«العمارية»... تجربة رائدة في استرجاع النفايات الزجاجية والبلاستيكية
40 مليار دينار خارج دائرة الاهتمام
شهد الصالون الدولي لاسترجاع وتثمين النفايات الصناعية إقبالا من طرف المهنيين، الذين يبحثون عن فرص الشراكة لإقامة مشاريع استثمارية في مجال تدوير ورسكلة النفايات. بالإضافة إلى شباب، بعضهم دفعه الفضول لزيارته، وبعض آخر جاء للاستفادة من تجارب أمثالهم في إنشاء مؤسسات، حققوا من خلالها الثروة والقيمة المضافة. «الشعب» زارت الصالون ورصدت أجواءه في هذا الاستطلاع.
توقفت «الشعب» عند التظاهرة التي تحمل عنوان «الرهانات الاقتصادية لرسكلة النفايات الصناعية» في بعض أجنحة العارضين، لبحث إشكالية معالجة النفايات في قطاع كالصناعة، التي تقدر كميتها بأزيد من مليوني طن، فيما لا يسترجع منها سوى 2 من المائة، بحسب تأكيد القائمين على الصالون، الذين أكدوا لنا أن الهدف من البرنامج الوطني لإدارة النفايات الصناعية والخاصة، الذي أنشئ سنة 2006، تشجيع الحرف والخدمات ذات الصلة.
ما لاحظناه ميدانيا من خلال المشاريع المجسدة، أن هناك اهتمام بالاستثمار في مجال تدوير واسترجاع النفايات التي تخسر الجزائر من ورائها قرابة 40 مليار دج؛ رقم كبير يمكن أن تسترجعه الخزينة العمومية ويساهم في تمويل مشاريع أخرى، إذا ما تم إدراك أهمية ما يلقونه من فضلات في القمامة والتي تشكل لدى البعض ثروة غير قابلة للزوال، مادام هناك استهلاك للمنتوجات، غذائية كانت أو صناعية، بمختلف أنواعها.
مؤسسة» العمارية» تجربة في استرجاع النفايات الزجاجية والبلاستيكية
وهناك عينة حية عن مشروع استرجاع النفايات، حققه برارمة عمر، رئيس المؤسسة الخاصة «العمارية» المتواجدة بمدينة الأربعاء بولاية البليدة، الناشطة في مجال الرسكلة، المتحصل على شهادة ماجستير من أمريكا في الكيمياء الصناعية، وقام بدراسة ميدانية في ولاية سطيف.
توصل المستثمر من خلال دراسته، أنه لو أن كل أسرة في ولاية يبلغ عدد سكانها 100 ألف نسمة، تجمع 5 أغطية لقارورات المياه المعدنية في الأسبوع، (يزن الغطاء الواحد غرامين)، قال برارمة، إنه يمكن جمع 4 ملايين غطاء في الأسبوع.
وبحسب تقديراته، فإن قيمة الأغطية المجمعة تصل 384 مليون دج في السنة، مفيدا أن العملية لو عمّمت على 48 ولاية، فإن القيمة ترتفع إلى 18 مليار و432 مليون سنتيم، «تضيع في رمي أغطية القارورات فقط والرقم سيكون أكبر إذا شملت عملية الرسكلة القارورة البلاستيكية، التي تزن 8 غرامات، وكذا المواد الزجاجية»، على حد تعبيره.
الشعار الذي يعمل به صاحب هذا المشروع، «إذا كنت غنيا فتصدق بفرزك لموادك المستهلكة، وإن كنت فقيرا فاجعله مشروعا لحياتك».
ويهدف من وراء هذا الشعار، نشر الوعي بين الجزائريين بأن النفايات التي لا تعيرها أي اهتمام هي «كنز» لا ينضب، وهي «موجودة أمام عينيك وفي متناولك، فاستغلها وحقق مشروعك وأنشئ مناصب شغل لك ولغيرك»، مشيرا إلى أنه يشغل 45 عاملا، بينهم جامعيون.
وذكر المتحدث، أنه يستثمر في مجال استرجاع المواد البلاستيكية والزجاج، مفيدا لـ «الشعب»، أن مؤسسته أبرمت عقودا مع المستوصفات والمؤسسات الاستشفائية القريبة، حيث يتم استغلال قارورات الأدوية الزجاجية، بتنظيفها وتطهيرها من المكونات العالقة بها من خلال عملية كيميائية طوّرها، ثم يعاد بيعها للمخابر. بالإضافة إلى استغلال النفايات الموجودة في بعض المفرغات العمومية.
كما أكد أهمية هذا المعرض الذي يشارك فيه للمرة الأولى، الذي يرجو أن يتم دعم فكرته هذه من قبل السلطات المعنية. كما يريد أن يساهم في توعية المجتمع بأهمية «الثروة» التي يلقيها في القمامة يوميا والتي تمثل مواد أولية يمكن استغلالها في التصنيع.
ولفت في هذا الصدد، إلى أن الدولة التي تصرف أموالا تدفع في شكل رواتب لعمال النظافة، لا تسترجع في المقابل شيئا، فالعملية تنتهي بمجرد أن تلقى النفايات في المفرغات العمومية أو في مراكز الردم التقني، في حين أن النفاية يمكن أن يعاد تصنيعها وتصبح مادة خام لإنتاج مواد أخرى، مشيرا أن رؤيته الجديدة أساسها، «لنجعل أزمة النفايات ذات فائدة للمجتمع الجزائري» و هي فكرة جديدة للتصنيع وتندرج في إطار برنامج الحكومة لتنويع الصادرات خارج النفط.
استرجاع النفايات وابتكارات التدوير... في ندوات
كما نظمت على هامش الصالون، أمس الأول، ندوات تم خلالها عرض تقنيات عن كيفية استرجاع النفايات، منها فكرة مصنع الإسمنت، باعتبارها عنصرا أساسيا في تعزيز سلاسل قيم وتثمين وحرق المخلفات، قدمتها مديرة إدارة البيئة والتنمية المستدامة لمؤسسة «لافارج الجزائر»، مبرزة أهمية العملية التي تساهم بصفة كبيرة في الحفاظ على البيئة وضمان محيط نظيف للساكنة.
كما قدمت المديرة العامة لوكالة ترقية وتثمين نتائج البحث العلمي، جملية حليش، ندوة حول نظام دعم «انفريدات» في خدمة التقنيات والابتكارات في مجال إعادة التدوير، مشيرة إلى أن هذه التظاهرة الاقتصادية، تمثل فرصة للمتعاملين الاقتصاديين لربط الاتصالات بين الممونين بالحلول في مجال البيئة، وطالبي هذه الحلول وكذا بحث فرص تطوير الاستثمار في هذا المجال.