتوافر على أطباء ممتازين في عدة اختصاصات، لاسيما جراحة القلب والأمراض السرطانية ويقدم خدمات صحية جيدة. كما أن المستشفى يتكفل بإحضار المرضى الأجانب من المطار، مضيفة أن تركيا تمنح تأشيرة في مدة قصيرة لا تتعدى أسبوعا، خاصة إذا كان هناك طلب للعلاج، على عكس فرنسا.
علما أن المركز الطبي لمعالجة الأورام السرطانية أناضولو، هو مركز علاج تركي بالتعاون مع المستشفى الأمريكي «جون هوبكنس»، وهو أحد أكبر المجموعات الصحية في تركيا وأقواها وهو مشروع ذو مسؤولية اجتماعية لتركيا والدول المجاورة، حيث يلتزم المركز بأن يكون مركزا مرجعيا دوليا متخصصا والمستشفى هو مرحلة أولى ضمن النظام الصحي الذي يحتوي مرافق عديدة من بينها جامعة ومركز لتكوين العاملين في مجال شبه الطبي.
وما جعل المركز قبلة آلاف المرضى، توفره على أطباء أتراك روائد من مختلف دول أوروبا وأمريكا للاستفادة من خبرتهم العالية وهو ما أهله ليصنف ضمن المراكز الصحية الخمسة الأولى في هذا المجال. كما أنه المستشفى الوحيد المعتمد من قبل الجمعية الأوروبية للأورام الطبية، ويتقن فريقه حوالي 15 لغة تقريبا، كما أنه ضمن المستشفيات التسعة الأولى عالميا من حيث الجودة والخدمات، بحسب ما أوضح القائمون على المركز.
ما تجدر الإشارة إليه، أن المركز الطبي «أناضولو» دشّن منذ مدة وجيزة فرعه في الجزائر العاصمة وبالتحديد على مستوى بلدية بوزريعة، قصد توجيه المرضى الراغبين في تلقي العلاج بتركيا وتسهيل الاتصال بين المرضى وأطبائهم. ويتكفل العاملون بالمكتب، بعملية تحويل الملف الطبي إلى الأطباء المختصين وعرض الحالة بالتفصيل.
من جهته، أبرز الدكتور فريد عشايبو، عضو اللجنة المديرة للمخطط الوطني لمكافحة السرطان بالجزائر 2015-2019، أهمية التشخيص الدقيق لتحديد المرض وعلاجه في الوقت المناسب قبل فوات الأوان، مشيدا في معرض تدخله بالخدمات التي يقدمها مركز أناضولو للأورام السرطانية لعلاج كل أنواع السرطان من خلال التشخيص الدقيق وفي مدة وجيزة جدا لا تتعدى ثلاثة أيام، فخلال 48 ساعة يحصل المريض على كافة التفاصيل الخاصة بحالته الصحية ويتم توفير مُرافق خاص له ومترجم، ويمكنه الاستفادة من الإقامة في فندق المركز الطبي المجاور حتى يتجنّب متاعب النقل والازدحام.
وأضاف الدكتور، أن هناك طلبات كثيرة للمرضى الجزائريين لعلاج الأمراض المعقدة وعملية زرع نخاع العظام والعديد منهم يموتون. وبحسبه، فإنه غالبا ما يكون ذلك في مرحلة متقدمة من المرض، عندما يفقدون الأمل ويصلون مرحلة حرجة يبحثون فيها عن الخيط الذي قد يشفيهم من هذا المرض الخبيث، آملا أن يفتح مستشفى أناضولو فرعا له بالجزائر كي يتمكن المرضى من العلاج، خاصة وأن تكاليف العلاج باهظة بالنسبة لبعض العائلات محدودة الدخل. كما أن الجزائر تتوافر على مركز واحد لعلاج الأورام السرطانية وهو مركز بيار وماري كوري بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا، والذي لا يمكنه الاستجابة لطلبات كل المرضى، لاسيما الأشخاص البالغين.
