مــضــاعــفــة الإنــتــاج بــشــراكــة مــع مــتــعــامــلــين بــولــونــيــين وإيــطــالــيــين

الــــتــــفـــاحُ “الخــــنشــــلــــي”..قــيــمــة غــذائــيــة وثــروة وطــنــيـــة

اسكندر لحجازي

 

بداية توظيف خرّيجي أول دفعة ماستر في الشعبة

تواصل ولاية خنشلة سلسلة نجاحاتها في مجال غراسة وإنتاج فاكهة التفاح، بتربّعها على المراتب الريادية منذ سنوات وعزمها على الاستمرار في تطوير هذه الشعبة التي تشكّل قطبا فلاحيا مشكّلا من 12 بلدية، فبعد نجاح الغراسة الكلاسيكية بدأت ثمار الغراسة الحديثة المكثفة تنمو بشراكة أجنبية محترفة ضامنة لتحقيق مضاعفة الإنتاجية وزيادة الإنتاج وتنويعه في ظلّ المرافقة الدائمة للسلطات المحلية والوصاية بمختلف أنواع من الدعم.

كشف رئيس مصلحة تنظيم الإنتاج والدعم التقني أحمد حمزاوي بمديرية المصالح الفلاحية لولاية خنشلة في حديثه لـ “الشعب”، عن بلوغ المساحة الأرضية المغروسة بأشجار التفاح للموسم الفلاحي الجاري، 7800 هكتار منها 6200 هكتار أشجار مثمرة على اعتبار أنّ شجرة التفاح تعطي ثمار كاملة ابتداءا من السنة الثالثة من الغراسة، وذلك على مستوى 12 بلدية مشكّلة لقطب التفاح بولاية خنشلة وهي بوحمامة، شليا، يابوس، لمصارة، تاوزيانت، قايس، الرميلة، الحامة، طامزة، بابار، خيران والمحمل موازاة مع استمرار خوض عديد الفلاحين بالبلديات الأخرى لتجربة غراسة التفاح، وهو ما يؤهّلها عند بلوغها مرحلة الإنتاج الكامل للثمرة لتصبح مستقبلا بلديات منتجة داخل القطب كبلدية بغاي التي برزت خلال عيد التفاح بعرض منتوج لأحد الفلاحين الشباب.
ومن المتوقّع حسب ذات المسؤول، بلوغ الإنتاج لهذا الموسم الذي تتواصل به حملة جني المحصول بالبساتين والمستثمرات، أكثر من 01 مليون و640 ألف قنطار بما يؤهّل الولاية لاحتلال المرتبة الأولى أو الثانية في الإنتاج وطنيا لهذا الموسم على غرار السنوات الماضية من الإنتاج، حيث لم تنزل خنشلة من المراتب الريادية الأولى أو الثانية منذ نجاح هذه الفلاحة.
منتوج هذا الموسم ينقسم إلى عدّة أنواع كلاسيكية معروفة من هذه الفاكهة 70 بالمائة منها من نوعية “غولدن” و30 بالمائة نوعيات “غالا”، “طوب راد” المسماة بالعامية الكبدة شديدة الاحمرار، ستار كريمسن “رويال” وعدّة أنواع أخرى.     
ويتمّ تسويق منتوج ولاية خنشلة الذي يتوقّع أن يساهم من خلال موسم الجني المتواصل إلى نهاية هذا الشهر، بـ 34 بالمائة من الإنتاج الوطني، عن طريق عدّة آليات أهمّها سوق الجملة الخاصّ بالتفاح المتواجد ببلدية بوحمامة بالمنطقة الجبلية للولاية التي تعدّ القلب النابض لقطب التفاح، حيث يقصدها التجار والمستثمرون من مختلف ولايات الوطن لشراء التفاح بالجملة وتسويقه عبر كافة ولايات الوطن، إلى جانب آلية التسويق عن طريق شراء المستثمرين أو التجار لمنتوج التفاح قبل الجني على مستوى البساتين والمستثمرات، بحيث يقومون بعد شراء منتوج البساتين بجلب العمال لقطفه وتوضيبه ثم نقله وتسويقه بالولايات الأخرى، هذا إضافة إلى طريقة التسويق البسيطة من الفلاحين الصغار إلى المستهلك مباشرة عبر حواف الطرقات.
لنجاح تشكيل قطب التفاح بولاية خنشلة، أثر اقتصادي بالغ الأهمية حيث توفر دورة زراعة التفاح من بداية التحضيرات والاعتناء بالتربة، الغارسة، السقي، الاعتناء بالأشجار ووضع شبكات الوقاية من البرد والجني والنقل وغيرها من متطلّبات الدورة ككلّ، يد عاملة دائمة وموسمية تتجاوز سنويا 16000 عامل من داخل ومن خارج ولاية خنشلة وفقا لنفس المصدر، إضافة إلى الاستثمارات في مجال بناء غرف التبريد، حيث تمتلك ولاية خنشلة عبر البلديات المنتجة لفاكهة التفاح 44 غرفة تبريد بحجم إجمالي وصل إلى 26500 متر مكعب منها ما هو ملك للفلاحين أصحاب المستثمرات ومنها ما هو ملك لمستثمرين عمدوا على بنائها لتأجيرها للفلاحين من أجل حفظ المنتوج.
تحــــديــــد هــــدف بــــلــــوغ 50 بــــــالمــــــائــــة مــــن الإنـــــتــــــاج الـــــوطـــــنـــــــي
كشفت السلطات الولائية خلال فعّاليات عيد التفاح الطبعة الثالثة التي جرت ببلدية بحمامة بتاريخ 26 سبتمبر المنصرم، تسطير ولاية خنشلة عن طريق مديرية المصالح الفلاحية، لهدف الوصول إلى 50 بالمائة للمساهمة في تغطية الحاجيات من منتوج التفاح على المستوى الوطني،   وذلك في ظلّ تدعيم السلطات المركزية واهتمامها بهذه الشعبة بمرافقة أصحاب المستثمرات في المجال والفلاحين ودعمهم بمختلف البرامج التنموية المعزّزة للإنتاج وهو ما يدعو إلى مضاعفة الجهود والعمل على تطوير الشعبة ومسايرة كلّ مستجدات الاستثمار في هذا المجال.
وفي هذا السياق، تحظى شعبة التفاح باهتمام الوزارة الوصية والسلطات المحلية والمتابعة المستمرّة للإنتاج ومرافقة الفلاحين، من خلال دعمهم بالعتاد وبالقروض “القرض الرفيق” والدعم التقني حيث استفادت عشرات المستثمرات بانجاز الآبار العميقة وتجهيزها وكذا إقامة الحواجز المائية لفائدة أصحاب البساتين، إضافة إلى بناء الأحواض المائية وشراء عتاد السقي بالتقطير وبعض الأجهزة المقتصدة للمياه والشبكة للفلاحين، هذا مع ملاحظة تزايد في تغطية المساحة المزروعة المنتجة للتفاح بالشبكة المضادّة للبرد بحيث أضحى الفلاح يقتنيها بإمكاناته الخاصّة بعد توقيف الدولة لهذا النوع من الدعم الذي برزت خصائصه بشكل جلي في حماية الثمار في فترات تساقط البرد إذ وصلت المساحة المغطاة إلى 4130 هكتار.
من أهم أشكال دعم الدولة للفلاحة في مجال غراسة التفاح بولاية خنشلة، استفادة ولاية خنشلة من منشأة جدّ هامة متمثلة في السوق الجهوي للتفاح لفائدة منتجي ولايتي خنشلة وباتنة كأول مشروع لتسويق التفاح بالجملة بلدية بوحمامة، حيث تم تشييده وتجهيزه بنسبة 100 بالمائة ومن المتوقّع تسليمه إلى المؤسّسة العمومية الاقتصادية لإنجاز وتسيير أسواق الجملة “ماقرو” المختصّة في هذا المجال لتسييره بصفة جيدة كونه مكسبا هاما ويلعب دورا اقتصاديا مهما من حيث تسويق المنتوج بأريحية وفي الظروف وبالمعايير المطلوبة، حيث أنّه مزوّد بغرف التبريد وكافة تجهيزات التسويق السليم.