وأشار عشايبو في هذا السياق، إلى أن المشكل في الجزائر هو العجز في خدمات علم الأمراض ونقص في الطاقم الطبي. وبحسبه، فإن المعضلة الكبرى هو جهل المريض بمسار مرضه، كون الأطباء يخفون عنه حقيقة مرضه، مطالبا بضرورة إعلام المريض بكل شيء وعدم ترك الأمور مبهمة.
تقنيات جد متطورة لعلاج الأورام السرطانية بالأشعة
بالمقابل، قال البرفيسور حسين بالوغلو، رئيس قسم علم الأمراض بمركز أناضولو الطبي، إنه بفضل التكنولوجيا الجديدة فإنه من الآن فصاعدا من الممكن الكشف عن الورم عندما يكون صغيرا جدا في الدم، مضيفا أن الدراسات العلمية أظهرت أن الخلايا السرطانية تمر إلى الدم حتى حين يكون الورم صغيرا جدا في الحجم، ويمكن للتكنولوجيات الجديدة عزل هذه الخلايا من مجرى الدم والتعرف عليها، وأن أي تغيير في عدد الخلايا السرطانية يقدم للأطباء معلومات عن تشخيص المرض خلال المراحل المبكرة جدا من العلاج.
زيادة على ذلك، يوفر تحليل الخلايا السرطانية المتنقلة في الدم خيارات موثوقة وظروفا مواتية أكثر والتي يمكن أن تساعد في حالات الوصول إليها. وبحسب البرفيسور بالوغلو، فإن الأسلوب الجديد يسمح بكشف دقيق في وقت مبكر للخلايا السرطانية، وهو أمر مهم جدا في العلاج، كما يمكن تحديد هذه الأورام في الدم بحسب نوعها ويمكن التمييز بسهولة بين أورام الرئة والثدي والقولون والبروستات والتي لها عديد الخصائص الجزيئية. علما أن هذا الجهاز الجديد هو النظام الأكثر تقدما لمتابعة علاج السرطان.
وقام مستشفى أناضولو بـ1500 عملية لزرع نخاع العظم خلال ست سنوات، للأشخاص البالغين الذين هم في قائمة الانتظار في تركيا والمناطق المجاورة، أي إلى غاية جانفي 2015، حيث يستقبل مرضى من عدة دول، منها رومانيا، روسيا، إيران والعراق، غير أن المستشفى لا يقوم بزرع نخاع العظام للأطفال كون ذلك يتطلب أطباء مختصين في طب الأطفال، بحسب ما أفاد به البرفيسور قوبالس زافر.
ويوفر ممرض منسقية زرع العظام، تقديم المعلومات إلى المريض فيما يختص بقسم زرع نخاع العظام، حيث يتم توجيه المريض عن طريق هذا الممرض إلى الإحالة أو إلى قسم الخدمات المتعلقة بمعاملات التأمين عند اتخاذ المريض قرار زرع نخاع العظام يتم توفير توقيع المريض على استمارة قبول الزرع، لتبدأ المراحل الأخرى. علما أن المريض يتم متابعته على المدى الطويل بعد الشفاء.
تجدر الإشارة، إلى أن المركز الطبي أناضول، يتوفر على 25 وحدة فردية للعلاج الكيميائي و8 قاعات لإجراء العمليات و150 طبيب و384 ممرض، 40 من المائة من العمليات الجراحية يتم تنفيذها للمرضى الأجانب و70 من المائة من إجراءات العلاج الكيميائي والأورام السرطانية لصالح المرضى الأجانب، ويضم كل الاختصاصات الطبية، وله 15 مترجما باللغة العربية ومترجمان للغات أخرى، حيث يعد هذا المركز الطبي مرجعا لعلاج مرضى السرطان والأمراض الأخرى، كما أنه يمنح خبرة في علاج مجموع الأمراض القلبية.