تندرج هذه المنشأة ضمن البرنامج التنموي التكميلي الممنوح لولاية خنشلة من طرف الحكومة في الشقّ المتعلّق بقطاع التجارة، وتمّ تشييدها ببلدية بوحمامة حتى تكون مكانا لتسويق منتوجات الفلاحين من هذه الفاكهة بالجملة لمنتجي ولايتي خنشلة وباتنة بعد اختيار موقع مناسب لها بالمنطقة الجبلية للولاية الممتدّة سلسلتها إلى ولاية باتنة أين تتكاثر بساتين إنتاج التفاح وتتزايد مع مرور السنوات.
تمّ صرف غلاف مالي معتبر لهذا السوق تجاوز 500 مليون دينار أيّ 50 مليار سنتيم، وانطلقت الأشغال به خلال شهر جوان من سنة 2022 وشملت إنجاز الحصة الأولى المتضمّنة جناح الإدارة، ملحقات، مستودع للتخزين وآخر للتبريد ثمّ الحصة الثانية وهي بهو العرض به أجنحة ومغطى ومعدّات الوزن.
ويتميّز مكان إنجاز هذا السوق بعدّة خصائص حيث تمّ اختيار الأرضية بعناية عند مخرج بلدية بوحمامة وبجانب الطريق الذي يربط جميع البلديات التابعة لدارة بوحمامة وهي شيليا، لمصارة، يابوس وبوحمامة وهي كلّها منتجة للتفاح، إضافة إلى قربه من بلديات دائرتي اشمول وكيمل المشتهرتين بمنتوج غزير ومتنوّع والتابعتين لولاية باتنة على بعد 20 كلم، حتى يكون سوقا ناجحا وقريبا سهل الولوج من طرف كافة منتجي هذه الفاكهة.
مـــــواصـــــلـــــة إنجـــــاز الحـــــواجــــــز المـــــائــــــيــــــة والــــــطـــــرقـــــــــات
 تواصل الدولة رصد مبالغ مالية معتبرة لزيادة الإنتاج وتطويره وتوسيع المساحة المزروعة لأشجار التفاح، وذلك من خلال مباشرة إجراءات دراسة وتسجيل عمليات تنموية جديدة لفائدة فلاحي المنطقة في إطار البرنامج الاستعجالي الذي أقرّه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبّون لولاية خنشلة، خلال زيارته للولاية نهاية شهر ماي المنصرم، خاصّة منها ما يتعلّق بإنجاز الحواجز المائية تدعيما للسقي الفلاحي ومجابهة الإجهاد المائي الذي تعاني منه المنطقة الجبلية كأبرز عائق من عوائق الشعبة.
 وهو ما أكّدته مرارا السلطات العمومية ردّا على انشغالات الفلاحين المطروحة والمرتكزة أساسا حول إنشاء الحواجز المائية والمسالك الفلاحية والدعم بشبكات الحماية من البرد، ملتزما بأنّه سيتم التكفل بها بعد دراستها ضمن البرنامج التكميلي الاستعجالي، مبرزا الدور الكبير الذي يقوم به الفلاحون ومجهوداتهم، ومثمّنا الخبرة الذي اكتسبها هؤلاء في مجال إنتاج التفاح خاصّة خوضهم لتجربة إدخال تقنيات جديدة في شعبة التفاح وتنويع الإنتاج بشراكة أجنبية مبنية على أسس علمية من أجل الوصول إلى الأهداف المسطّرة برفع الإنتاج إلى أكثر من 02 مليون قنطار العام المقبل.
   تصنّف ولاية خنشلة كولاية رائدة في مجال تطوير شعبة التفاح من خلال إدخال واعتماد تقنية تكثيف غراسة الأشجار بتأسيس تعاونيتين فلاحيتين بشراكة بولونية وإيطالية، حيث تعدّ دولتي بولونيا وإيطاليا رائدتان عالميا في إنتاج فاكهة التفاح وتطوير الشعبة، وهي التجربة التي طبقت قبل سنوات وأعطت نتائج ناجحة تنبّأ بمستقبل زاهر في مجال تطوير الغراسة بولاية خنشلة.
  وتمّ حسب مصلحة تنظيم الإنتاج والدعم التقني، إنشاء التعاونيتين تحت تسمية، الأولى “تعاونية الأوراس لمصارة” بشراكة مع الإيطاليين والثانية مسماة “تعاونية تفاح بوحمامة” بشراكة مع البولونيين، وهي شراكة وفقا لعقد رسمي بعدّة بنود أهمّها اعتماد شراء الشتلات من الشركاء الأجانب مقابل الإشراف على غراستها ونموّها وتقديم المرافقة التقنية والإرشاد والتكوين للفلاحين حول هذه التقنية التي يتزايد عدد الفلاحين المنخرطين في إطارها من سنة إلى أخرى نظرا لمميّزاتها وفعّاليتها المرتكزة على رفع الإنتاجية.
تــــكــــثـــــيـــــف الـــــغـــــراســـــة المــــكـــثــــفــــــة
من أهمّ مميّزات الغراسة المكثفة للتفاح مضاعفة غراسة الأشجار في الهكتار الواحد أيّ تكثيفها، حيث تجاوز 3000 شجيرة بدل غراسة 400 شجيرة في الهكتار الواحد بالطريقة الكلاسيكية، وهو ما يجعلها مقتصدة للمياه كعامل مشجّع ومساهم في مقاومة الإجهاد المائي وانخفاض مستوى طبقة المياه الجوفية في بعض المناطق بالولاية، ناهيك عن مميّزات الشتلات المستوردة من بولونيا وإيطاليا من حيث مقاومتها للأمراض والطفيليات ودخولها للإنتاج في نفس الموسم، وهي تجربة مفتوحة على كلّ البلديات من خنشلة ومن الولايات الأخرى للراغبين في خوض هذه التجربة في إطار التعاونيتين المذكورتين.
وفي هذا السياق، كشف رئيس “تعاونية تفاح بوحمامة” ناصري ياسين لـ«الشعب”، أنّ عدد الفلاحين المنتجين للتفاح المنضمّين للتعاونية بلغ 120 منخرط عبر ولايات خنشلة تبسة وباتنة على مساحة تجاوزت 300 هكتار، بحيث يحضى هؤلاء الفلاحين بزيارة مهندسي المتعامل البولندي “ارنوغروب” وفقا لشراكة “رابح رابح” في إطار التعاونية من 05 إلى 06 مرات في السنة لبساتينهم ومستثمراتهم لمتابعة الغراسة وإرشادهم وتلقينهم لتقنياتها بما يضمن نجاح هذه التقنية التي تجعل الشجيرة تنتج من عامها الأول بدلا من 03 سنوات في الغراسة الكلاسيكية.
وأضاف ذات المصدر، أنّ مستوى الإنتاج بلغ بعد العام الثاني من الغراسة في الزراعة المكثفة 150 قنطار في الهكتار ومن المتوقع أن تصل إلى أكثر من 600 قنطار في الهكتار في العام الرابع بما يدعو إلى الانخراط في هذه التقنية وخوض التجربة التي تضمن مرافقة تقنية محترفة ومضاعفة الإنتاج وتنويعه، مع الإشارة إلى اعتماد التعاونية لإنتاج أصناف جديدة من التفاح خاصّة ذات اللون الجذّاب التي تستهوي المستهلك الجزائري مثل “ديفيل غالا”، “غولدن بارسي”، “رواط كينغ ديليسيوز” وغيرها من الأصناف الحديثة.  
كما أشار محدّثنا إلى مساهمة التعاونية في تكوين طلبة جامعة الشهيد “عباس لغرور” لولاية خنشلة ضمن اختصاص شعبة غراسة التفاح التي استحدثت بالجامعة تكيّفا مع إمكانات الولاية في هذا المجال وجعل الشعبة محلّ اختصاص بالجامعة، خاصّة بعد نجاح تجربة الزراعة المكثفة، ليتمّ بعد تخرّج الطلبة الموسم الماضي توظيف متخرّجين في هذا الاختصاص على مستوى التعاونيتين البولندية والإيطالية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19654

العدد 19654

الأحد 22 ديسمبر 2024
العدد 19653

العدد 19653

السبت 21 ديسمبر 2024
العدد 19652

العدد 19652

الخميس 19 ديسمبر 2024
العدد 19651

العدد 19651

الأربعاء 18 ديسمبر 2024